وضاح السيد في البعد الخامس

منصة 2024/03/14
...

 هويدا محمد مصطفى

شكل "البعد الخامس" معرض الفنان السوري وضاح السيد، في فندق نخلة بدبي في الإمارات امتداداً لأعماله السابقة المعبرة عن الحالات الإنسانية والجمالية والتعبيرية والرمزية، كما أطلق للمناسبة "فيديو البعد الخامس" غناء لينا شماميان، وهو أيضاً يشكل امتدادا لفيديوهات سابقة تناولت أعماله.
وتنوعت في المعرض الذي تضمن مجموعة لوحات كبيرة، وحمل الرقم 25 في سلسلة معارضه الفردية، طرق المعالجة في لوحاته الجديدة بالدمج بين مقاطع من وجه أو جسد المرأة وبين فضاء اللوحة التجريدي.
وقد حافظ في هذه الأعمال على خصائصها الجمالية والتعبيرية، مع اتجاهه نحو التلخيص والاختصار في خلفية تلك اللوحات، إذ تتحول تلك الخلفيات إلى مناخات لونية تجريدية ضبابية، بعيدة عن التسطيح وأقرب إلى اللمسات والحركات اللونية الغنائية والشاعرية.
وهذا يعني أن وضاح السيد يحافظ على خطه الأسلوبي، ويعمل لتعزيز نقاط الارتكاز والانطلاق، في اختباراته اليومية، كما يستخدم اللون بتجاوزاته المختلفة، وينتقل من الصياغة الأكاديمية والواقعية، إلى الصياغة التعبيرية والعفوية والحديثة والخاصة، وصولاً إلى التجريد الذي يشغل القسم الأكبر من مساحات لوحاته الجديدة .
لإلقاء مزيدٍ من الأضواء على معرضه الجديد كان لنا معه هذا الحوار:

 ماذا عن معرضك الجديد في
دبي؟
-اسميته البعد الخامس والتسمية هي عنوان  للوصول لحالة متقدمة من الوعي المجرد  الوعي الذي  يتخطى التفاصيل المادية التي تحكم المنظومة البشرية الوعي، الذي يتسامى بالعقل والروح إلى السكينة والطمأنينة المطلقة إلى حالة من الحب والتوحد مع كل موجودات الكون إلى التماهي، والتخلي عن كثير من الشهوات والرغبات  التي تستهلك  طاقة الحياة  فينا، وتدخلنا في ارتباك ذهني وتوهان روحي البعد الخامس هو الانتقال إلى ذلك المستوى المتقدم من الوعي .

 تركز ليكون التقديم مميزا ماذا عن ذلك ؟
- إنها بكل اختصار  لغة العصر الذي يفرض علينا مصطلحات دعائية لأي  مشروع  فني أو غير فني، التقديم هو فن بحد ذاته، وأنا أدرس هذا الفن لطلابي  .

 أنت من الفنانين النادرين الذين يصورون فيديو كليبات تجمع التشكيل والغناء والموسيقى؟
-الأغاني هي أيضاً موروث ثقافي ويأتي تأثيره الكبير من أنه موروث وجداني وشعبي متداخل مع ذاكرتنا، لذلك أردت إعطاءه حصة من بحثي التشكيلي، وخصصت له معرضا فرديا اسميته "ورق وأغانٍ" فيه رسمت لفيروز، وأم كلثوم، وعبدالحليم، ومحمد منير، وأسماء أضافت الكثير لوعينا الوجداني والشجني .
لا تعارض أو ضيق وإنما تنويع صحي يليق بالعقل المنفتح على كل أنواع الإبداع، ودائماً هناك حالة العمل الإبداعي، الذي يولد من عمل إبداعي حالة تشبه التلاقح أو التزواج، وقد أطلق الناقد المخضرم أديب مخزوم  على تجربتي هذه مسمى الأغنية التشكيلية، والحقيقة أن المسمى استهواني واعتمدته لكل فيديو أنتجه .

 لا حظنا زيارة نجمات شهيرات لمعرضك؟
-الأمر جداً طبيعي، فهم في معظم الأحيان صديقات قديمات لي من حقبة التسعينيات، وقتها لم يكن أحد منا مشهورا، وكنا في مرحلة التأسيس واستمرت صداقتنا إلى هذا الوقت الحالي، وأيضاً طبيعة عملي الفني  تضعني أحياناً  في أوساط  النجوم من إعلاميين أو ممثلين أو مغنيين  فتتوطد المعرفة  بيني وبينهم من خلال أسباب متعددة  تتعلق غالبا برغبتهم في الحصول على  بورتريه شخصي أو استشارة فنية وأسباب أخرى. ومن الطبيعي حين تكون أسماؤهم في  قائمة المدعوين لافتتاح أي معرض لي.

 ماذا عن النواحي التقنية؟
-كلنا  نعرف أن التكنيك هو مجموع الخبرات والتجارب اللونية المطبقة على سطح اللوحة الأبيض، وبكل وضوح هي الأداة التي صنعها المحترف لإظهار خصوصية عمله الإبداعي، وبدون هذا التكنيك يفقد العمل الكثير من هذه الخصوصية فبين التكنيك والتشكيل وحده وتزواج لا غنى عنه، أما عن طريقتي الخاصة التي وصلت لها بعد عقود خبرة فهي تعتمد على اللون السائل وليس العجينة اللونية. وتعتمد على عشوائية المزج وعلى حركة التداخل المدروسة بعناية بصرية فائقة وبعد صناعة التجريد اللوني، تبدأ مرحلة البحث  عن  أشكال غير مكتملة  تناسب الموضوع والتكوين، باختصار أضف تقنية عملي بنظام الفوضى.

 لديك اتجاه تدريجي نحو اختصار موضوع المرأة؟
ـ حكايتي مع المرأة في لوحتي طويلة وممتدة على مدار سنين مشواري الفني، وكما تتغير وتتطور كل عناصر لوحتي، أيضاً المرأة فيها يشملها هذا التغيير بشموليته ليزيد من تماهيها، وتداخلها مع التجريد اللوني في لوحتي، فصارت تحتاج للبحث بصرياً وذهنياً حتى  تظهر للمشاهد للوحتي. والحقيقة هذا التغير التشكيلي هو مرآة  للتجريد الذهني، الذي وصل له وعيي لذاتي المبدعة والمتجددة. إنها فلسفة ذاتية تصر على تجريد المتخيل والمحسوس.

 حدثنا عن  التجريد في لوحتك؟
- لا شك عندي، أن التجريد هو الرحم المثالي للتجسيد في اللوحة، وهو في مرحلة ما من تطور خبرات التشكيلي الملون يتحول إلى فضاء مثالي ومرآة تعكس التبسيط الذهني، الذي وصلت إليه خبراته البصرية المتقدمة على المستوى الفكري والمستوى الأكاديمي الاحترافي. هي الآن تجربتي الحالية.

 ماذا عن عملك في التدريس في دبي؟
ـ بدأت تجربتي الفعلية  في التدريس عام 2019 بافتتاح مركز وضاح السيد للفنون في منطقة الأعمال في دبي، وكانت غنية وممتعة واستقطبت الهواة والمتميزين من كل الأعمار، وتوجت هذه التجربة  بالإعلان عن مسابقة فنية شارك فيها عدد كبير من هواة الرسم، وقد أعطيت من خلالها فرصة للفائزين بالتعلم في المركز مجاناً، وتطورت هذه التجربة لتشمل المحترفين وخريجي كليات الفنون الجميلة، بتنويع خبراتهم وتطوريها إلى أعلى المستويات الأكاديمية .وقد توجت ذلك بافتتاح معرض مشترك في صالة المركز لثلاث طالبات وصلن إلى أعلى مستوى إبداعي في عالم خلق اللوحة.