عبدالله حميد العتابي
منذ بداية ولايته في العشرين من كانون الأول 2021 شدَّدَ الرئيس الأميركي جو بايدن على إعادة بناء تحالفات وشراكات الولايات المتحدة التي تضررت بسبب سياسة سلفه دونالد ترامب بعد أنْ ألحقَ أضراراً كبيرة بتحالفات الولايات المتحدة وحلفائها حين طالبهم بتسديد فاتورة الخدمات الدفاعيَّة التي تقدمها الولايات المتحدة. وكرر الرئيس بايدن كثيراً أنَّه سيعمل على تنشيط وتحديث تحالفات وشراكات الولايات المتحدة حول العالم، وهذا يعني التحرك لإعادة بناء التحالفات القديمة وتفعيلها من جهة وبناء شراكات جديدة من جانب آخر.
وفي ضوء زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للولايات المتحدة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات من قبيل ما جدوى التحالف مع الولايات المتحدة؟ وهل نحن بحاجة الى الولايات المتحدة؟ وهل نحن بحاجة الى استمرار العمل بمبادئ اتفاقيَّة الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008 في ظل حكومة نوري المالكي الأولى؟
لا أغالي إذا قلت إنَّ الشراكة الاستراتيجيَّة بين بلادنا والولايات المتحدة وفي إطار اتفاقيَّة الإطار الاستراتيجي ستنظم العلاقات الدبلوماسيَّة والاستراتيجيَّة وستسهم في تحقيق مصالح البلدين على جميع المستويات واحترام سيادة واستقلال العراق. والحق نحن بحاجة ماسَّة الى خبرات الولايات المتحدة في كل مفاصل الاقتصاد والتكنولوجيا؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر حاجتنا فعليَّة للأميركيين في إنتاج الغاز الذي يخسره العراق سنوياً بحرق ما مقداره ملياران ونصف المليار من الدولارات. ليس هذا فحسب فإنَّ بلادنا بحاجة كبيرة للاستفادة من الشركات الأميركيَّة المتخصصة في حقل الطاقة الكهربائيَّة لإنتاج ثلاثين ألف ميغا واط. ولدينا أكثر من خمسين ألف مصنعٍ تعطل إنتاجه بعد سقوط الصنم منذ العام 2003، ونحن بأمس الحاجة لإعادة تشغيلها واحتواء البطالة التي يعيشها شبابنا. ولا يمكن أنْ نحقق ذلك إلا بتوفير مناخ من الفرص الواعدة التي تستطيع الشركات الكبرى في الولايات المتحدة بموجبها المساهمة في مشاريع التنمية الاستراتيجيَّة الكبرى في العراق سواء في طريق التنمية أو غيره، لا سيما في حقلي الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقميَّة ومشاريع اتحاديَّة أساسيَّة في مجالات النقل والاتصالات والزراعة والاستثمار في الموارد الطبيعيَّة ومفاصل مهمة من الصناعة التحويليَّة، فضلاً عن الإفادة من فرص التعليم العالي والحصول على مقاعد دراسيَّة في الجامعات الأميركيَّة وقبول المبتعثين في الدراسات التي تفيدنا في التنمية وتطوير الاقتصاد العراقي.
إنَّ نجاح السيد السوداني في تفعيل الجانب الاقتصادي من اتفاقيَّة الإطار الاستراتيجي نجاحٌ باهرٌ للعراق؛ لأنَّه سيسهم في بناء أساس اقتصادي مباشر للعلاقة بين بلدنا والولايات المتحدة وسيمنح العراق فرص الاستثمار المنتج بأولويَّة أولى تسبق الأولويات الأخرى بما في ذلك التأسيس لعلاقات بنكيَّة بين البلدين تدعم العلاقات التمويليَّة بين البلدين.
إنَّ بوادر زيارة السوداني في اعتقادي ستدشن مرحلة جديدة في العلاقات العراقيَّة الأميركيَّة، لا سيما أنَّ السوداني نجح بعد عامٍ ونصفٍ من عمر حكومته بإقناع الأميركيين أنَّه شخصيَّة عراقيَّة قابلة للتفاهم.