هل تُنصف الأبناء أثناء الامتحانات المدرسيَّة؟

منصة 2024/03/24
...

  بغداد: نوارة محمد

إذا كانت ثمة أمور تفتقر له العائلات في العراق، فإن نقص الاتكيت الاجتماعي يقع في مقدمتها، وغياب الاهتمام بمثل هذه التفاصيل أمر يجب الوقوف عنده، إذ يعتقد البعض أن تبادل الزيارات العائلية تُعرض الطلاب للتشتت الذهني، بينما يعتقد آخرون أنها تقع سبباً في خروجهم من الأجواء الدراسية الضاغطة، أيضا لا سيما أثناء الامتحانات. أم سارة، ولديها أربعة أطفال أكبرهم في مرحلة السادس الاعدادي وأصغرهم في الخامس ابتدائي، تقول: في كل موسم للامتحانات، سواء الفصلية أو النهائية أشعر بضرورة ألا يعرفنا أحد، ولا بد من أخذ إجازة من العالم المحيط بنا لمدة أسبوعين، حتى يتسنى لي إعلان حالة الطوارئ وإصدار القرارات الصارمة من مواعيد النوم، ومنع مشاهدة التلفاز منعاً باتاً، وفصل الانترنيت وإبداء الرغبة في عدم استقبال أي الضيوف أو تبادل الزيارات العائلية.
لكن هذا الأمر يعرضنا لإشكالات ومآزق مع بعض الأقارب والاصدقاء ممن لا يقدرون خطورة الموقف، بحسب أم سارة كما تضيف: كلما حاولت أن أبتعد بأطفالي عن العالم الخارجي أثناء موسم الامتحانات - الذي يعد كابوسا مرعبا لنا - يظهر لنا فجأة ضيف ثقيل يشغلني عن ممارسة دوري في هذه الأيام الصعبة.  من جانبها، تثير أم هدى تساؤلا مثل بقية الأمهات: هل تسير المنظومة التعليمية في طريقها نحو التدهور في ظل غياب الاهتمام المؤسساتي في المدارس الحكومية، التي لا تزال تطبق أنظمة تقليدية، داعية عبر حديثها إلى التركيز على تقديم الدروس المجانية قبل أيام الامتحانات النهائية، والتي من شأنها تسهيل العملية الدراسية على الطالب والمدرس وولي الأمر معاً، كما أنها أفضل عملياً وعلميا.
من وجهة نظر فاطمة عيسى، فإن برتوكولات التربية الحديثة تقتضي مهمة التدريس داخل جو يسوده الهدوء، فقد تستند لها مهمة الشرح والمراجعة والمذاكرة على حالة الهدوء والصفاء الذهني، وتقول عيسى، وهي مديرة معهد متخصص، لمرتاديها أن "هذه الأجواء الداعمة والمشجّعة على الدراسة، يسودها الهدوء وصفاء الذهن يجب أن تبتعد عن الاكتظاظ ومشاغل الزملاء والزوار، كما أنها تسهل العملية الدراسية وأخص بذلك أولياء الأمور المشغولين بأعمالهم المنزلية وذوي الخبرة المحدودة".
شذى واحدة من اللواتي يتعرضن دائما لمواقف من هذا النوع، كما تقول لـ"الصباح": ربما لأننا لا نزال مرتبطين بالعادات الاجتماعية يرفض أحدنا التعبير عن انزعاجه بزيارات العائلات والاقارب في الأوقات الدراسية، ولا يزال كثيرون يجهلون أهمية الاتصال وأخذ موعد قبل الزيارة، وابداء التساؤل ما إذا كان الوقت يسمح أم لا، والأقارب ممن يعدون بيت الأخ أو الأخت مُباح بأي وقت لقضاء وقت طويل في تبادل الزيارات يجدون إن هذا مرفوض، وهم لا يزالون متمسكين بطرق العيش الرتيبة، وهم يعتقدون أيضا أن هذه الاساليب لا تزال قائمة في المجتمع، وأنني يمكن أن أبدو مستعدة في أي وقت للمجاملة وتجهيز الحلوى ووجبات الطعام لمن يشعر بضجر أو ملل لمجرد اننا تربطنا روابط اجتماعية أو عائلية، وربما نحن لا نملك خياراً أخر غير خسارة الوقت والتضحية بساعات الدراسة أو الاستراحة أو مع هؤلاء الضيوف.
أما سهى رياض فتقول مبتسمة، إن "جهل النساء غير المتعلمات مدمرا، وأنا اشفق عليهن، لأن الزمن معهن لم يتغير، وأنهن يعشن في ظروف لم تسمح لهن بالتعليم ومعرفة ما يجري في العالم، فلا يزلن يفتقدن لأبسط بروتوكولات الاتكيت".
وتضيف سهى: بالعموم نحن مجبرون لمواجهة هؤلاء الناس بشكل عام، وهناك من يدعو نفسه لقضاء الوقت في بيتي فأرد بشكل صريح، إنني أفضل أن يكون ذلك في أوقات العطل فقط.
وتعود شذى للقول إن "هؤلاء لا يجدون أية مشكلة في ذلك، ويظنون أننا كلنا نعيش في بيت واحد، وهذا مؤسف للغاية، لأنهم لا يحترمون الخصوصية الشخصية، فأنا غير ملزمة بذلك ولا وقت لدي ليضيع معهم".
من جهتها، تقول سناء جبار، وهي مدربة تنمية بشرية، إن "عدم الانسجام بالجو الدراسي يؤثر سلبا في مجريات العملية التربوية، وتخلق هذه القطوعات فجوة، يجب أن تتمحور حياة الطالب بين المدرسة والمنزل على الدراسة، واستثني في ذلك العطل الأسبوعية".