كافكا الأكثر مرحاً

ثقافة 2024/04/25
...

 ديفيد بارنيت
 ترجمة: مي إسماعيل

تكشف بعض المقتنيات (التي تعرض في أوكسفورد ببريطانيا) الجانب الأكثر بساطة ومرحا لشخصية الكاتب {فرانز كافكا}، والرؤى الفكاهية لكاتب عرف بقصصه ذات الطابع الكابوسي؛ وأن صورته الصارمة تخفي وراءها جانبا أكثر فكاهة.  

استيقظ كافكا من النوم ذات صباح، بعد أحلامٍ قلقة، ليجد نفسه وقد تحوّل في فراشه إلى.. شخصٍ أكثر مرحاً.. فعلياً.. لم يُعرف الكاتب المولود في براغ والذي توفى قبل نحو قرن من الزمن وهو في الأربعين من العمر، بالمزاح في رواياته وقصصه "مثل- المسخ، والمحاكمة، والقلعة"؛ بل كان معروفا بتصوير كوابيس أشخاص اعتياديين محاصرين في متاهات بيروقراطية لا يمكن اختراقها.
لكن عرض بعض المقتنيات التي لم تظهر سابقا؛ ومنها- الوثائق والنصوص الادبية والمراسلات؛ كشفت عن جانب أكثر مرحا من شخصيته.
من بين تلك الوثائق هناك بطاقة بريدية من كافكا إلى نسيبه، يتندر فيها على نفسه ويمتدح مهاراته الاستثنائية في التزلج "وقد كان في صحة سيئة حينها"؛ مُدعيا أن صورة المُتزلج المرسومة على البطاقة تُمثله، وهو يشارك في سباق للتزلج المشاركة من على جبل كريفان "ضمن سلسلة جبال تاتراس" الواقعة في سلوفاكيا الآن.
وفي وثيقة أخرى كتب "ماكس برود"؛ صديق كافكا الذي التقاه في الجامعة حيث درس الاثنان القانون، أنه خلال قراءات الأول مع صديقه كان كافكا غالبا ما.. "ينفجر ضاحكا بانطلاق"؛ وهو ما يُخالف الصورة القاسية للكاتب ذي المظهر المتوجس.
 ولعل القطعة الأكثر تسلية في المعرض -عن غير قصد- هي الرسالة التي أرسلها كافكا إلى رئيسه في شركة التأمين التي كان يعمل بها حينذاك "تقريبا سنة 1912"، قائلا إنه "يشعر بمرض شديد يعيقه عن القدوم إلى العمل".
كان كافكا فعليا يتصنع المرض؛ إذ قضى الليل مستيقظا يكتب القصة التي أصبحت عمله المتميز، "الحُكُم- The Judgment".

نزاع على تركة كافكا
لا يقتصر المعرض الذي يتزامن مع مئوية وفاة كافكا عام 1924، وعنوانه: "كافكا- كيف نشأت الايقونة" على عرض الجوانب الهزلية؛ بل يُقدم مخطوطات أصلية لأفضل أعماله؛ من مجموعة مكتبة "بودلي -Bodleian Library" وهي "المكتبة البحثية الرئيسية بجامعة أوكسفورد، وأحدى أقدم مكتبات أوروبا.
المترجمة، عن موسوعة ويكبيديا" إلى استعارات من مصادر دولية.
الوثيقة الأهم هنا هي المخطوط الأصلي لرواية "المسخ-The Metamorphosis" التي نُشِرَت عام 1915؛ التي تستيقظ الشخصية الرئيسية فيها: "غريغور سامسا-Gregor Samsa " ليجد نفسه وقد تحول إلى حشرة عملاقة. وهناك أيضا رسوم توضيحية مستقاة من علم الحشرات، تستكشف احتمالات للشكل الذي قد يبدو عليه المخلوق الذي كان سامسا.
تقول المنسقة المشاركة للمعرض البروفيسورة "كارولاين دوتلينجر": "نحن متحمسون للغاية لهذا المعرض، الذي سيحكي قصة حياة كافكا وزمنه وأعماله؛ بما في ذلك كيف وصلت مخطوطاته إلى مكتبة بودليان في أوكسفورد".
وتلك  قصة تستحق بحد ذاتها تقريبا أن تنال وصف "حبكة كافكا"؛ إذ طلب المؤلف حرق جميع مخطوطاته بعد وفاته التي جاءت بعد معاناة من مرض السل.
 لكن "ماكس برود"، الذي كان أيضا مُحرره؛ تجاهل رغبات كافكا، وانتقلت الأوراق إلى أربعة من بنات شقيقة كافكا.. جرى تخزين الأرشيف داخل قبو بنك في زيورخ لعدة سنوات، حتى عام 1961؛ حينما تفاوض السير "مالكولم باسلي" وهو زميل دراسة الأدب الألماني في كلية مجدلين بجامعة أوكسفورد، مع ورثة كافكا لوضع المواد على سبيل الإعارة الدائمة لدى مؤسسة بودليان.
في عام 2011 أراد ورثة "أوتلا" شقيقة كافكا بيع الرسائل التي كتبها كافكا اليها.
ولمعرفتها بعدم القدرة على شراء تلك الرسائل في مزاد مفتوح؛ توصلت مؤسسة بودليان في الساعة الاخيرة إلى اتفاق تشاركت بموجبه مكتبات أوكسفورد والأرشيف الأدبي الألماني "Deutsches Literaturarchiv" في مارباخ للحصول عليها والاحتفاظ بها لدى مؤسسة بودليان. هناك أوراق من أعمال كافكا الأخرى؛ بما فيها مخطوطة "المحاكمة-The Trial"، محفوظة في الأرشيف الأدبي الألماني "Deutsches Literaturarchiv"، بينما توجد بعض المخطوطات التي تشكل جزءاً من أرشيف "برود" لدى مكتبة بمدينة القدس.
وبيعت رسائل كافكا إلى خطيبته "فيليس باور" (التي لم يتزوجها قط) لأحد هواة جمع التحف الخاصة مقابل نحو نصف مليون جنيه إسترليني بمزاد لدار سوثبي للمزادات عام 1987، ولم يتم عرضها للجمهور منذ ذلك الحين.

صحيفة الأوبزرفر البريطانية