عبد الحليم الرهيمي
بعد أن دعت الظروف والاحداث الأمنية والسياسية المعقدة في العراق إلى اعادة النظر في وضع تواجد التحالف الدولي لمحاربة داعش، كثفت حكومة السوداني من حواراتها مع قادة هذا التحالف وقيادته الولايات المتحدة الاميركية، وذلك لـ (مراجعة) مهمة تواجد هذا التحالف بعد رأي ودراسة معمقة وحريصة وبروح وطنية عالية لمصلحة العراق والعراقيين.
وتأسيساً على ذلك انطلقت يوم السبت الماضي في بغداد المصادف 27 من الشهر الحالي، الجولة الاولى للحوار بين العراق وممثلي التحالف الدولي والذي تقوده الولايات المتحدة. وجاء في بيان المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة، أن السوداني رعى أعمال اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف لمراجعة مهمة هذا التحالف لمحاربة داعش، وسيتولى عسكريون متخصصون هذه المهمة. وبعد هذا الاجتماع ستبدأ اعمال اللجنة العسكرية العليا (HMC) على مستوى ثلاث مجاميع هي: مستوى التهديد الذي تمثله داعش، والمتطلبات العملياتية والظرفية، وتعزيز القدرات المتنامية للقوات الأمنية العراقية.
في ضوء هذه (المراجعة) سيصار إلى صياغة جدول زمني محدد لتحديد مصير المهمة العسكرية لهذا التحالف والانتقال بعد ذلك إلى أقامة علاقات أمنية ثنائية بين العراق والولايات المتحدة، وكذلك إلى علاقات شاملة مع هذه الدول، مع الالتزام باتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة عام 2008، والالتزام كذلك بسلامة مستشاري التحالف اثناء مرحلة التفاوض في كل أرجاء البلاد والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي ومنع التصعيد. السوادني الذي رحب بهذا الاتفاق اكد بأنه ثمرة جهود عام من الحوار المشترك ويعد جزءاً من وفاء الحكومة بتأدية برنامجها الحكومي والتأكيد على رغبة العراق الانتقال إلى علاقات شاملة على أسس التعاون والصداقة الدولية مع الدول الاعضاء في التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية.
هذا التوجه الحكومي الذي استند وسيستند أيضاً على اعمال ودراسة اللجنة العسكرية العليا (HMC)، وكذلك إلى رأي ودراسة معمقة وحريصة لقيادات الجيش والاجهزة الامنية المختصة والتي تقوم على اساس رؤية عراقية وطنية شاملة تضع مصلحة العراق، وشعبه أمامها أولاً وقبل مصالح الآخرين من داخل العراق وخارجه.
ورغم أن هذا التوجه وأهمية الحوادث التي جرت وستجري مع التحالف الدولي حول مصير مهمة تواجده في ضوء الظروف والضرورات الوطنية، فلن يكون سهلاً تحقيقه دون مثابرة وعزيمة قوية في مواجهة العراقيل والتناقضات في المواقف أمامه، سواء من قادة اميركيين أو من بعض الفصائل المسلحة في الداخل التي تعلن رفضها لكل المفاوضات الجارية ونتائجها، وأنها ستواصل اعمالها المسلحة حتى بعد انسحاب قوات التحالف، ضد المؤسسات الاميركية بالعراق!
وفي موازاة ذلك، سربت في وسائل الاعلام ومن مصادر وصفت بـ (الموثوقة) بعض مضامين الرسالة المهمة و(التحذيرية)، التي وجهتها الولايات المتحدة للحكومة العراقية وتأكيد وزير الخارجية السيد فؤاد حسين على تسليمها للسيد السوداني وفريقه لدراستها بعناية ودقة واتخاذ الموقف المناسب بشأنها. ومما اشارت اليه الرسالة أن طريقة الجدولة الزمنية (ستترتب عليها التزامات) وأنه (لو حصل فأنه لن يوقف الهجمات الرادعة للمجموعات المسلحة). غير ان هذه المصادر أوضحت لصحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية ان الرسالة (واضحة في أن واشنطن لا تمانع في الانتقال إلى مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية غير ان سحب القوات “ بأي ثمن “ لن يوقف الهجمات الرادعة لنشاط المجموعات المسلحة طالما انها تسهم في زعزعة أمن المنطقة ).
وحسب تلك المصادر تذكر الصحيفة بأن (واشنطن شجعت بغداد خلال الرسالة على فهم وأدراك تبعات الانسحاب بما في ذلك الالتزمات المالية والاقتصادية التي تربط البلدين)، إذ يودع العراق عائداته النفطية في حساب مصرفي تسيطر عليه وزارة الخزانة الاميركية منذ عام 2003 عملا”ً بقرار مجلس الامن المرقم 1483 .
وأزاء هذه التوقعات وما ورد في الرسالة وتعدد الرؤى الأميركية من جهة وعدم التزام بعض الفصائل المسلحة بما تراه الحكومة بمطالبتها تركيز هجماتها من خارج العراق من جهة ثانية، يبدو الوضع شديد التعقيد والخطورة، ويستلزم بذل المساعي والجهود لاتخاذ المواقف العملية المحسوبة ليس من الحكومة فقط انما من جميع مؤسسات الدولة والجماعات السياسية داخل وخارج السلطة والحرص على ان تكون مواقف وحسابات صائبة ووطنية مسؤولة لتجنب دفع العراق وشعبه لتبعات مؤلمة لأي مواقف خاطئة تدفع العراق، كما يعتقد محللون متابعون للشأن العراقي إلى المصير، الذي واجه ويواجه سوريا ولبنان وايران حتى من مصائر مظلمة لا يتمنى احد من المخلصين الوصول اليها.