شرق الملفات المفتوحة

قضايا عربية ودولية 2024/02/01
...

علي حسن الفواز

تتسع خيارات الحرب، مثلما يبحث كثيرون عن خيارات أخرى، مضادة للسلام أو للاستسلام، وما بين خياراتِ الاتساع وضده تصطخب مجريات الواقع السياسي في الشرق الأوسط، وتُفتح الأبواب لمُتغيراتٍ كثيرة، وربما لخيارات أكثر، لكنها ستظل جميعها مرهونة بمعطيات ما تصنعه السياسة، وما ستذهب إليه الاجراءات الاميركية في تعاطيها مع ما يجري، لاسيما وسط ضغوط تتعرض لها المصالح الأميركية في المنطقة، ووسط استمرار العدوان الصهيوني على غزة.
زيارة وزير الخارجية الأميركي الأخيرة إلى المنطقة، قد تفتح بعض هذه الملفات، وقد تذهب إلى تسخين الأجواء، وإلى ما يشبه المواجهة العسكرية، وهي مواجهة ليست سهلة، لأنها تعني تفجير كلّ حقول الألغام، وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة صراع دولي، وإلى وضع الكيان الصهيوني تحت مرمى قوى جديدة، لم يألف وجودها الضاغط تاريخ الصراع العسكري في المنطقة..
زيارات بلينكن السابقة، وإنْ تعددت، كانت تضع الحلول الدبلوماسية بعيداً عن الطاولة، وتذهب إلى خيارات تقوم على "صناعة الأزمات" وإلى تضخيم فكرة العدو السياسي، والعدو الاأيديولوجي، لكنّ هذه الزيارة قد تختلف عن بعضها، لأنها تجري وسط أزمات معقدة، وتصاعد غير مسبوق لتغيير معادلات الصراع في المنطقة، مثلما تكشف عن حرجٍ أميركي فاضح، بسبب سياستها في المنطقة، وفي نظرتها للشرق الأوسط الخارجة عن الحياد، وبما يجعلها منحازة إلى الكيان الصهيوني بشكلٍ كامل، وإلى تعزيز عسكرة الدبلوماسية، ومنع أيّ خيار لإيقاف إطلاق النار في غزة، وبرغبة تقوم على دعم الحلِّ العسكري، وتوظيف نتائجه في الحلول السياسية المؤجلة.
ما قاله بلينكن بأن الوضع في الشرق الأوسط هو الأخطر منذ عام 1973 يكشف عن حدود هذا الخطر، وعن طبيعة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني المُهدد بحروب مفتوحة، وعبر جبهات متعددة، وبقطع النظر عن ما يجري في كواليس الوساطات لمعالجة ملف أسرى الكيان، والبحث عن خطة "قطرية" تخصّ وضع هذا الملف في سياق مراحل- غير مُتفق عليها- لإيقاف إطلاق النار، فإن الأخطار المتفاقمة هي ما تضع جغرافيا الشرق الأوسط السياسي أمام أفقٍ غائم، وأمام تدخّلات دولية تخلط الأوراق، وتضع أوروبا إزاء مآزق اقتصادية وسياسية كبيرة، لاسيما مع تدهور الأوضاع في أوكرانيا، وتنامي الهيمنة التجارية للصين، والشراهة السياسية لروسيا البوتينية.