{يونيتاد} يعلن الالتزام بإنهاء عمله في العراق

العراق 2024/04/01
...

 بغداد: عمر عبد اللطيف


- كريستيان ريتشر: أعتز بتجربة عملي في العراق، إذ شعرت دوماً بحفاوة وكرم هذا الشعب العريق، وأرغب بزيارة العراق مرة أخرى بشكل خاص كسائح وليس كمسؤول أممي
عدَّ فريق الأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبتها "داعش" الإرهابيَّة "يونيتاد"، إنهاء عمل الفريق بأنه قرار سيادي عراقي وعلى الفريق ومجلس الأمن الدولي تقبّل ما قرره العراق.

آخر لقاء
وقال المستشار الخاص كريستيان ريتشر، لـ"الصباح"، في آخر لقاء أجراه مع وسيلة إعلامية قبيل مغادرته العراق عقب انتهاء فترة عمله رئيساً للفريق: إنَّ "الحكومة العراقية هي صاحبة القرار ولا مجال للتعليق ما إن كان صواباً أو خطأ، فهذا الفريق كان يمثل دعماً من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للعراق، ولم يكُن بأي شكل من الأشكال يتعارض مع سيادة العراق"، مشيراً إلى أنَّ "إنهاء أعمال الفريق لا يعني إنجاز ولايته، وما كان يرنو إلى تحقيقه، إذ كان العمل يتطلب المزيد من الوقت، ربما سنوات أكثر، ولن يمكن إكمال سير كل خطوط التحقيق التي كان الفريق يعمل عليها".
وأضاف أنَّ "العمل لم يقتصر على سير التحقيقات فحسب، ولكن هناك أعمال تنقيب عن المقابر الجماعية وأعمال رقمنة ملايين المستندات الخاصة بجرائم (داعش)، والتي هي بحوزة الجهات القضائية العراقية"، مبيناً أنَّ "تدريب النظراء من الخبراء العراقيين مستمر حتى أيلول المقبل، بناء على طلب الحكومة العراقية، إذ يتطلع النظراء العراقيون إلى البناء على عمل الفريق الذي أُنجز حتى الآن والاستفادة منه. لكن لن نستطيع الإسهام بعد هذا التاريخ بأي من الأعمال أو التحقيقات التي تجري إزاء هذه الجرائم."

معلومات وبيانات
ونوّه ريتشير بـ"قيام الفريق بتسليم القضاء العراقي مجموعة من الأقراص الصلبة (الهاردات) المشفرة والمؤمّنة، والتي تحوي كماً كبيراً من المعلومات والبيانات التي جُمعت من مصادر عراقية. كما قام الفريق بتسليم تقارير متعلقة بمواقع المقابر الجماعية إلى النظراء المختصين. وفضلاً عن ذلك، قام الفريق بمشاركة عدد من التقارير التحقيقية مع مجلس القضاء العراقي كنتاج تحليلي لما قام به فريق التحقيق الدولي من عمل وما استخلصه من نتائج بشأن بعض الجرائم الرئيسة التي ارتكبتها عصابات (داعش) في العراق، ومن ضمنها الجرائم المالية، وجرائم تطوير واستخدام الأسلحة الكيمياوية، والتي تستند إلى أدلة أساسية".
وأضاف، "لكن يظل الأمر الأهم هو كيفية استخدام تلك المعلومات لتتحول إلى أدلة في سياق قانوني ومن خلال قضايا محددة لمحاسبة عناصر (داعش) على جرائمهم الدولية"، مبيناً أنَّ "قيمة كل المعلومات ترتبط بسياق كل قضية، وكيف يمكن أن تستخدم المعلومة في السياق الصحيح لتتحول إلى ما نسميه دليلاً مقبولاً أمام المحاكم بما يؤدي إلى إدانة مرتكبي تلك الجرائم".
وذكر أنَّ "معظم تلك المعلومات تنطوي على مستندات وصور ولوائح أو قوائم خلفها (داعش)، وعمل الفريق على تجميعها وتبويبها وتصنيفها وترتيبها ثم تسليمها إلى مجلس القضاء الأعلى كونه السلطة المختصة المعنية بتسلم تلك المعلومات أو الأدلة". وأشار إلى أنَّ "الفريق يقوم بذلك بما يتماشى مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في منتصف كانون الثاني الماضي، بشأن تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2697".

جرائم إبادة
وبيّن أنَّ "الفريق جمع كماً هائلاً من المعلومات عن الجرائم المرتكبة من قبل (داعش) والتي ترقى إلى كونها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفي بعض الأحيان إبادة جماعية"، وأوضح أنَّ "طريقة جمع الفريق للمعلومات ترتكز على سياقات الجريمة وإثبات نوع الهجوم والنية التي انطوى عليه تنفيذه؛ إن كان منهجياً وواسع النطاق أو موجّهاً ضد مجتمع بعينه، مثل خطف الإيزيديين أو قتلهم أو اغتصاب نسائهم أو استعبادهم. ولكي تتم الاستفادة من تلك المعلومات بالشكل الأمثل، يتطلب الأمر أن يكون هناك إطار قانوني مناسب على المستوى المحلي، يسمح بملاحقة عناصر (داعش) بتهم ارتكاب جرائم دولية"، مبيناً أنَّ "ذلك بالطبع أمر سيادي عراقي منوط بالمشرعين العراقيين، لكنه أمر أساسي للتعامل مع طبيعة تلك الجرائم الفظيعة، وتحقيق العدالة التي يسعى إليها الضحايا العراقيون."
وتابع أنَّ "الفريق قدّم الدعم الفني للمبادرات العراقية بالعمل مع الخبراء الوطنيين العراقيين لصياغة تشريع عراقي ملائم يدعم استخدام المعلومات في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم من عناصر (داعش)، مشيراً إلى أنَّ "الفريق يواصل العمل على إنجاز برنامج الرقمنة الذي يؤرشف المستندات الورقية داخل المحاكم العراقية المختصة في مناطق متعددة في العراق، حيث سنستمر بالتعاون معهم لإكمال مشروع الرقمنة حتى انتهاء ولاية الفريق. وكان من المخطط ضمن هذا البرنامج إنشاء أرشيف مركزي شامل في مجلس القضاء الأعلى لربط تلك المحاكم مع بعضها إلكترونياً، بشكل يدعم تعظيم الاستفادة من هذه المعلومات".
وأشار إلى أنَّ "بعض المعلومات أو الأدلة ضمن محفوظات الفريق تتطلب استحصال الموافقة من المصدر سواء كان شاهداً أو دولة ثالثة أو منظمات غير حكومية، وهذا الأمر ملزم للفريق ليس إزاء العراق فحسب، وإنما إزاء جميع الدول ذات الولاية، بما يتماشى مع معايير الأمم المتحدة"، وأضاف أنَّ "المرحلة المقبلة ستتضمن نقاشاً بين الأمم المتحدة والعراق بشأن كيفية التعامل مع أرشيف الفريق عقب انتهاء أعماله."

علاقات جيدة مع بغداد
وأشاد ريتشر "بالعلاقات الجيدة التي تربط الفريق بمختلف السلطات العراقية سواء في الحكومة الاتحادية أو إقليم كردستان وما زالت تلك العلاقات قائمة"، منوهاً بـ"روح التعاون والدعم المستمر؛ حتى في ظل تمسك الحكومة العراقية بقرارها إنهاء عمل الفريق".
وأوضح أنَّ "الفريق يقدم الدعم حالياً لـ20 جهة وسلطة قضائية في دول أخرى تلاحق عناصر (داعش)، بما يتماشى مع ولايته، بعد أن قدمت تلك السلطات طلبات مساعدة للفريق سعياً لتوفير المعلومات والأدلة"، وذكر أنه "ربما ستكون هناك صعوبة في مواصلة ذلك العمل عقب انتهاء ولاية الفريق، حيث سيتطلب الأمر أن تقوم كل من تلك الدول بتحديد كيف ستقوم باستكمال التحقيقات، وما إذا كانت ستواصل العمل بشكل مباشر مع القضاة العراقيين، وهذا يعتمد على العلاقات الثنائية بين العراق وكل من تلك الدول."
وأوضح أنَّ "الفريق يسابق الزمن ويبذل كل ما في وسعه حتى لا تذهب جهوده وعمله على مدار السنوات الماضية سدى بعد إنهاء مهامه، كما يجب أن يكون هناك استفادة من إرث الفريق بحيث تستكمل السلطات العراقية العمل، وهو أمر أكد كل المسؤولين العراقيين حرصهم عليه"، وذكر أنَّ "الحكومة العراقية أبلغت الفريق بقيامها بتكليف فريق وطني سيكون منوطاً به مواصلة العمل بعد انتهاء ولاية فريق التحقيق الدولي، وأنه خلال الأشهر المقبلة سيواصل الفريق الدولي الإسهام في بناء قدرات الخبراء الوطنيين العراقيين دعماً لهذا الهدف".
وأضاف أنَّ "السلطات العراقية يجب أن تستمر بالتحقيق في جرائم (داعش) مع المجتمعات المتضررة، وسيقع على عاتق العراق، وربما المجتمع الدولي أيضاً، مسؤولية الوصول إلى مقاربات تتيح استمرار هذا العمل بعد انتهاء ولاية الفريق، ودعم العدالة بشكل يتيح مشاركة الضحايا والناجين في عمليات المساءلة".
وذكر المستشار الخاص أنه "يعتز بتجربة عمله في العراق وبالسنوات التي أمضاها في بغداد، إذ شعر دوماً بحفاوة وكرم هذا الشعب العريق، وأنه طالما انبهر بهذا البلد مهد أقدم الحضارات الإنسانية، والذي لديه الكثير ليقدمه للعالم"، مشيراً إلى أنه "يرغب في زيارة العراق مرة أخرى بشكل خاص كسائح وليس كمسؤول أممي".

قرار سيادي
وكان مجلس الأمن الدولي وافق في وقت سابق على طلب الحكومة العراقية تمديد عمل فريق "يونيتاد" لعام واحد فقط ينتهي في أيلول 2024، وقال مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين لوكالة "رويترز": إنه "لم تعد هناك حاجة لفريق التحقيق من وجهة نظر بغداد، وإنه لم يتعاون بنجاح مع السلطات العراقية"، وأضاف "من وجهة نظرنا، انتهت مهمة البعثة ونقدر ما أنجزته من عمل، وحان وقت المضي قدماً".
وأوضح أنَّ "البعثة لم ترد على طلبات متكررة لمشاركة الأدلة" ويتعين عليها القيام بذلك الآن قبل إنهاء عملها.

تحرير: محمد الأنصاري