علي حسن الفواز
إصرار الولايات المتحدة على منع إيقاف دائم لإطلاق النار في العدوان على غزة يُثير أسئلة كبيرة ومريبة، ويكشف عن الموقف السافر لها في دعم استمرار هذا العدوان، وتحت مسوغات تدخل في سياق غرائبية التوصيف الأمني لهذا العدوان المتوحش والذي تجاوز الـ 100 يوم.
تكرر الاستخدام الأميركي لـ"حق النقض / الفيتو" ضد وقف إطلاق نار دائم لأسباب إنسانية، يدخل في سياسة "الإرجاء" لتغطية العجز الصهيوني، وربما يدخل في حسابات انتخابية للرئاسة الأميركية، لكنه بالمقابل يواجه رفضاً شعبياً واحتجاجات متواصلة، مثلما يضع علامات استفهام حول التفسير الأميركي لمصطلح "المجتمع الدولي" وحول السياق الذي يتحرك فيه، فوسط "15" من أعضاء مجلس الأمن وافق "13" عضواً على مشروع القرار الأخير الذي أعدته الجزائر، مع التحذير من النتائج الكارثية التي قد يُسببها أيّ عدوان صهيوني عسكري على رفح، ولأهدافٍ "جيوديموغرافية" ترتبط بـ"اطروحات صهيونية" حول سياسة تهجير للفلسطينيين من غزة.
يأتي هذا "الفيتو الأسود" ضد وقف إطلاق النار في إطار سياسات فاضحة، وتوجهات تفرض واقعاً ضاغطاً على مجلس الأمن، وتحجيماً لدوره في التعاطي مع القضايا الإنسانية الحرجة، والأزمات الكبرى، وهو ما بدا واضحاً في الجدل الذي أثاره عدد من ممثلي الدول الأعضاء في المجلس، وبما يجعل من "ورقة الفيتو" وكأنها عصا تهديد "امبريالية" تحمل معها مركزية " العقل الغربي" وسلطته في فرض الطاعة على الآخرين، إذ يربط الموقف الأميركي بين وقف اطلاق النار والمصالح الصهيونية، دفاعاً عن سياستها الشوهاء، وعن فشلها في تغيير معادلات الصراع على الأرض، وخرق الواقع المقاوم في غزة، رغم استمرار جريمة العدوان، ووصول أعداد الشهداء إلى 30 ألف شهيد. الاصرار الأميركي على إحباط أي موقف رادع للعدوان، والاكتفاء بالدعوة إلى "هدنة" أو إلى "إيقاف مؤقت" لإطلاق النار يحمل معه أهدافاً سياسية غامضة، ويكشف عن مساومات تسعى إلى فرضها، وبالاتجاه الذي يرفع عن الكيان الصهيوني حرج الفشل السياسي والأمني والعسكري، ويجعل من هذا "الفيتو الأسود" الذي تكرر لأربع مرات فضيحة كبيرة، شاطرتها حليفتها بريطانيا بالامتناع عن التصويت، وهو موقف متردد وخجول أمام الإرادة الدولية التي تطالب بوقف المجزرة، وتعرية السياسات العنصرية والدامية للكيان الصهيوني.