العدوان والتحريم الدولي

قضايا عربية ودولية 2024/04/22
...

علي حسن الفواز



تحولت الإحصائيات التي تُعلنها المنظمات الدولية والمدنية إلى وثائق فاضحة للعدوان الصهيوني على غزة، ولما يُرتكَب فيها من جرائم وحشية وعنصرية، فبقدر ما أعلنته منظمات الصحة العالمية واليونسكو من أرقام عن تدهور النظامين الصحي والتعليمي، وانعكاساتهما على مستقبل الطفولة وحاجات الصحة الأولية والعامة في القطاع، فإن معطيات الخراب الذي يتعرّض له الواقع الاجتماعي والتربوي والغذائي والنفسي للأطفال، لا يقل شأناً عن سيناريو الرعب الذي يفرضه العدوان على المدنيين، الذين يواجهون "حرباً ممنهجة" تقوم على العزل والتدمير والتهجير، وهي توصيفات تدخل في سياق "المحرمات الدولية" التي تُسهم في تدمير البيئات الصحية والنفسية والتعليمة للأطفال، وفي تعريض الواقع الاجتماعي إلى تأثيرات صادمة، لها انعكاس خطير على تدمير المجال الاجتماعي الحاضن لسلوكياتهم، ولعلاقتهم بالمجتمع الذي ينشؤون به، ونظرتهم لمفاهيم المعيش والانتماء والعلاقة مع العائلة والآخر.

ما نشرته مؤخراً منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" يُضاف إلى تلك الوثائق، ويضع المراقبين أمام صور سوداء ومشوهة للواقع، فالأرقام تؤكد على تعرّض أكثر من "12" ألف طفل فلسطيني إلى إصابات متعددة، منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول في العام الماضي على غزة، فضلاً عن استشهاد نحو "14" طفلاً  كما تقول المصادر الطبية في قطاع غزة، وهو ما وثّقت بعضه الناشطة الأميركية ميغان وولي، التي قامت بتوثيق ذلك عبر منصة "التيك توك".

ما نشرته "اليونسيف" في تقريرها يرسم صورة قاتمة عن الرعب الذي أصاب الطفولة في غزة، فالإصابات كما تقول المتحدثة بإسم المنظمة تيس انغرام، "تتنوع بين تلك المُدَمِرة الناجمة عن الغارات الجوية، والصدمات النفسية جراء وقوعهم في اشتباكات عنيفة، وأن هناك قصص أطفال تعكس صورة مروِّعة للعواقب الإنسانية للصراع".

هذه الأرقام مدعاة للدرس والمراجعة، وللإدانة، وللكشف عن طبيعة العدوان، ولما يُنتجه من الإكراهات النفسية والجسدية التي يتعرّض لها الأطفال والنساء، اللذان تعدّهما المنظمات الدولة من الفئات الهشة اجتماعياً، حيث يُمنع تعريضهما إلى مصادر العنف والكراهية والقتل والحرمان في الحروب، وهذا ما يؤشّر مدى الخرق الدولي الأخلاقي والإنساني والقانوني الذي يقوم به الكيان الصهيوني، وهو يواصل منذ أكثر من سبعة أشهر عدوانه الوحشي على غزة "رغم  صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً" وكذلك موقف محكمة العدول العدولية من استمرار هذا العدوان.