إلى الراضين عن أنفسهم فقط

آراء 2019/05/27
...

حسين الصدر 
 

 - 1 - 
روي عن الامام الهادي أبي الحسن الثالث (ع) انه قال :
{ من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه } 
والسؤال الآن :
من هم الراضون عن أنفسهم ؟
انهم اولئك الذين أوصدوا على انفسهم باب المراقبة والمحاسبة ...
فاذا حازوا شيئا من الجاه كان سبباً لغرورهم ...، 
واذا حازوا شيئا من المال كان سببا لأنفلاتهم السلوكي وتكبرهم على الفقراء والبائسين .
واذا حازوا موقعا سلطويا متميزا بادروا الى استغلاله أبشع استغلال من أجل مصالحهم ومنافعهم بعيداً عن النهوض بالخدمات العامة التي يحب ان ينهضوا بها  ...
- 2 -
وكل أنانّي راضٍ عن نفسه ولو لم يكن راضياً عن نفسه لما نظر الى الأمور من زاوية ذاته فقط.
- 3 -
ومن الصعب جداً أنْ تجد حصيفاً مُحّنكاً راضيا على نفسه:
انّ اولياء الله يرون انفسهم في غاية التقصير ازاء ربهم ،ومهما مارسوا من العبادات لا يوّفون حق العبودية له، انهم لا يوفون حق شكره على النعم التي أسداها، كما أنهم مهما بذلوا من الجهود والاموال فلن تحصل عندهم القناعة بأنهم خرجوا من عهدة المسؤولية الملقاة على عاتقهم في تنفيس كربات المكروبين واشباع حاجات ذوي الفاقة والحرمان 
ان الضــــــــمير النقي والنبل الأصيل لا يدعـــان لهم مجالاً للركون الى تبرئة أنفسهم من التقصير.
 - 4 -
الراضون عن أنفسهم ليس لهم ثقل في الميزان الالهي، لأنهم تغاضوا عن كُلّ ما انطووا عليه من عيوب، كما انهم لا يحظون عند الناس بحب أو تقدير، لا بل هم مكروهون ومسخوط عليهم بكل تأكيد .
- 5 -
الراضون عن انفسهم يتخبطون في الافعال والاقوال وهم يحسبون انهم احسنوا صنعاً ..!!
- 6 -
كلُّ الفراعنة والجبابرة والطواغيت كانوا من الراضين عن انفسهم، وكل الراضين عنهم شركاء لهم في جرائمهم ومظالمهم .
ومن منّا ينسى الدكتاتور المقبور الذي اختصر العراق بذاته ..؟!
- 7 -
الراضون عن أنفسهم خاسرون لأنهم برضاهم عن انفسهم لا يستزيدون من الحسنات ولا يتورعون عن الخطيئات ...
- 8 -
وقد يقود الرضا عن النفس الى اتخاذ الهوى الها يُعبد من دون الله ( أَرأيتَ من اتخذ الهه هواه ) الفرقان /43 
وهذه أكبر الدواهي على الاطلاق .
- 9 -
ان النفس أمارّة بالسوء 
فكيف يرضى عنها الراضون ؟
انهم بهذا يعلنون انهم في وادٍ والقيم والمعطيات الاخلاقية في واد اخر ..
والموقف السليم أنْ لا يُبرّء الانسان نفسه من هذا السوء ...
-10-
ولنختم بتذكير الراضين عن انفسهم- رغم فشلهم الذريع، الذي أرهق العباد والبلاد وجعل العراق يتصدر الدول الأكثر فساداً في العالم -
اننا لم نسمع منهم كلمة اعتذار واحدة ،
وهل سمعتم منهم اعترافَا واقرارا بِعظِم ما جنوه على الوطن والمواطنين؟
واخيراً :
فلنذكر بما روي عن زين العابدين الامام علي بن الحسين (ع) انه قال :
“ ابن آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وما كانت المحاسبة من همّك ...)
والراضون عن انفسهم ليس لهم واعظ من انفسهم ، ولا يستمعون الى الوعاظ، لانهم لا يُطيقون أنْ تُخدش أسماعهم بما يتنافى مع ما يعتقدونه في انفسهم ...
وهذا هو الغبن بِعَيْنهِ 
وهم هنا يغبنون انفسهم قبل انْ يغبهم الآخرون .