صباح محسن كاظم
اعتمد الباحث "خيون التميمي" بكتابه (من سومر إلى أمريكا.. رحلة ثقافيَّة) الصادر في آذار 2024 عن دار المرايا - بغداد بـ535 صفحة، على عدة مصادر تاريخيّة متنوعة لعلماء الآثار من طه باقر إلى بعض المشتغلين بإركولوجيا البحث التاريخي حيث كتب بموضوع النحت في عصر الدولة السومرية الثالثة –والأكدية: انصب اهتمام النحات السومري في مرحلة النهوض الثالثة على تفضيل تقنية النحت البارز والذي يستخدمه في المسلات وخصوصاً الكبيرة مثل مسلة الملك (اور – نمو) والمنحوتة من كتلة كبيرة الحجم الكلسي والتي يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار (محفوظة الآن في متحف الجامعة في – فيلاديلفيا – في الولايات المتحدة الأمريكية (كتاب الباحث "خيون التميمي " بالجزء الأول أعده إنطولوجيا شاملة من التاريخ السومري إلى الإبداع المهجري، الفصل الأول ركز بالعراق القديم بلاد ما بين النهرين بكل التفاصيل والجزئيات والمحطات الفنية والثقافية بالحضارة الرافدينية، ثم تحول بالفصل الثاني الى عصر ما قبل الإسلام والشعر والتركيز على البصرة والكوفة والعصر الأموي، لينتقل بالفصل الثالث الى الدولة العباسية والتطور الأدبي والفني في العراق، الشعر، والغناء والموسيقى كزرياب، والمقامات عند الحريري، الفصل الرابع توقف بمحطات الثقافة العراقية بعد الدولة العباسية فيما ركز المؤلف التميمي بالفصل الخامس بسيرة عشرات من المبدعات والمبدعين، واستعرض عشرات الصحف والمجلات الثقافية مع بعض من رموز الإبداع العراقي، لا ريب أنه لا يوجد عمل متكامل كإنسكلوبيديا شاملة بأسماء المبدعين وسيرتهم لذلك حاول "التميمي" المرور بالجزء الأول على –بعض- المبدعين من شعراء وروائيين وتشكيليين ومسرحيين ونقاد.. فلا يتسرع من يطلع على الجزء الأول بالحكم بالإقصاء لبعض دون آخر، لا يمكن بتاتاً كتابة سيرة الجميع، من الطبيعي حينما تكتمل الأجزاء تتضح معالم الكتابة في هذا السِفر التوثيقي الجميّل، النادر بتوثيق الفعاليات الثقافية للجالية العراقية من نخب إبداعية اتخذت المهجر من عقود خلت، ثم اندمجت بالمجتمع الأمريكي وكانت أفواج الهجرات المتلاحقة ازدادت بعد انتفاضة شعبان 1991، إذ توجه آلاف من الفارين بجلودهم بسبب الحروب والقمع الفاشستي، ساهم وشارك معظم المبدعين من المغتربين بأمريكا بفعاليات ثقافية تعكس حب الشعب العراقي للمسرح، الغناء، التشكيل، المهرجانات الشعرية والثقافية فكانت كرنفالات البهجة تعكس التواصل بين الجذر والمهجر البديل. إن أرشفة الثقافة العراقية بتلك الموسوعة بعدة أجزاء جهد استثنائي يرصد التنوع الثقافي العراقي المدهش، فضلاً عن تعريف الأجيال بالرموز الإبداعيَّة من المبدعات بالداخل والخارج، والحفاظ على أرشيف عشرات الراحلين بالمهجر أو من هم على قيد الوجود والعطاء.