خطابان للمستقبل

العراق 2024/04/18
...

د.يحيی حسين زامل



في وقتٍ مشوبٍ بالحذر، غادر رئيس وزراء العراق “السوداني” إلی الولايات المتحدة الأميركيَّة، في زيارة طالما تأخرت بسبب الأحداث العالمية، والتي آخرها احداث غزة وارهاصاتها، التي انعكست علی منطقة الشرق الأوسط، وأحالتها إلی كتلة ملتهبة من النيران تدور في المنطقة مخلفةً آثارًا لا تنسی.
 ولذلك يمكن عَدّ هذه الزيارة في اطار السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتكملة لما انجزه رئيس الوزراء في مدة رئاسته للاصلاحات الاقتصادية، من قبيل السيطرة علی المصارف والعملة ومحاسبة الفاسدين، والسياسية من جهة تقريب وجهات النظر للكتل والاحزاب السياسية وخصوصًا تفاهماته مع الأقليم، ومحاولات الحكومة حصر السلاح بيد الدولة، والمشاريع العمرانية في العديد من الانجازات، كالمجسرات وانشاء مشاريع الاسكان والبنی التحتية، وإعادة تأهيل الصناعة التي لم يسلط الإعلام الضوء عليها، كما نوّه بذلك رئيس الوزراء نفسه في خطاب سابق، ودعم الزراعة والمنتوج المحلي الذي ينافس المستورد بشكل كبير، لذلك بحسب بعض المراقبين سيواجه السوداني في الولايات المتحدة خطابًا ناعمًا من قبل رئيس الولايات المتحدة وكابينته الحكومية، نظرًا لما انجز في تلك المدة، وسيواجه خطابًا خشنًا بعض الشيء من قبل الكونغرس الاميركي، لبقاء بعض الملفات العالقة كالسياسية والاقتصادية والأمنية، لا سيّما مع بعض جيران العراق الاقليميين، وخضوع هذا الجار للعقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركيَّة عليه، ولكن من المؤكد أن “السوداني” يمتلك الاجوبة المقنعة، التي تمنح الثقة له من قبل نفس الكونغرس والمجتمع الدولي، وذلك لما ابداه من حسن الأداء وصدق العمل في ادارة مفاصل الحكومة. 

وفي الوقت نفسه سيلتقي رئيس الوزراء العراقي مع الجالية العراقية في الولايات المتحدة الأميركيَّة، لغرض عرض وجهة نظره، وللاستماع الی وجهات نظر أبناء الجالية العراقية، وهذا ما يعزز وجهات النظر المتبادلة لتصحيح مسارات الحكومة، وجمع الآراء والاقتراحات الداخلية والخارجية، كمنهج كلي شامل يحيط بالواقع والعالم والعراق اليوم وما يواجه من احداث ووقائع سياسية واقتصادية وثقافية.

ومن المهم الإشارة إلی أن هذه الزيارات تبدد العزلة عن العراق، الذي ظل لعقود طويلة في حصار اقتصادي وحروب خارجية وارهاب اعمی، عانت منه جميع مكونات المجتمع العراقي، ولعل في هذه الزيارة تبديد هذه الغيوم والمحن عن سماء العراق، ودعم اقتصادياته ومشاريعه التنموية والحضارية، خصوصًا أن الزيارة خالية من أي مسؤول أمني كبير، وهذا ما يعزز الاتجاه نحو تطوير المجتمع وتحقيق الشراكة الاقتصادية والثقافة وتطلعاتها للحاق بركب الدول المتقدمة، التي تحرص علی تقديم التنمية والعدالة الاجتماعية وتحقيق الرفاهية والأمن الاجتماعي. 

 ويجب الاعتراف انه‫ منذ تسنم حكومة السوداني السلطة، فقد كان الهدوء والاستقرار هما السائدان في البلاد، كما أن الاستهدافات للبعثات الدبلوماسية أو القوات العسكرية قد تلاشت، والأمور في طور السيطرة بشكل تدريجي وتصاعدي، يعززه الواقع المستقر للاقتصاد وتأمين الحاجات والمتطلبات للمواطنين، سواء توفير الوظائف، أو تقديم الرعاية الاجتماعية، واحلال العدالة والسلم الاجتماعي. ‬‬‬‬

ووفقاً لذلك يمكن أنْ تأتي هذه الزيارة بعوائد كبيرة للعراق، وذلك نتيجة تفاعله واحتكاكه في هذه الزيارة مع العالم، في حداثته وتطوره وتقدمه علی جميع الاصعدة، ويمكن أن تأتي بشراكات عالميَّة مع دول ومؤسسات كبری، توفر خيارات وتطلعات مستقبليَّة عراقيَّة مهمة.