ثلاث قصائد

ثقافة 2024/04/02
...

   ياسين طه حافظ                  

 


1 - خطابات إلى صانع المعجزة

أيَّهذا الجلال وراء سحاباتهِ وارتحالاتهِ وعديد الصورْ

أيها السلَفُ المتوحّدُ بعد غياباته والمصائر،

أيها السرُّ،

ما بيننا الآصرة،

بيننا نسغُ الحكمة الغائبة

بيننا الرَحِمْ.


أنت ذاك الذي يعطف الخطوَ ويهمس لي 

بالحقيقة.

من يشير إلى ما يواجهني سيفُه في الطريقْ،

أنا أصغي إليك وافتح عينيَّ منتظراً

أن أرى ما تقولْ.


يا لتلك القصيد البتولْ

نحن ذريّةُ في البقاع وفي عطفات السنينْ

نحن في عالمٍ ما ارتضيناه وليس لنا 

غير أن 

نتحرك بين حجارتهِ ومخاليقهِ.

لم نُسَرّ بتفاحة مثل تلك التي

كنتَ تقطفها وتشير لنا.

تحولُ الوصايا منى!

اسأل الآن، من كل عالمنا،

ما مضى عابراً أو أتى،

أيّما حصةٍ لنا؟


أسأل الآن هل كان لي ما أتى،

عَرَضاً ومضى؟

فأنا دونما صلةِ بعدُ ولا أيُّ

بارقةٍ تُقتَنى؟


هل نرى بعدُ برجاً يشير، نرى

في الدياجير باباً مضاءْ؟

هل تلامسنا روحُ بابل كي ننتمي

لملائكَ غائبةٍ ويطهّرنا وهَجُ الالهه؟

أيُّ مجدٍ سواه

حينما كانت الأرضُ إنسانُها إليهْ؟


قدَرٌ خارج عن أرومته أعقمَ خطَّ السلالاتِ

فنحن هزإلى وننجب مكتئبينْ.

والجمالُ وحيداً بعزلته والشيوخُ اوجهُهم للمواقدْ

ويمرُّ على القاعدين حفيفُ متاهتنا القاحلة.


أيّها الوهجُ الأبديُّ، يا عقل آلهةٍ مُصعِقاتٍ خوارقُها،

ساكنٌ وابارك ما كانَ،

أصدّقُهُ، حدَثاً أو حلُمْ!

فاقدٌ كلَّ شيءٍ أنا، نقطةٌ في مدى

وأرفُّ إلى مجدك الأبديّ، لماذا هجرتَ البلادْ

وأبقيتَ هذي القبائل راكدةً في أماكنها

بينهم مدعو حكمةٍ طول أوقاتهم ينفخون الرمادْ؟


حزنُ شيخوخةٍ، استظلّ بسقف بعيد عن الماءِ

استعرض الرغبات القديمةَ للراحلينَ

وألقي إلى نارها  رغبتي والكلامَ الدفينْ.


يا لنا، نحن من ينقشون على صفحة الموتِ

اسماءهم وخساراتهم،

"ما بوسع الذي تركته السنونْ

سوى أن يعدّدَ ما كانَ؟"

لن نستطيع اللحاق بما فاتنا

المراكبُ عاطلةٌ والمساءُ دنا!

2 - الوباء

نحنُ لا نملكُ غير الطريق القديم نسير عليهِ 

إلى خبزنا 

وإلى حَشْيَةٍ تسندُ اجسادنا لننامْ

أهيَّ جائحةٌ أم هو الغمْرُ يجرفُ ناساً وآنيةً 

ومغاليقَ من زمنٍ تُقتنَى ؟ 


واحداً واحداً يتعقّبنا 

نتّقي من نمرُ بهم ، من يمرون مرتجفين بنا 

وهو الموت في الريح ومن سوف ينجون او يولَدون 

لا طريق لهم غير ذاك الذي كان ، وحكمتُهم 

" هي هذه لا غيرها .. " 


يقحمُ الغامضُ صمتَ منازلهم

لا يصدون داهيةً قصدتهم ولا يعرفون طريقَ نجاة 

هو في كل درب وزاويةٍ وعلى شجرٍ وسياجْ .

ربما هو في الباب منتظرٌ أو على مقعدٍ

يترقّب من سيكونْ!

الاحاديث خافتةٌ إذ يمدون أيديَهم للصحونْ: 

خبرٌ : " هو في جارنا ! " 

نحمد الله أن ليس نحنُ ، وأن علِقَت غصّةٌ ، 

صدفةٌ هي، ما ضرَّهُ لو خطا خطوةً بعدُ واختارنا ؟ 


عالمٌ يحكمُ الموتُ فيه ، وليس سواه . 

هي هذي حقيقتنا: 

نحنُ اسرى مشيئةِ ما لا نراه ! 

3 - في صمت الليل


في صمت الليلِ

وحين تظل مصابيح الشارعِ

مستوحدةً 

لا احدٌ يأتي لا احدٌ يمضي،

اخرجُ

احملُ بعضاً من نفسي 

ادفنهُ في الظلمةِ 

لا احدٌ يدري..