المصالح الوطنيَّة أوّلاً

العراق 2024/04/18
...

عصام كاظم جري



الاقتصاد بأبسط صوره هو إدارة تقوم على تقليل النَّفقات، وتقوم على تجنُّب الإنفاق غير الضروريّ. وقالوا سابقاً عن المرء الناجح: أدار ممْتلكاته باقتِصاد.

والاقتصاد هو: ما يوفَّر، أو ما يتجنَّب إِنفاقُه. ووصف الاقتصاد أيضاً بـمجموعة الوقائع المتعلِّقة بالإِنتاج وتوزيعِه واستِهلاكِه في مجموعة بشريَّة ما. ويجيء هنا بمعنى اقتصاد وطنيّ أو قوميّ. والاقتصاد اعتدال في الاستعمال، هو كسب، وهو توْفير. إن العمل على تحقيق المصالح الوطنيَّة صفة محمودة ومنفعة كبرى، مهما كانت مسؤوليَّة ونوعيَّة وموقع من يقوم بتلك العهدة، والمصالح بالعموم هي جمع لمفردة مصلحة، وهي المنفعة، والمصلحة كالمنفعة بالوزن والمعنى، المراد بها (لغة) جلب المنفعة، ودفع المضرة. لقد ظل الشعب العراقي يعاني من غياب المنافع بمجملها، فضلا عن شظف العيش وشح الحياة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا دواء ولابِنية تحتية لائقة تصلح للاستخدام البشري. ويقينا السبب وراء ذلك هو سياسة التقاطع، التي فرضتها الحكومات الرجعية السابقة واتخذتها طريقا لها، لقد تسلّطت تلك الحكومات على رقاب وأرزاق الناس، ولا أحد ينكر معاناة الشعب العراقي من تلك السياسة الممنهجة، التي جلبت ويلات المضرة مرات ومرات من خلال الحروب العبثية والفوضوية والحصارات الاقتصادية الظالمة والأليمة والسعي وراء الطائفية التي دفع ثمنها المواطن العراقي، لقد أسهمت سياسات التقاطع في إبعاد الوطن سياسيا وثقافيا واقتصاديا ورياضيا وفنيا وإعلاميا وعلميا ودوليا لأكثر من عقدين زمنيين، إن طموح كل مواطن عراقي هو العيش الكريم والرغيد، بعيدا عن مقاطعة هذه الجهة أو تلك، ولا يتم هذا الطموح بالمقاطعات وإنما بالمنفعة المتبادلة التي تفرضها الحكومات مع بقية الدول الأخرى، لاسيما الدول العظمى منها، فالتقاطعات حتما تؤدي إلى مضرة اقتصادية شاسعة.

هذه المقدمة تصلح للكتابة عن زيارة السيد رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني، مع الوفد الوزاري والاقتصادي ومجموعة من القطاع الخاص المرافق له لواشنطن قبل أيام قليلة. حقيقة نحن اليوم بحاجة إلى انفتاح اقتصادي يلائم تطلعات المواطن العراقي، انفتاح مع كل قارات العالم ولا أقول مع هذه الدولة أو تلك الدولة بدوافع عاطفية أو جهوية أو أثنية، نحن بحاجة إلى صولة اقتصادية واسعة مع بقية دول العالم كافة، لا سيما وأن البلد يعيش مرحلة مهمة جدا من الاستتباب الأمني، الذي عكس ظلاله على خريطة الوطن، ولا يتخلف اثنان بأنَّ المرحلة الأكثر أهميَّة بعد هذا الاستتباب الأمني هو محور البناء الاقتصادي.

نحن ننتظر أنْ تحقق هذه الجولة من المباحثات والحوارات ما يصبو إليه المواطن العراقي، ويا حبذا أنْ تتم مكاشفة الشعب العراقي بكل شفافيَّة وحرص عن مستقبل تلك الاتفافيات، ليتسنى للمواطن العراقي معرفة آلية التسهيلات والتعاون الاقتصادي مع أميركا. نحن على يقين تام بأن السيد رئيس الوزراء يتمتع برضا سياسيّ وشعبيّ، وهنا ليست من مسؤوليتي أنْ أطرحَ المزايا الشخصيَّة للسيد رئيس الوزراء، ولكن هذه المقبوليَّة السياسيَّة والشعبيَّة تعدُّ رصيداً كبيراً للانطلاق بالعراق نحو العالميّة.