عبد الحليم الرهيمي
» أرى كم سيستفيد العراق من شراكتنا الستراتيجية الدائمة. لذلك نريد أكثر بكثير من علاقة أمنية، نحن بحاجة إلى علاقات اقتصادية وثقافية وتعليمية وشعبية، تبني عراقاً حديثاً مستقراً وآمنا وذا سيادة ومزدهر ومتصلاً بالعالم.. «. تلك هي أحد أهم الافكار المهمة التي طرحتها سفيرة الولايات المتحدة لدى العراق « أيلينا مايكوفسكي « في مقال الرأي، الذي نشر في صحيفة الصباح العراقية بعنوان (لماذا تعد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق مهمة للشعب العراقي)، وذلك يوم الخميس الماضي الموافق 14 - اذار/ مارس من العام الحالي، ويتضح من هذا المقال تأكيدا للموقف الذي تشير اليه القيادات الاميركية، عندما تتحدث عن الشراكة الستراتيجية مع العراق، وهو خلاصة مكثفة لسياسة تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، وأكدت عليها السفيرة مايكوفسكي، لأهميته ليس بتصريح صحفي عابر انما بمقال مركز وواضح اطلعت عليه أكثر من جهة اميركية معنية في الادارة الاميركية. وتزداد اهمية هذا المقال – المقاربة إلى توقيته ايضاً، إذ أشارت السيدة السفيرة إلى المشاورات، التي تجري بين القيادتين الاميركية والعراقية بشأن (استبدال هذا التحالف الدولي وعلى وجه التحديد الوجود العسكري الاميركي، الذي طالما دعم الشركاء العراقيين في هزيمة داعش.. ). وعبرت السفيرة في المقال عن رأيها بموقف العراقيين من ذلك بالقول ( بينما يتساءل الكثيرون عما يعنيه ذلك لعلاقتنا الاستراتيتجية الشاملة، حتى أن البعض يتساءل عن اهمية استمرار شراكتنا على الاطلاق).
ولتوثيق مصداقية الدعوة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين ومصداقية السعي لتحقيقها، اشار المقال إلى انه (على مدى العشرين سنة الماضية قدمت (الوكالة الاميركية للتنمية الدولية للعراق أكثر من 11 مليار دولار من المساعدات التنموية لتطوير المجتمعات المحلية) بمختلف المجالات.
(ومنذ 2012 قدمت الولايات المتحدة 3.5 مليار دولار لبناء قدرات قوات الامن العراقية) اما ( نذ 2014 فقدمت الولايات المتحدة أكثر من 3.6 مليار دولار لدعم المجتمعات الهشة من النازحين واللاجئين والمرضى، بتوفير الرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي..). وذلك فضلاً عن الدعم الذي قدمته للبنك المركزي العراقي، وعلى الصعيد الثقافي والتعليمي وتعزيز دعم الشباب وتطوير مهاراتهم.
لذلك عندما عمدت السفيرة مايكوفسكي إلى تقديم هذه الجردة السريعة والمختصرة للدعم الاميركي للعراق خلال العقدين الماضيين، فإنما ارادت التوضيح بهذه الأرقام ودلالاتها للرأي العام الشعبي، وبعض النخب المعنية والمثقفة، لأنها غير مطلعة عليها، ولا يتم الحديث عنها إلا بإيجاز في المؤسسات الرسمية الأميركية والعراقية. وبالتالي على ضوء هذه (الفرشة) من الدعم والمساعدات ارادت القول، لقد تحقق ذلك قبل وضع اسس وقواعد للشراكة الاستراتيجية، لذلك فإن حجمها ونوعيتها واهميتها ستكون أكبر بكثير في حال تمكن البلدين من تحقيق الشراكة الاستراتيجية على صعد الواقع العملي.
من هنا بدا واضحاً أن اشارة السيدة السفيرة في بدايات المقال إلى المفاوضات الأميركية – العراقية الجارية حالياً، من اجل استبدال عمل التحالف الدولي، وعلى وجه التحديد الوجود العسكري الاميركي، إنما ارادت ان تصل إلى النتيجة المهمة، التي حرصت على تأكيدها للرأي العام العراقي والدولة العراقية بقولها (لكنا نحتاج اكثر من علاقة أمنية، نريد أكثر بكثير من علاقة أمنية، انما بحاجة إلى علاقات بمختلف المستويات).
وهنا، من المهم الاشارة إلى ما كان لافتاً في مقدمة المقال وهو تذكير العراقيين هذا الشهر بالقول (رمضان كريم) كاحترام واحتفاء بهذا الشهر الفضيل، وبتقديمها هذا ارادت ان تذكر العراقيين بان اللحظة الحالية توفر « فرصة ذهبية « للتمعن في نوع العلاقة الاستراتيجية طويلة الامد التي ترغبون في بنائها مع الولايات المتحدة، وايضاً بالنسبة للعلاقات مع العالم. وبالطبع، فان هذه العلاقة والشراكة الاستراتيجية هي لمصلحة البلدين والشعبين الصديقين جمهورية العراق والولايات المتحدة الاميركية.
واذا ما تمكن العراق والولايات المتحدة الاميركية من انجاز هذه الشراكة بأسسها وقواعدها واهدافها، فانها اذا اضيفت إلى (اتفاقية الاطار الاستراتيجي) التاريخية فإن العراق، سينتقل بسنوات قليلة إلى مصاف الدول المتقدمة صناعياً وزراعياً وثقافياً واجتماعياً، وعلى مختلف عوامل التقدم العصرية، كما يعتقد قطاع مهم من النخبة الثقافية والسياسية المهتمة بتطور العلاقات العراقية - الاميركية.