بغداد: حيدر الجابر
على الرغم من تجرية إقليم كردستان التي مضى عليها أكثر من 30 عاماً، وإقرارها دستورياً بعد 2003، إلا أنَّ الفيدراليَّة ما زالت تثير اللغط والشكوك بشأن نجاحها في التطبيق، وفي أن تكفل حلَّ المشكلات الإداريَّة والسياسيَّة.
وكفل الدستور العراقي تشكيل الأقاليم الإدارية، فيما اعترف بإقليم كردستان الذي أُعلن من طرف واحد بعد انتفاضة آذار 1991، والذي تديره منذ ذلك التاريخ حكومتان في أربيل والسليمانية.
ويقارن الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي، د. حيدر علي، بين تجربة إقليم كردستان وإمكانية إقامة أقاليم أخرى، في ما يخص الرؤية والنضج.
وقال علي لـ{الصباح»: إنه «لا بد أولاً أن نضع شروط ومقوّمات إقامة الأقاليم في العراق، وأن تتجاوز ما حدده الدستور في ذلك، لأنَّ الإقليم بخصوصياته وتكوينه يتضمن أبعاداً سياسية واجتماعية وفكرية؛ وحتى نفسية لدى سكان المناطق التي تدخل ضمن تجربة الإقليم»، وأضاف، «من الصعوبة القياس على إقليم كردستان وتجربته التي امتدت جذورها وتوافرت لها مقومات القيام والتمهيد قبل عام 2003، ولا ننسى هنا
الوضع الدولي والإقليمي».
وعن دعوات إقامة الإقليم في مناطق أخرى، أكد علي أنها «تحتاج إلى رؤى وستراتيجيات البناء في ضوء بيئة ملائمة تتوفر فيها عناصر الاستمرار والحياة»، وتابع، «لابد أيضاً أن تبتعد عن توجهات الانفصال وفك الارتباط عن المركز»، مبيناً أنَّ «مرتكزات النجاح تعتمد على شروط موضوعية تتعلق بالقرار السياسي والتوجّه الجماهيري والتثقيف بشأن ذلك، مع الحاجة الماسة إلى وضع أمني مستقر وسياسي غير مرتبك مما يجعل الأقلمة بمثابة عناصر تعقيد مضافة للمشهد السياسي».
ومؤخراً، أثير لغط عنيف بشأن إقامة إقليم الأنبار، الذي انتهى بتبرؤ الجميع منه، إذ لم تتبنّ جهة سياسية أو شخصية هذا المشروع. بدوره، قارن الأكاديمي د. خالد العرداوي، بين النص الدستوري وفلسفة الحكم في ملف الأقلمة.
وقال العرداوي لـ{الصباح»: «يوجد اختلاف بين الأقلمة كنص دستوري، وفلسفة للحكم، هدفها إيجاد حلول لإدارة التنوع والاختلاف في المجتمعات المتصارعة، وبين الأقلمة كما يجري الترويج لها وتطبيقها
في العراق».
وبيّن أنه «في الحالة الأولى الأقلمة هي مشروع إصلاحي لبناء الدولة وتعزيز الاندماج ببن مكوناتها، أما في العراق، فالأقلمة كانت ومازالت أداة للمزايدة السياسية بين القوى العراقية المختلفة لتحقيق مصالح آنية ضيقة لبعضها على حساب البعض الآخر».
وتابع العرداوي أنَّ «الأقلمة (في العراق) مشروع سلطة لأفراد وقوى محددة، وليس مشروع دولة لشعب ووطن، ولذا نجدها يتصاعد الحديث عنها وينخفض مع احتياجات القوى السياسية وظروف صراعها في ما بينها»، وبيّن أنَّ «هذا الواقع يهدد بفشل كل الشعارات المعلنة، وليس شعار الفيدرالية فحسب، ويجعلها تفقد غايتها وفلسفتها الإصلاحية، وتكون النتيجة تعطيل مشروع بناء
الوطن والمواطن».