عن الحوارات حول {مراجعة} مهمة التحالف الدولي

آراء 2024/01/31
...







 عبد الحليم الرهيمي


بعد أن دعت الظروف والاحداث الأمنية والسياسية المعقدة في العراق إلى اعادة النظر في وضع تواجد ‏التحالف الدولي لمحاربة داعش، كثفت حكومة السوداني من حواراتها مع قادة هذا التحالف وقيادته الولايات  ‏المتحدة الاميركية، وذلك لـ (مراجعة) مهمة تواجد هذا التحالف بعد رأي ودراسة معمقة وحريصة وبروح وطنية ‏عالية لمصلحة العراق والعراقيين.‏

وتأسيساً على ذلك انطلقت يوم السبت الماضي في بغداد المصادف 27 من الشهر الحالي، الجولة الاولى ‏للحوار بين العراق وممثلي التحالف الدولي والذي تقوده الولايات المتحدة. وجاء في بيان المكتب الاعلامي ‏لرئاسة الحكومة، أن السوداني رعى أعمال اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف لمراجعة ‏مهمة هذا التحالف لمحاربة داعش، وسيتولى عسكريون متخصصون هذه المهمة. وبعد هذا الاجتماع ستبدأ ‏اعمال اللجنة العسكرية العليا (‏HMC‏) على مستوى ثلاث مجاميع هي: مستوى التهديد الذي تمثله داعش، ‏والمتطلبات العملياتية والظرفية، وتعزيز القدرات المتنامية للقوات الأمنية العراقية. ‏

  في ضوء هذه (المراجعة) سيصار إلى صياغة جدول زمني محدد لتحديد ‏مصير المهمة العسكرية لهذا التحالف والانتقال بعد ذلك إلى أقامة علاقات أمنية ثنائية بين العراق والولايات ‏المتحدة، وكذلك إلى علاقات شاملة مع هذه الدول، مع الالتزام باتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين ‏العراق والولايات المتحدة عام 2008، والالتزام كذلك  بسلامة مستشاري التحالف اثناء مرحلة التفاوض في كل ‏أرجاء البلاد والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي ومنع التصعيد. السوادني الذي رحب بهذا الاتفاق اكد بأنه ‏ثمرة جهود عام من الحوار المشترك ويعد جزءاً من وفاء الحكومة بتأدية برنامجها الحكومي والتأكيد على رغبة ‏العراق الانتقال إلى علاقات شاملة على أسس التعاون والصداقة الدولية مع الدول الاعضاء في التحالف وفي ‏مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية.‏

هذا التوجه الحكومي الذي استند وسيستند أيضاً على اعمال ودراسة اللجنة العسكرية العليا (‏HMC‏)، و‏كذلك إلى رأي ودراسة معمقة وحريصة لقيادات الجيش والاجهزة الامنية المختصة والتي تقوم على اساس رؤية ‏عراقية وطنية شاملة تضع مصلحة العراق، وشعبه أمامها أولاً وقبل مصالح الآخرين من داخل العراق وخارجه.‏

ورغم أن هذا التوجه وأهمية الحوادث التي جرت وستجري مع التحالف الدولي حول مصير مهمة تواجده في ‏ضوء الظروف والضرورات الوطنية، فلن يكون سهلاً تحقيقه دون مثابرة وعزيمة قوية في مواجهة العراقيل ‏والتناقضات في المواقف أمامه، سواء من قادة اميركيين أو من بعض الفصائل المسلحة في الداخل التي تعلن ‏رفضها لكل المفاوضات الجارية ونتائجها، وأنها ستواصل اعمالها المسلحة حتى بعد انسحاب قوات التحالف، ‏ضد المؤسسات الاميركية بالعراق! ‏

وفي موازاة ذلك، سربت في وسائل الاعلام ومن مصادر وصفت بـ (الموثوقة) بعض مضامين الرسالة المهمة ‏و(التحذيرية)، التي وجهتها الولايات المتحدة للحكومة العراقية وتأكيد وزير الخارجية السيد فؤاد حسين على ‏تسليمها للسيد السوداني وفريقه لدراستها بعناية ودقة واتخاذ الموقف المناسب بشأنها. ومما اشارت اليه الرسالة ‏أن طريقة الجدولة الزمنية (ستترتب عليها التزامات) وأنه (لو حصل فأنه لن يوقف الهجمات الرادعة ‏للمجموعات المسلحة). غير ان هذه المصادر أوضحت لصحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية ان ‏الرسالة (واضحة في أن واشنطن لا تمانع في الانتقال إلى مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية غير ان سحب ‏القوات “ بأي ثمن “ لن يوقف الهجمات الرادعة لنشاط المجموعات المسلحة طالما انها تسهم في ‏زعزعة أمن المنطقة ).‏

وحسب تلك المصادر تذكر الصحيفة بأن (واشنطن شجعت بغداد خلال الرسالة على فهم وأدراك تبعات ‏الانسحاب بما في ذلك الالتزمات المالية والاقتصادية التي تربط البلدين)، إذ يودع العراق عائداته النفطية في ‏حساب مصرفي تسيطر عليه وزارة الخزانة الاميركية منذ عام 2003 عملا”ً بقرار مجلس الامن المرقم 1483 ‏‏.‏

وأزاء هذه التوقعات وما ورد في الرسالة وتعدد الرؤى الأميركية من جهة وعدم التزام بعض الفصائل المسلحة ‏بما تراه الحكومة بمطالبتها تركيز هجماتها من خارج العراق من جهة ثانية، يبدو الوضع شديد التعقيد ‏والخطورة، ويستلزم بذل المساعي والجهود لاتخاذ المواقف العملية المحسوبة ليس من الحكومة فقط انما من ‏جميع مؤسسات الدولة والجماعات السياسية داخل وخارج السلطة والحرص على ان تكون مواقف وحسابات صائبة ووطنية مسؤولة ‏لتجنب دفع العراق وشعبه لتبعات مؤلمة لأي مواقف خاطئة تدفع العراق، كما يعتقد محللون متابعون للشأن ‏العراقي إلى المصير، الذي واجه ويواجه سوريا ولبنان وايران حتى من مصائر مظلمة لا يتمنى احد من ‏المخلصين الوصول اليها.