{ناسا} تحثُّ الخطى لاستيطان القمر

علوم وتكنلوجيا 2024/03/17
...

 بقلم: بوريس ستارلنغ

 ترجمة: كريمة عبد النبي


مع هبوط مركبة فضاء هنديَّة على القطب الجنوبي للقمر الذي يعتقدُ كثيرٌ من الخبراء أنه مصدرٌ محتملٌ للمياه والأوكسجين، هل سيتمكن علماء الفضاء من استكمال هدف وكالة الفضاء الأميركيَّة ناسا بالعيش على سطح القمر خلال عقدٍ من الزمان؟ وحسب تقرير نشرته صحيفة الديلي تلغراف البريطانيَّة، فإنَّ من الأهداف التي تسعى إليها (ناسا) هو أنْ يتمكن الإنسان من السكن على سطح القمر في غضون عقد من الزمان. في العام 1962، كما يشير التقرير، تعهد الرئيس الأميركي جون كينيدي بوضع إنسانٍ على سطح القمر قبل نهاية العقد المذكور. والآن وبعد كل تلك العقود من الزمن، صرحت وكالة الفضاء الأميركيَّة (ناسا) بأنَّ الإنسان سيتمكن من العيش والعمل على سطح القمر خلال العشر سنوات المقبلة، وهو ما كانت تطمحُ إليه الوكالة وأصبح قريب التحقق هذا الشهر بعد أنْ أصبحت الهند أول دولة تحطُّ مركبتها الفضائيَّة بالقرب من القطب الجنوبي لسطح القمر. وإذا كانت هذه المهمة تبدو وكأنها ذات تكلفة ماليَّة عالية ومشروع طموح وفيه تحدٍ كبير، فإنَّه يعيد للذاكرة كلمات الرئيس كينيدي الذي أشار في خطابه آنذاك الى أنَّ الإنسان هو من اختار القيام بمثل هذه المهمة "ليس لأنها مهمة سهلة بل لأنها مهمة صعبة". وستكون مسألة السكن الدائم على سطح القمر من أصعب المسائل على الإطلاق التي سيقوم بها الإنسان. 

ومثل هذه المهمة تطرح العديد من الأسئلة الآنيَّة في مقدمتها متى ستكون أول إقامة على سطح القمر؟. وبفضل المسار المداري للقمر، فإنَّ القمر يتمتع بدورة ليل ونهار طويلة، أطول من الليل والنهار على سطح الأرض.


أفضل مكان للعيش

وحسب تقرير الديلي تلغراف، فإنَّ هذا يعني أن أول مكان لإقامة الإنسان ستكون في القطب الجنوبي للقمر لأنَّ الشمس لا تشرق في هذا المكان إلا بشكلٍ محدودٍ وإنَّ الاختلاف في درجات الحرارة يكون أقل تأثيراً ممَّا عليه الحال في المنطقة الاستوائيَّة من هذا الكوكب. فضلاً عن ذلك، توصل علماءٌ من الصين الى وجود مياهٍ جليديَّة في منطقة قطبي القمر وهذا ما يزيد من احتماليَّة توفير الطاقة ومياه الشرب. كما توصل العلماء الى تحديد منطقتين قد تكونان صالحتين للسكن وهما جبل مالابيرت في القطب الجنوبي وفوهة بياري في القطب الشمالي.

ويشير تقرير الصحيفة الى أنَّ خبراء من مركز غودار للفضاء وجدوا أنَّ منطقة جبل مالابيرت مشبعة بالهايدروجين والهيليوم. كما تعمل الوكالة على توفير عربات ملائمة للنقل، إذ أشارت الى أنه قد يكون من السهل توفير حركة للنقل على الجناح الشمالي  للجبل.

ويقول التقرير "في حال عدم صلاحيَّة المنطقة المذكورة لاستخدام عربات للنقل فإنَّه من الممكن استخدام تلك العربات في منطقة فوهة بياري نظراً لأنَّ أرضيَّة هذه الفوهة منبسطة وهي محاطة بأربع مناطق جبليَّة تبقى في حالة إضاءة طوال اليوم القمري، كما أنها تتمتع بدرجة حرارة وطاقة شمسيَّة مستقرة.

وبعد تحديد المنطقة الملائمة للسكن تبدأ الوكالة بتوفير السكن في تلك المنطقة الذي من المتوقع أنْ يكون على شكل مركبات حيث تتيح هذه المركبات إجراء المزيد من الأبحاث العلميَّة بما في ذلك استكشاف قدرة جسم الإنسان على التكيف مع بيئة القمر حيث يكون الإشعاع الشمسي أقوى من الإشعاع على سطح الأرض بمقدار مئتي مرة. وسيتم إنشاء تلك المنازل باستخدام تكنولوجيا الطباعة الثلاثيَّة الأبعاد باستخدام خرسانة خاصة مستخرجة من سطح القمر تتكون بالأساس من غبار القمر كمادة أساسيَّة حيث يحتوي ذلك الغبار على مواد الألمنيوم، الحديد، الكاليسيوم، المغنيسيوم والتيتانيوم.


توفير الغذاء

وكأي مدينة على سطح الأرض، فإنَّ الإقامة على سطح القمر ستتطلبُ توفير الطاقة والغذاء، فمن أين سيتم توفيرهما؟. طبقاً لتقرير الصحيفة، فإنَّه سيتم توفير العنصر الأول وهو الطاقة عن طريق المزج بين الطاقة الشمسيَّة التي تتوفر بالقرب من المنطقة القطبيَّة والماء الناتج من الأجزاء المكونة له وهي الهايدروجين والأوكسيجين. أما العنصر الثاني وهو (الغذاء) فسيتعين توفيره في البداية بنقله من الأرض الى القمر.

ومهما يكون الإختلاف بين الأمم والثقافات، سيتعين على كل شخص أن يتعامل مع التبعات الفيزيائيَّة والسايكولوجيَّة الناتجة من العيش على سطح كوكب يبعد 250,000 ألف ميل عن الأرض. ولا تزال غالبيَّة الآثار التي ستترتب على العيش على سطح القمر غير معروفة حتى الآن. فعلى سبيل المثال، إنَّ جسم الإنسان تمكن من التعامل والتعايش مع الجاذبيَّة الأرضيَّة لعشرات الآلاف من السنين فكيف سيتمكن الإنسان من التكيف مع الجاذبيَّة على سطح القمر.


فوبيا النجوم

وقد حذر علماء النفس من أنَّ ظاهرة فوبيا النجوم قد تكون أكثر المخاوف في المستقبل. ومع وجود العديد من العوامل المعقدة، فإنَّ فكرة انتشار مستعمرات على سطح القمر تبدو وكأنها ضربٌ من الخيال.

وتشير معظم الدراسات التي أجريت حول إمكانيَّة إستيطان القمر الى أنَّ العيش خارج كوكب الأرض سيكون باهظ الثمن. وحسب وكالة ناسا، فإنَّ كلفة نقل رطل واحد من المعدات سيصل الى عشرة آلاف دولار.


عن صحيفة الديلي تلغراف البريطانيَّة