ا. د. عماد مكلف البدران
مما لا شك فيه أن ادارة العالم السياسية المعاصرة، مازالت بيد التقنية السياسية والدبلوماسية والتكنولوجيا الغربية، اذا أجاز لنا التعبير، منذ أيام الاستكشافات الجغرافية وعصور الاستعمار، لا سيما عصر الاستعمار البريطاني والآن حكومة أمريكا العالمية، ونظامها العولمة ومجتمع القرية الواحدة، بيد أنه من المفيد أن ابدأ الكلام بمن تحدى هذه الامبراطوريات، وحاول جاهداً قهرها، حينما امتلك زمام القوة التكنولوجية والاقتصادية والسياسية، وقدم نفسه نصيراً للشعوب الرافضة للاستعمار والطبقات الكادحة العالمية، ودعا من خلال ايديولوجيته الشيوعية إلى نصر طبقي تقوده طبقة العمال بقيادة حزبها السياسي الشيوعي تحت شعار (يا عمال العالم اتحدوا)، انه الاتحاد السوفيتي الذي قدم انموذجاً للنظرية الواحدة الشيوعية المركزية القوية الدكتاتورية ذات الاغراءات الفكرية المعقدة والاقناع المرتفع في مجموعة افكار اقتصادية حول مجتمع الفقراء وتذويب الطبقات والعدالة والخلاص من الاستعمار والاحتكار الخ، وفي صراع الاعلام والدعايات بدأت تظهر الافكار الغريبة العجيبة في محاولات لجذب الشعوب لاحد المعسكرين الشرقي السوفيتي والغربي الامريكي، فبإصرار استمر الغرب يعرض بضاعته المعتادة وراح يقويها ويبتكر ادوات اعلامية متطورة نفسياً وسلوكياً وبتقنيات متطورة، اذ استعملوا مفهوم الحرية ومفاهيم الديمقراطية والرخاء والتقدم التكنلوجي، لتقديم اغراءات الجذب إلى أن شهدت عقود ما بعد الحرب العالمية الثانية انتشاراً واسعاً للمدارس العبثية، فكانت سياسة المعسكرين التنافسية، تنتج أمراضاً اجتماعية خطيرة، وكأن مختبراتهم الاعلامية والفكرية المتصارعة، تُصدر فيروسات خطيرة معدية ابشع نتاجاتها تزايد عدد الملحدين واعداء القيم، وهكذا مضت المدارس العبثية في طروحاتها الفكرية التي لم تعد معقدة وتلقفها الشباب لتولد مقاومة شديدة وعداء للقيم والنواميس والتقاليد، وعلى الرغم من أن بعضها نجح في تعرية القيم البالية والتافهة التي ليس لها قيمة، إلا أن تمادي الطرح كاد يؤدي بالمجتمعات، ويهلكها لا سيما الجاهلة منها التي نجحت جحافل المعسكرين بغسل أدمغة شعوبها واقتيادهم مثل العميان إلى وحلها، المنطقة التي انتجتها فيروساتهم الفكرية، لتتعرى المرأة وينحرف الرجل لتلوح بالأفق سياسة جديدة اجد من الانسب تسميتها بسياسة (التدويخ)، التي بدأت في عبثية مع عقد سبعينات القرن المنصرم، بدءاً بالأزياء وتصاميمها الغريبة وألوانها غير المنسقة، فضلاً عن استعمال الألفاظ البذيئة بكثرة كما في أغاني الراب واحتدام نقاشات المدرسة الوجودية والتجريبية وتصاعد حمى الالحاد، وانا ممن استهوتهم مدرسة ألوان السبعينيات النابضة بالحياة وثقافة الطرح الفكري ما ان نضجت واجتزت طفولة السبعينات، فقد ظلت عالقة في ذهني الا ان رادع الهوية والقيم كان قوياً بحيث احتفظ بأناقة ذلك العقد وثقافته، ونحى عبثية الافكار التي أدركت مغزاها اليوم.
إن الإعلام الغربي والشرقي السوفيتي كانا يُسوقان لتدويخ الشباب، وها هي صفحة جديدة من (التثويل) الذي يمنح الغرب الهيمنة القيمية، ففي جزئها المتقدم نشهد فكرة، وربما فلسفة لها قواعد هم يعرفون أبعادها ومعطياتها أنها (الجندرية) الانتماء الاجتماعي للنوع العبثي، حيث اللعب بأذهان الشباب وتدويخهم لمسخ هويتهم التكوينية، التي ارادها الخالق عز وجل، فمرة ينتقل الرجل إلى عالم النساء جسدياً واجتماعياً وفكرياً والعكس موجود، وهو انتقال المرأة لعالم الرجال والادهى، والامر انتقال الاثنين إلى عالم الحيوان ومجتمعه الغرائزي وهما يقلدان مجتمع الكلاب مثلاً، اذاً هي سياسة الهاء وتدويخ جديدة ليتفرغ الغرب لحكم العالم وقيادته وليس هذا فحسب، بل هو نشاط روسي لعودة مجيدة نحو دعم الخلايا النائمة الشيوعية، حيث تعمل القيادة الروسية لدعم اذرعها النائمة القديمة، من أجل اعادة الصراع مع الغرب، ومن ثم إعادة إنتاج الفكر الشيوعي القديم،وستُعاد فكرة انتاج الفيروسات العبثية للمدرستين الشيوعية والليبرالية، اما نحن فدائخون مع وجود هروب من هوية اسلامية وعربية، بسبب الارهاب والتخلف العشائري.