بغداد: هدى العزاوي
في مطلع شهر شباط الماضي، كشفت السفيرة الأميركيَّة لدى العراق، آلينيا رومانسكي، عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة لأكثر من الضعف خلال العامين الماضيين، مبينة أنَّ صادرات العراق إلى الولايات المتحدة ارتفعت إلى أكثر من 110 ٪ وزادت وارداته أكثر من 150 ٪، ورغم ذلك، فإنَّ خبراء ومراقبين للشؤون الاقتصاديَّة والماليَّة يطمحون أنْ تؤدي زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والوفد الاقتصادي الرفيع الذي يرافقه إلى واشنطن إلى فتح آفاقٍ جديدة في الشراكة الاقتصاديَّة بين البلدين.
ويقول رئيس مؤسسة “أصول” للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة، خالد الجابري، في حديث لـ”الصباح”: إنَّ “زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة تعدُّ حدثاً مهمَّاً، وتظهر أهميَّة العلاقات الثنائيَّة بين البلدين، لا سيما في ما يتعلق بالجوانب الاقتصاديَّة، فقد أعلنت الأهداف المتوقع تحقيقها من هذه الزيارة، والتي تعدُّ بالغة الأهميَّة للنمو الاقتصادي في العراق”.
وأضاف، “يتمثل أحد الأهداف الرئيسة في فتح الباب أمام القطاع الخاص لتأسيس شراكات جديدة، وخاصة الشراكات طويلة الأمد، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل جديدة”، وتابع “كما تسعى الزيارة إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التكنولوجيا والطاقة، حيث تتمتع الولايات المتحدة بخبرة واسعة في هذه المجالات، ويحتاج العراق إلى هذه الخبرة لتحقيق خططه الاقتصاديَّة وتقليص معدلات البطالة”.
وينبّه الجابري، إلى أنه “من الناحية الأخرى، فإنَّ الحضور المصاحب للوفد العراقي لشركة الحبوب يبرز أهميَّة القطاع الزراعي في البلدين، فالولايات المتحدة تعدُّ من أكبر منتجي الحبوب في العالم، ولديها خبرة واسعة في تطوير هذا القطاع الحيوي، ويعكس هذا الاهتمام مدى حرص البلدين على تعزيز الأمن الغذائي وتطوير القطاع الزراعي، لا سيما أنَّ العراق اليوم يحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب الرئيسيَّة”.
وأكد، أنه “لا يخفى دور الولايات المتحدة كلاعبٍ أساسي في صناعة الغاز الطبيعي على الصعيدين المحلى والدولي، ومن المتوقع أنْ تسهمَ الشراكة بين العراق والولايات المتحدة في استثمار موارد الغاز الطبيعي في العراق بشكل أكبر، ما سيسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصاديَّة وتوفير فرص عمل جديدة في البلاد”.
ويختم الجابري بالقول: “يعدُّ تفعيل اتفاقيَّة الإطار الستراتيجي التي وقّعها العراق مع الولايات المتحدة الأميركيَّة عام ٢٠٠٨ وصوّت عليها مجلس النواب العراقي - وخصوصاً الجانب الاقتصادي - خطوة غير مسبوقة ومن شأنها أنْ تدفعَ بعجلة الاقتصاد إلى الأمام وتساعد في تطوير المشاريع التي تنعكس بأثر إيجابي على خدمات المواطنين والتي تهدف الحكومة تقديمها بأعلى مستوى”.
من جانبه، قال رئيس “المركز الإقليمي للدراسات” علي الصاحب، في حديث لـ”الصباح”: إن “زيارة السوداني تأتي في وقت تشهد منطقة الشرق الأوسط تداعيات كبيرة وكثيرة، لعب العراق فيها دور الوسيط في تهدئة الأوضاع الأمنيَّة وحتى السياسيَّة في مختلف الاتجاهات”.
وأضاف، “ولكن رغم ذلك؛ فالعراق يعاني من أزمة اقتصاديَّة سببها السياسة التي تتبعها واشنطن في الورقة النقديَّة من خلال التحفظ على عائدات النفط من قبل الخزانة والفيدرالي الأميركي، وقرارات العقوبات على أكثر من ١٤ مصرفاً متهماً بتهريب الدولار، ما ولّد انعكاسة سلبيَّة على قيمة الدينار العراقي أمام الدولار وحركة الأسواق المحليَّة وغيرها، لذلك كان الملف الاقتصادي من أهم ما تحدث به السوداني خلال لقائه ببايدن والإدارة الأميركيَّة وبعض المسؤولين في الخزانة الأميركيَّة”.
وتابع: أن “هذه التحركات تعدُّ نجاحاً يحسب للسوداني، وأيضاً فإنَّ ملف الطاقة والاستثمار نستطيع أنْ نضعه ضمن الملف الاقتصادي الذي سيعود بالمنفعة على العراق والعراقيين”.
ويرى الصاحب، أن “النجاح السياسي يتمثل بدور العراق في تهدئة الأوضاع المضطربة خاصة بعد الرد الإيراني على الكيان الصهيوني واتصالاته مع بعض الدول العربيَّة والإقليميَّة”، خاتماً بالقول: إن “صناعة القرار من داخل المنظومة الحكوميَّة بحاجة إلى فاعلٍ حقيقي يضع النقاط على الحروف ولا يجامل أو يداهن في القضايا الحساسة والمصيريَّة، وهذا ما أقدم عليه السوداني”.