بغداد: هدى العزاوي
منذ دخول العراق في العهد الجديد بعد سقوط الدكتاتورية في 2003، أعلنت الحكومات المتعاقبة نيتها الانتقال من النظام الورقي بما فيه من هدر للوقت وشبهات فساد ومحسوبية ونهب للمال العام إلى نظام الأتمتة عبر بوابة الحوكمة الإلكترونية في جميع دوائر ومؤسسات الدولة، وبينما بقيت تلك الإعلانات حبراً على ورق، يحدو العراقيين الأمل خلال حكومة السوداني الحالية بتطبيق هذا النظام في دوائر وهيئات مثل المنافذ الحدودية والجمارك والضريبة ما يوفر لخزينة الدولة أموالاً طائلة تقدّرها جهات "شبه رسمية" بـ12 مليار دولار سنوياً، بينما تقدرها الجهات الرسمية بـ7 مليارات دولار سنوياً.
وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديث لـ"الصباح": إن "السير بأتمتة المنافذ الحدودية والنقاط الجمركية في تغطية استيرادات البلاد السنوية بالكامل بتلك النظم والإجراءات الرقمية من خلال السيطرة على منافذ البلاد (الحدودية والجمركية) الجوية والبرية والبحرية، والتي تتدفق إليها المواد الاستيرادية من السلع والبضائع المختلفة والتي تلامس قيمتها السنوية ما يقرب من 60 مليار دولار بالمتوسط، والتي تهيمن عليها استيرادات القطاع الأهلي أو الخاص بنسبة تزيد على 65 بالمئة منها، سيوفر لبلادنا بلاشك عدة منافع" .
وبيّن، أن "تلك المنافع تتمثل بما يلي: 1- الحد من التهرب من الرسوم الجمركية والضريبية، وذلك لتوافر القدرة والدقة لمعرفة تفاصيل المواد المستوردة وتطابقها مع شهادة المنشأ وفواتير الشراء مما يعظم من الإيرادات العامة وتحديداً الإيرادات الجمركية أو ما يسمى بالضرائب غير المباشرة، 2- توافر المعلومات التفصيلية عن المحتوى الاستيرادي من خلال دقة النظام الرقمي في الكشف الذي يوفر المقومات المطلوبة الابتدائية من السيطرة النوعية والسلعية وتجنُّب دخول سلع محظورة إلى بلادنا، 3- الحد من التداخل البشري في عمليات الرقابة والتقييم والترسيم وما يترتب عليها أحياناً من مخالفات تتنافى والنظام القانوني بين أطراف العلاقة" .
وأضاف صالح، أنه "فضلاً عن المنافع السابقة؛ يوفر النظام الرقمي قاعدة معلومات إحصائية تفصيلية عن تجارة بلادنا الخارجية بالكم والنوع بدقة أكثر، وكذلك توافر السرعة في إنجاز المعاملات الجمركية ما سيقلل من كلف المعاملات التجارية والذي ينعكس إيجاباً على قيمة السلع والبضائع في أسواق بلادنا ."
من جانبه، قال المحلل في الشأن السياسي، عمر الناصر، في حديث لـ"الصباح": إن "الدول العظمى تميل دوماً لمواكبة التقدم التكنولوجي لأجل دفع عجلة الاقتصاد لديها إلى الإمام وحماية أمنها ودخلها القومي من خلال اتباع ستراتيجية خفض النفقات وتعظيم الإيرادات، وهذا لا يتم إلا من خلال جعل الحوكمة جزءاً لا يتجزأ من هيكل بناء دولة المؤسسات" .
وأكد، أن "الأتمتة والتحول الرقمي في قطاع الجمارك والمنافذ الحدودية؛ سيحقق وثبات وقفزات اقتصادية واستقراراً في مختلف الأصعدة على المدى القريب والبعيد، وسيُسهم كلياً بالحد من استشراء الفساد في هذا المفصل ويقطع الطريق أمام الهدر والعبث بالمال العام، لما لذلك من أثر إيجابي يكمن بأهمية تحقيق الحماية قبل الجباية، بمعنى حماية الدولة والمجتمع والاقتصاد العراقي من البضائع الممنوعة والمشبوهة والمهرَّبة وغير الصالحة للاستهلاك والاستخدام" .
وأضاف، أن "هذا الهدف سيتحقق بشكل تلقائي من خلال ورود البيانات الجمركية إلى نظام المعلومات الإلكتروني قبل وصول البضائع، مما ينعكس إيجاباً على كشف جميع التفاصيل والمعلومات الخاصة بكل ما هو مستورد بشكل دقيق دون محاباة أو إرباك أو تأخير" .
ونوّه الناصر، بأن "من يطّلع على الدعم المنقطع النظير من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لهيئة الجمارك؛ سيجد هنالك قفزة وتحسناً كبيراً وواضحاً، ويتجلى ذلك من خلال تقارير الهيئة في عام 2023، والزيادة في إيرادات بعض المنافذ الحدودية التي طبّقت نظاماً إلكترونياً محلياً، وهذا يعد إنجازاً يحسب بنهاية المطاف لحكومة السوداني كجزء من سلسلة النجاحات في تنفيذ بنود المنهاج الحكومي" .
تحرير: محمد الأنصاري