{البوزرجية} بين مطرقة التحايل وسطوة المُلّاك

العراق 2024/03/28
...

 بغداد: هدى العزاوي

منذ التشغيل التجريبي للدفع الإلكتروني في محطات الوقود العام الماضي ومن ثم تعميمه فعلياً في العاصمة والمحافظات مطلع العام الحالي 2024، ظهرت عشرات المزايا الجيدة التي رافقت التطبيق الواعد، إلا أنَّ ذلك لم يمنع من ظهور بعض العقبات والإشكاليات، إذ اشتكى مواطنون من عدم تعاون موظفي التعبئة «البوزرجية» معهم بحجة عدم عمل بطاقاتهم الإلكترونية الخاصة بالدفع والطلب بالدفع نقداً وهو ما يكلّفهم مبالغ تزيد على حد السعر المفترض للتعبئة.

ووفق رصد ومتابعة خبراء ومراقبين للشأنين الاقتصادي والمالي، فإنَّ «البوزرجي» يتخذ أسلوب التحايل بحجة عدم عمل بطاقة الدفع الإلكترونية للحصول على زيادة في المبلغ النقدي للتعبئة من المواطن، لكنَّ المراقبين بيّنوا أنَّ أصحاب محطات الوقود هم من يتحملون مسؤولية التحايل على المواطن كونهم لا يتعاقدون مع موظفي التعبئة «البوزرجية» براتب معين وإنما يقومون بتأجير «الهوز- أنبوب ومضخة الوقود» بمبلغ معين لــ»البوزرجي»، وبذلك يدفع الأخير دفعاً لأسلوب التحايل على المواطن.
ورأى مدير منظمة «راصد للنزاهة»، عبد الرزاق السلطاني، في حديث لـ»الصباح»، أنَّ «أساليب التفنن بالاحتيال على المواطنين باتت سمة بارزة، وهذا من الأمور المؤسفة، كما أنَّ عمال محطات تعبئة الوقود هم كذلك ضحايا أصحاب المحطات الذين يساومونهم على أرزاقهم ويدفعونهم إلى ابتكار أساليب شيطانية لاستغفال المواطنين البسطاء».
وأضاف، «لقد تأخر العراق كثيراً عن الدول في عدة مجالات ومنها الدفع الإلكتروني بدل الدفع النقدي، وكلما نتقدم خطوة إلى الأمام يحاول البعض إرجاع بلدنا أميالاً عدّة، فإنَّ محاولات زعزعة ثقة المواطنين بطريقة بشعة من قبل ضعاف النفوس من العاملين في محطات الوقود، هو وضع العصي في تجاوز الروتين النقدي وسرقة مبالغ كبيرة».
وأشار السلطاني إلى أنه «من باب الإنصاف؛ لابد من وضع معالجات لحماية العاملين بمحطات الوقود، إذ إنَّ معظم المحطات تؤجر ما يسمى بـ(الهوز) على العامل، ليقول له صاحب المحطة (اذهب أنت وشطارتك)، مما يدفع الكثير من العاملين لاتباع أساليب غير مشروعة في الكسب».
وأكد أنَّ «معظم الأرقام الخاصة بالإبلاغ أو الشكاوى في محطات الوقود عاطلة ومغلقة ولا تؤدي الغرض، وهي مجرد (ذر الرماد في العيون)»، بحسب تعبير السلطاني.
أما الباحث في الشأن الأمني، الدكتور عماد علو، فقال في حديث لـ»الصباح: إنه «بالتأكيد نتوقع بأنَّ هناك مقاومة لعمليات الدفع الإلكتروني في محطات الوقود، وهي ظاهرة بات يلمسها بعض المواطنين عبر محاولة عمال المحطات (البوزرجية) الذين يعملون على تسلم المبالغ الالتفاف على نظام الدفع الإلكتروني بدعوى أنَّ بطاقة الدفع التي يحملها المواطن لا تعمل بسبب رداءة الأجهزة المزودة بها المحطات من قبل الجهات التي قامت بتنصيبها».
وبيّن أنَّ «(البوزرجي) يتحجج بأنَّ بطاقات المواطنين غير صالحة للعمل (الكي كارد والماستر كارد)، ولكن ما لاحظناه- بشكل شخصي- بأنَّ هناك محاولة للتملص من استخدام الدفع الإلكتروني من قبل (البوزرجية) في محطات تزويد الوقود واستبدالها بالدفع النقدي لغرض الاستفادة الشخصية»، وأوضح أنَّ «هذه الإشكاليات تقف عائقاً أمام تطبيق نظام الدفع الإلكتروني، كما أنها تهز من ثقة المواطن بهكذا أسلوب من التعامل مع محطات الوقود التي تم اعتمادها للدفع الإلكتروني».
وحذّر علو المواطنين بأن يقوموا هم بإدخال الرقم السري للبطاقة بدل تركه (للبوزرجية) لضمان الدفع الإلكتروني، مطالباً وزارة النفط بإصدار توجيهات من قبلها وكذلك الإدارات الموجودة في المحطات بأن لا يقوم العامل بإدخال الرقم السري للبطاقة حفاظاً على سرية معلومات وأموال المواطنين، مؤكداً أنَّ «هذا هو ما يعمل به في جميع دول العالم، بأنَّ صاحب البطاقة هو من يدخل الرقم السري وليس غيره لأسباب أمنية تتعلق بالاستحواذ على ما في داخل البطاقة من مبالغ عبر التلاعب».

تحرير: محمد الأنصاري