رئيس الوزراء: أطلقنا ستراتيجيات للارتقاء بواقع العمال
• بغداد: محمد الأنصاري
• القاهرة: إسراء خليفة
افتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، أعمال مؤتمر العمل العربي بدورته الخمسين، الذي تستضيفه العاصمة بغداد للمدة من (27 نيسان - 4 أيار)، وشهد حفل افتتاح المؤتمر حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس منظمة العمل الدولية، ورئيس مجلس إدارة منظمة العمل العربية، ووزراء العمل العرب، وعدد من البعثات الدبلوماسية.
وألقى رئيس الوزراء كلمة أشاد فيها بالقائمين على المؤتمر، وخطة عمله، و التقارير التي ستتمّ مناقشتها، وبيّن أن بغداد كانت قبل 59 عاماً شاهداً وموطناً لكتابة شهادة ولادة منظمة العمل العربية، حيث اجتمع في الثاني عشر من عام 1965 وزراء العمل في بغداد، وعقدوا مؤتمرهم الأول الذي وافقوا فيه على الميثاق العربي للعمل، وعلى مشروع دستور منظمة العمل العربية، لتكون مظلةً تجتمع تحتها الأفكار الخاصة بشؤون العمل والعمال.
وقال السوداني، في كلمته خلال المؤتمر،: إن "الحكومة هيأت كل الأسباب التي تكفل تميز هذا المؤتمر، ليخرج بتوصيات وقرارات وأفكار إيجابية ودعم للمنظمة"، مشيراً إلى "الدعم الكبير للحكومة العراقية لإنجاح نشاطات منظمة العمل العربية وبرامجها، من خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حين كان سيادته وزيراً لها".
وأوضح أن "انعقاد هذا المؤتمر يأتي في ظروف استثنائية عصيبة على المستويين العربي والدولي، حيث تواصل قوات الاحتلال عدوانها ضد أبناء غزة، منتهكة القانون الدولي وأعراف الحروب وقرارات الأمم المتحدة، ومنعوا الغذاء والدواء والسكن الآمن للفلسطينيين"، داعياً المجتمع الدولي ومؤسساته إلى "القيام بدوره من أجل إيقاف هذه الحرب الظالمة، انطلاقاً من المسؤولية الإنسانية والأخلاقية التي رسمتها القوانين والقرارات الدولية".
وأضاف: "استبق الجميع لتقديم التهاني إلى عمال العالم بعيدهم، في الأول من أيار، متمنياً لهم ولمنظماتهم النقابية والعمالية المزيد من التقدم والازدهار"، لافتاً إلى أن "العالم يشهد أزمات انعكس تأثيرها على الاقتصاد العالمي والوضع الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لشعوب المنظمة العربية، وأثر سلباً في إنتاجية العمل".
وأشار إلى أن "مؤتمر العمل العربي المنعقد في بغداد يتحمل مسؤوليات إضافية غير التي اعتادت المؤتمرات السابقة مناقشتها"، مؤكداً: "لا بدّ من العمل لتحسين أداء مؤسسات وعناصر سوق العمل، وبناء علاقة نوعية بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل".
وشدد على "ضرورة استقطاب المرأة إلى العمل بوصفها طاقة إنتاجية لا يمكن تعطيلها، وكذلك الحدّ من عمل الأطفال"، مؤكداً "أهمية اعتماد أساليب إنتاجية جديدة، ورفع مستوى العاملين والمؤسسات والإبداع والابتكار والتعاون مع التكنولوجيا الحديثة".
وتابع: "أطلقت حكومتنا الحالية العديد من الستراتيجيات والمبادرات التي من شأنها الارتقاء بواقع العمل والعمال، وأطلقنا (الستراتيجية الوطنية لتقليل ومنع أوجه عدم المساواة في عالم العمل للأعوام 2024 – 2028)، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وأطلقنا مبادرات التشغيل والتطوير الخاصة بالفئات المتعددة، في مقدمتها مبادرة (ريادة)، لتأهيل الشباب وإدخالهم سوق العمل". وبيّن، أن "فئة الشباب تمثل 60 بالمئة من مجتمعنا، وتعد العصب الأساس لحركة العمل"، مردفاً بالقول: "أسسنا صندوق العراق للتنمية برأسمال ضخم من أجل خلق بيئة استثمارية توفر الآلاف من فرص العمل". وأكد، أن "نجاح مؤتمر بغداد يتوقف على جدية مشاركة منظمات أطراف الإنتاج الثلاثة وعلى الحوار الاجتماعي"، لافتاً إلى أن "الحكومة تعمل على رسم تصورات مستقبلية بشأن القطاعات الاقتصادية الجديدة كالاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة والاقتصاد الأزرق، أي المسطحات المائية والأنهار وغيرها". وأعرب، عن تطلعه إلى "بناء عصري لمؤسسات العمل؛ لتحقيق نقلة نوعية بالأداء والتشريع والرقابة والسلامة المهنية بطريقة تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة"، مشيراً إلى أن "التكامل بين البلدان العربية يمكن أن يوفر سوق عمل تستوعب جميع القادرين على العمل". وختم قائلاً: "انطلقنا بمشروع (طريق التنمية) الذي سيوفر الكثير من فرص العمل، من خلال الصناعات التي سيتمّ توطينها في المناطق التي يمرّ بها".
لقاء دولي
واستقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على هامش المؤتمر، رئيس منظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو.
ورحب السوداني، خلال اللقاء، بزيارة هونجبو إلى العراق، للمشاركة في مؤتمر العمل العربي الذي تستضيفه بغداد، كونه أول رئيس لمنظمة العمل الدولية يزور البلد، مؤكداً أنّ العراق يعدّ من أوائل دول المنطقة التي انضمت إلى منظمة العمل الدولية، وذلك في سنة 1932.
وبحث رئيس الوزراء مع رئيس المنظمة التعاونَ لتطوير بيئة العمل في العراق، مشيراً إلى خطوات الحكومة في دعم أوضاع العمال من خلال القوانين والتشريعات، ومنها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال الذي جرى إقراره العام الماضي.
وأكد السوداني، الحاجة لخبرات منظمة العمل الدولية من أجل تشريع قانون جديد للعمل النقابي، وكذلك الحاجة لها في مجال التدريب والتأهيل وإنشاء مراكز تدريبية في العراق.
من جانبه، أشاد هونجبو بالتقدم الذي حققته حكومة السوداني في مجال دعم بيئة الأعمال، والاهتمام بقطاع العمل والعاملين فيه، من خلال تنشيط مجالات الاستثمار ورعاية العاملين في القطاع الخاص. إلى ذلك، قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي،: إن بغداد عادت بقوة للمساهمة في الفعاليات الدولية تحت قيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وفي كلمته خلال انطلاق فعاليات مؤتمر العمل العربي بدورته الـ50 في العاصمة بغداد، قال الأسدي: إن "مؤتمر العمل العربي يعقد في بغداد بعد انقطاع لسنوات"، وأضاف أن "المؤتمر سيدعم العمل الحكومي في تطوير القطاع الخاص وسوق العمل"، مؤكداً أن "ما يجري في غزة من قتل وكوارث ينبغي استذكاره".
الجامعة العربية
بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في كلمته خلال انطلاق فعاليات مؤتمر العمل العربي: إن "المؤتمر هذا العام يحمل خصوصية لانعقاده في بغداد"، معبراً عن "بالغ سعادته لوجوده في العاصمة بغداد"، وأعرب، عن "شكره لجمهورية العراق قيادة وشعباً على حفاوة الاستقبال وكل من ساهم في الإعداد الجيد لهذا المؤتمر".
وأضاف، أن "فلسطين تتعرض إلى هجوم خطير"، منبهاً إلى أن "سلطات الاحتلال الصهيوني تستقطع أجور العمال الفلسطينيين وتعتقلهم".
وشدد، على أن "حماية الحقوق الفلسطينية مسؤولية الجميع"، داعياً منظمة العمل الدولي إلى "التعامل مع خطة العمل المقدمة من السلطة الفلسطينية بشأن إعادة سوق العمل في فلسطين".
ونوّه، بأن "الحرب في فلسطين تسببت بفقدان أكثر من 550 ألف وظيفة"، مؤكداً "الحاجة إلى مواكبة تأثيرات التغيرات التكنولوجية في سوق العمل".
وفي العاصمة المصرية القاهرة، قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية جمال رشدي، أن هناك رمزية خاصة لهذه الدورة المنعقدة في مدينة بغداد التي احتضنت أيضاً الدورة الأولى التأسيسية، حيث أُقرّ خلالها دستور المنظمة قبل 59 سنة مضت.
وقال رشدي لـ"الصباح": إن "الأمين العام خصص جزءاً مهماً من خطابه لتناول أوضاع العمال الفلسطينيين وما يتعرضون له من جرائم، حيث أشار إلى أن المنطقة العربية قد شهدت إنجازات ثمينة في مجال الحماية الاجتماعية للعمال وتكريس ثقافة الحقوق النقابية باستثناء فلسطين التي تعيش ظروفاً مختلفة تماماً بسبب الاحتلال الإسرائيلي".
وشدد على أن "حماية الحقوق الفلسطينية مسؤولية الجميع بمن فيهم المنظمات الدولية كلٌّ في نطاق اختصاصه"، وأكد رشدي أن "أبو الغيط سيدعو منظمة العمل الدولية إلى التعاطي مع خطة الطوارئ المقدمة من الحكومة الفلسطينية لإعادة تأهيل قطاع العمل، والتي من المقرر عرضها خلال مؤتمر المنظمة في الشهر
المقبل".
والتقى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط على هامش المؤتمر ببغداد المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو، حيث تناول اللقاء مستجدات التعاون بين المنظمتين وسبل تعزيز نظم الحماية والعدالة الاجتماعية في المنطقة العربية، بالإضافة إلى ملفات حماية حقوق العمال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة التي ستتناولها الدورة القادمة لمؤتمر العمل الدولي الشهر المقبل.
إشادة بالعراق
من جانبه، أعرب المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جيلبرت هونجبو، عن شكره إلى الحكومة العراقية على استضافة مؤتمر العمل العربي بدورته الـ50 في العاصمة بغداد.
وقال هونجبو، في كلمته خلال انطلاق فعاليات المؤتمر: "نشيد باهتمام الحكومة العراقية بمؤتمر العمل العربي وإعادة نشاطه في العاصمة بغداد، ونقدم الشكر إليها على استضافة مؤتمر العمل العربي".
وأضاف، أن "هناك 54 حكومة و75 منظمة و17 كياناً إقليمياً يتعاونون على تمكين وتحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق الأعمال على أرض الواقع"، مشدداً على "وجوب مواصلة الاستثمار في الحماية الاجتماعية وتحسين ظروف العمل".
ولفت، إلى أن "الأحداث في غزة أدت إلى عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية في المنطقة"، مشدداً على "ضرورة أن تكون هناك إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع في غزة"، وتابع: "سنواصل العمل من أجل تخفيف الآثار والصراع في قطاع غزة، خاصة في ما يتعلق بسوق العمل".
حديث عربي
أما المدير العام لمنظمة العمل العربية، فايز علي المطيري، فأشاد باهتمام الحكومة العراقية بمؤتمر العمل العربي وإعادة نشاطه في العاصمة بغداد.
وقال المطيري، في كلمته خلال انطلاق فعاليات المؤتمر: "هنا من بغداد السلام وقبل 59 عاماً وضعت اللبنة الأولى لإنشاء منظمة العمل العربية". وأضاف، "نثمن حضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، شخصياً إلى المؤتمر وإعادة نشاطه في العاصمة بغداد وهذه شهادة وإخلاص على تفانيكم في خدمةً العراق".
وأشاد، بـ"اهتمام الحكومة العراقية بمؤتمر العمل العربي وإعادة نشاطه في بغداد"، مردفاً بالقول: "نشهد اليوم ثورة تكنولوجية متسارعة".
ولفت، إلى أن "ما يحدث في غزة وحشية لا تعرف حدوداً وهي حرب إبادة جماعية"، مؤكداً أن "المنظمة ومنذ نشأتها وقفت داعمة للقضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني ونحن ملتزمون بالدفاع عن هذه القضية".
وتابع: "ينبغي علينا جميعاً تجديد التزامنا دفاعاً عن القضية الفلسطينية"، مطالباً بأن "تكون أحوال العمال في الأراضي المحتلة الفلسطينية بنداً أساسياً".
ضيوف بغداد
بدوره، قال وزير العمل القطري، رئيس مجلس إدارة منظمة العمل العربية، علي بن سعيد بن صيمخ المري، في كلمته: "نجتمع اليوم في ظل ظروف استثنائية وخاصة الواقع في غزة"، مؤكداً أن "أزمة غزة انعكست على واقع العمل في المنطقة".
وأضاف، أن "منظمة العمل العربية حققت خلال هذا العام الكثير من الإنجازات"، معرباً عن أمله في أن "يخرج مؤتمر العمل العربي بنتائج تحافظ على استحقاقات العمال".
وتابع: "استعرضنا في تقرير المنظمة واقع العمال في الأراضي الفلسطينية وما يتعرضون له من عمليات إبادة"، مؤكداً بالقول: "سنواصل دعمنا للقضية الفلسطينية".
ولفت، إلى أن "منظمة العمل العربية حققت العديد من الإنجازات لخدمة وتطوير سوق العمل العربي"، خاتماً بالقول: "نقدم الشكر للشعب والحكومة العراقية على تنظيم هذه الدورة في بغداد".
أما وزير العمل والتأهيل في حكومة الوحدة الوطنية الليبية علي العابد أبو عزوم، فقال في حديث لوكالة الأنباء العراقية "واع": إن "المؤتمر ينعقد للتعاون العربي المشترك في مجال القوى العاملة ومواجهة التحديات التي تواجه سوق العمل وخصوصاً الذكاء الاصطناعي".
وأضاف، أنه "من خلال تقرير مدير عام المنظمة ضرورة مواجهة التحدي بطريقة إيجابية من تدريب الشباب على الوظائف التي تهتم بالأمن السيبراني والمعلومات والتكنولوجيا، الدول العربية مجتمعة في هذا المؤتمر لدعم موقف الجامعة العربية وتعزيز التعاون الاقتصادي المشترك"، مشيراً إلى أن "الكثافة السكانية والقوى الشابة العربية كبيرة ويتم توظيفها بدعم الاقتصاد العربي واستفادة الدول من اليد العاملة وخصوصاً الدول المصدرة للنفط لأن لديها خبرات كبيرة يمكن الاستفادة منها".
وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، قال في حديث لوكالة الأنباء العراقية "واع": إن "انعقاد مؤتمر العمل العربي في بغداد له ميزة، لأن بغداد رمز عربي والعراق أرض الحضارات وجامع العرب والتعددية والرمزية للعراق، وخصوصاً أن تأسيس ميثاق منظمة العمل العربية سنة 1965 جرى في بغداد".
وأضاف، أن "المؤتمر مرتبط بالعمالة، لأن هناك نسبة بطالة في العالم العربي وأزمات اقتصادية، لذلك من المهم التفكير المشترك على المستوى العربي"، وتابع: "لا ينقصنا شيء سوى إدارة الكفاءات والمواهب الموجودة، وهذه فرصة لإعلان موقف واضح لإدانة الحرب على غزة ولبنان وتأكيد حقنا في أرضنا ومقاومتنا".
وتابع: أن "الاجتماع العربي المشترك يجعلنا نفكر بأفكار مشتركة وتبادل الخبرات والاستفادة من الموارد المادية والإنسانية الموجودة في العالم العربي".