إيميلي لابارج
ترجمة: كريمة عبد النبي
قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان، ظهر فن جديد من فنون الرسم، عرف آنذاك بالفن الانطباعي، وأقيم أول معرض فني لمجموعة من الرسامين يمثلون حركة الانطباعيين.
وبعد مرور هذه الفترة الطويلة من الزمن تستضيف إحدى قاعات الفن في باريس بالتعاون مع القاعة الوطنية للفنون في واشنطن، معرضا فنيا يتضمن العديد من لوحات الفن الانطباعي بريشة كبار فناني هذه الحركة الفنية.
ويشهد المعرض، الذي يستمر لغاية الرابع عشر من تموز المقبل، إقبالا كبيرا لارتباطه بالحركة الانطباعية وكبار فناني تلك الحركة.
ومن بين كبار فناني هذه الحركة الرسام إدغار ديغاس الذي تعرض له مجموعة من اللوحات، تمثل مشاهد لراقصي فن الباليه وهم يؤدون رقصاتهم على المسرح، ولوحات تمثل هؤلاء الراقصين خلال عملية التدريب على الرقص.
كما يتضمن المعرض لوحات للرسام العالمي بيير رينوار الذي تعكس لوحاته الشخصيات البورجوازية في ذلك الوقت. ويستضيف المعرض أيضا لوحات الفنان الفرنسي كلود مونييه المعروف بوصف “رائد الحركة الانطباعية”. وقد سميت الحركة بهذا الاسم بعد أن رسم مونييه لوحة فنية عام 1872 أسماها “انطباع، شمس مشرقة” إذ كان الأول في تصوير هذا الأسلوب الفني في لوحاته، لذلك اشتق اسم الحركة أو المدرسة الانطباعية من اسم لوحته “الانطباعية”.
ويعكس هذا المعرض لحظات تاريخية لمجموعة من كبار رسامي الفن الانطباعي أنجزوا خلالها لوحات فنية لا تزال تعد الأكثر شهرة حتى وقتنا الحالي.
وتشير كل من آن روبنس وسيلفي بارتي، القيمتين على المعرض، إلى أهمية الأعمال المعروضة في معرض باريس، التي تخطت الزمن، إذ كانت نتاج ذلك الوقت الذي تميز بظهور كبار رسامي الفن الانطباعي. وقد وصفتا المعرض بأنه “أول معرض لرسامي الفن الانطباعي”
في نيسان من عام 1874 تحدثت الصحف الباريسية عن ظهور معارض فنية غير اعتيادية تميزت بعرض لوحات جيل حديث من الفنانين عكسوا الحداثة في لوحاتهم.
كان الفنانون في ذلك الوقت يعملون على اختيار الأوقات المناسبة التي يمكن خلالها إقامة المعارض الفنية التي تتلاءم مع سوق الفن، فيمكن للفنانين جني الأموال من هواة جمع اللوحات الفنية.
وقد عمل كبار فناني ذلك الوقت أمثال رينوار، مونيية، بيسارو، وسيسيلي على تأسيس جمعية خاصة بالرسامين، تأخذ على عاتقها إقامة المعارض الفنية. وتوسعت هذه الجمعية لتضم عددا كبيرا من الفنانين إلى عضويتها، وكان على كل عضو دفع مبلغ ستين فرنكا كاشتراك سنوي، بهدف تمويل إقامة معارضهم الفنية آنذاك.
وقد عملت تلك الجمعية كبديل لما يعرف بـ “صالون الفن” الذي تم تأسيسه عام 1667، إذ لم تقتصر معارض الجمعية على الفن والفنانين الذين رفضهم “صالون الفن” فحسب، بل شملت عددا من الفنانين الذين كانوا يرغبون في أن يصبحوا جزءا من حركة فنية جديدة تتطلع للمستقبل.
ويشهد المعرض الحالي في باريس عرض لوحات ترى النور لأول مرة منذ العام 1874، منها لوحة للرسام مونيية تمثل شارعا تصطف على جانبيه الأشجار، ولوحة للرسام سيزان، بالإضافة إلى لوحة للرسام بيرنارد ألفريد، وهي عبارة عن بورتريه لرجل. ويتضمن المعرض مجموعة من اللوحات التي تعكس التاريخ والفن الميثولوجي.
وتجمع لوحات المعرض الحالي في باريس بين لوحات جمعية الفنانين وصالون الفن، التي تعكس شعور مختلف الفنانين تجاه تجربة المعرض الفنية في ذلك الوقت. ويشمل المعرض لوحات الرسامة الفرنسية بيرت موريسو، وهي واحدة من رسامتين فقط انضمتا إلى جمعية الفنانين في ذلك الوقت. وتسلط لوحات هذه الفنانة الضوء على المرأة الوحيدة الغارقة في التأمل.
وقد تراوحت ردود الأفعال على المعارض التي كانت تقام في ذلك الوقت، بين النقد والإشادة، إذ وجه عدد من النقاد الكثير من النقد لهذه الأعمال وأصحابها، بينما أشاد آخرون بظهور هذا الأسلوب الجديد في الفن.
وقد سلط الكثير من رواد المعرض الضوء على لوحة مونييه “انطباع، شمس مشرقة”، التي أنجزها الرسام عام 1872، وهي تصور ميناء لوهافر، مسقط رأس الرسام.
ويظهر في مقدمة اللوحة زورقان صغيران، ومن فوقهما الشمس التي تعكس لونها على الماء، كما يظهر في الوسط عدد آخر من الزوارق، بينما يظهر عدد من السفن طويلة السواري في خلفية اللوحة، إلى جانب أشكال ضبابية تبدو كأنها مداخن للقوارب البخارية. وقد غيرت هذه اللوحة الفن التشكيلي، وتعد اليوم بمثابة حجر الزاوية لمدارس الفن الحديث. وعكس الرسام من خلال هذه اللوحة الأسلوب الضبابي الذي اعتمده في تصوير موضوع هذا العمل الفني الشهير.
ولم تحقق المعارض في ذلك الوقت نجاحا ماديا، لذلك تم حل جمعية الفنانين بعد فترة قصيرة من تأسيسها. وتبعت ذلك إقامة سبعة معارض فنية لفناني الحركة الانطباعية، اختلف بعضها عن البعض الآخر في الشكل والمضمون، إذ مثلت تلك المعارض مجموعات مختلفة من الرسامين.
وتعد قاعة المعرض الحالي في باريس مقرا لمجموعة الأعمال الفنية التي تمثل الفنانين العالميين من رواد الحركة الانطباعية.
عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية