قراءةٌ في مقال السفيرة الأميركيَّة

آراء 2024/03/20
...







 عبد الحليم الرهيمي

‏» أرى كم سيستفيد العراق من شراكتنا الستراتيجية الدائمة. لذلك نريد أكثر بكثير من علاقة أمنية، نحن ‏بحاجة إلى علاقات اقتصادية وثقافية وتعليمية وشعبية، تبني عراقاً حديثاً مستقراً وآمنا وذا سيادة ومزدهر ‏ومتصلاً بالعالم.. «.‏ تلك هي أحد أهم الافكار المهمة التي طرحتها سفيرة الولايات المتحدة لدى العراق « أيلينا مايكوفسكي « في ‏مقال الرأي، الذي نشر في صحيفة الصباح العراقية بعنوان (لماذا تعد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات ‏المتحدة والعراق مهمة للشعب العراقي)، وذلك يوم الخميس الماضي الموافق 14 - اذار/ مارس من العام الحالي، ‏ويتضح من هذا المقال تأكيدا للموقف الذي تشير اليه القيادات الاميركية، عندما تتحدث عن الشراكة ‏الستراتيجية مع العراق، وهو خلاصة مكثفة لسياسة تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، وأكدت عليها السفيرة ‏مايكوفسكي، لأهميته ليس بتصريح صحفي عابر انما بمقال مركز وواضح اطلعت عليه أكثر من جهة اميركية ‏معنية في الادارة الاميركية. وتزداد اهمية هذا المقال – المقاربة إلى توقيته ايضاً، إذ أشارت السيدة السفيرة إلى ‏المشاورات، التي تجري بين القيادتين الاميركية والعراقية بشأن (استبدال هذا التحالف الدولي وعلى وجه ‏التحديد الوجود العسكري الاميركي، الذي طالما دعم الشركاء العراقيين في هزيمة داعش.. ). وعبرت السفيرة ‏في المقال عن رأيها بموقف العراقيين من ذلك بالقول ( بينما يتساءل الكثيرون عما يعنيه ذلك لعلاقتنا ‏الاستراتيتجية الشاملة، حتى أن البعض يتساءل عن اهمية استمرار شراكتنا على الاطلاق).‏
ولتوثيق مصداقية الدعوة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين ومصداقية السعي لتحقيقها، اشار المقال إلى انه (‏على مدى العشرين سنة الماضية قدمت (الوكالة الاميركية للتنمية الدولية للعراق أكثر من 11 مليار دولار ‏من المساعدات التنموية لتطوير المجتمعات المحلية) بمختلف المجالات.
(ومنذ 2012 قدمت الولايات ‏المتحدة 3.5 مليار دولار لبناء قدرات قوات الامن العراقية) اما ( نذ 2014 فقدمت الولايات المتحدة أكثر ‏من 3.6 مليار دولار لدعم المجتمعات الهشة من النازحين واللاجئين والمرضى، بتوفير الرعاية الصحية والمياه ‏الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي..). وذلك فضلاً عن الدعم الذي قدمته للبنك المركزي العراقي، ‏وعلى الصعيد الثقافي والتعليمي وتعزيز دعم الشباب وتطوير مهاراتهم.‏
لذلك عندما عمدت السفيرة مايكوفسكي إلى تقديم هذه الجردة السريعة والمختصرة للدعم الاميركي للعراق خلال ‏العقدين الماضيين، فإنما ارادت التوضيح بهذه الأرقام ودلالاتها للرأي العام الشعبي، وبعض النخب المعنية ‏والمثقفة، لأنها غير مطلعة عليها، ولا يتم الحديث عنها إلا بإيجاز في المؤسسات الرسمية الأميركية والعراقية. ‏وبالتالي على ضوء هذه (الفرشة) من الدعم والمساعدات ارادت القول، لقد تحقق ذلك قبل وضع اسس وقواعد ‏للشراكة الاستراتيجية، لذلك فإن حجمها ونوعيتها واهميتها ستكون أكبر بكثير في حال تمكن البلدين من تحقيق ‏الشراكة الاستراتيجية على صعد الواقع العملي.‏
من هنا بدا واضحاً أن اشارة السيدة السفيرة في بدايات المقال إلى المفاوضات الأميركية – العراقية الجارية ‏حالياً، من اجل استبدال عمل التحالف الدولي، وعلى وجه التحديد الوجود العسكري الاميركي، إنما ارادت ان ‏تصل إلى النتيجة المهمة، التي حرصت على تأكيدها للرأي العام العراقي والدولة العراقية بقولها (لكنا نحتاج ‏اكثر من علاقة أمنية، نريد أكثر بكثير من علاقة أمنية، انما بحاجة إلى علاقات بمختلف المستويات).‏
وهنا، من المهم الاشارة إلى ما كان لافتاً في مقدمة المقال وهو تذكير العراقيين هذا الشهر بالقول (رمضان ‏كريم) كاحترام واحتفاء بهذا الشهر الفضيل، وبتقديمها هذا ارادت ان تذكر العراقيين بان اللحظة الحالية توفر « ‏فرصة ذهبية « للتمعن في نوع العلاقة الاستراتيجية طويلة الامد التي ترغبون في بنائها مع الولايات المتحدة، ‏وايضاً بالنسبة للعلاقات مع العالم. وبالطبع، فان هذه العلاقة والشراكة الاستراتيجية هي لمصلحة البلدين ‏والشعبين الصديقين جمهورية العراق والولايات المتحدة الاميركية.‏
واذا ما تمكن العراق والولايات المتحدة الاميركية من انجاز هذه الشراكة بأسسها وقواعدها واهدافها، فانها اذا ‏اضيفت إلى (اتفاقية الاطار الاستراتيجي) التاريخية فإن العراق، سينتقل بسنوات قليلة إلى مصاف الدول ‏المتقدمة صناعياً وزراعياً وثقافياً واجتماعياً، وعلى مختلف عوامل التقدم العصرية، كما يعتقد قطاع مهم من ‏النخبة الثقافية والسياسية المهتمة بتطور العلاقات العراقية - الاميركية.‏