أبو ظبي: فيء ناصر
فازت رواية {قناع بلون السماء}للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي بالجائزة العالمية للرواية العربية {البوكر} لعام 2024 في دورتها السابعة عشر.
جاء الإعلان في حفل أُقِيم في إمارة ابو ظبي في الإمارات العربية المتحدة يوم الأحد الثامن والعشرين من أبريل.
أعلن الفوز الكاتب والروائي السوري نبيل سليمان الذي ترأس لجنة التحكيم لهذه الدورة والتي ضمت بالإضافة إليه الأديبة والأكاديمية الفلسطينية سونيا نمر والكاتب والروائي السوداني حمور زيادة والمترجم والمستعرب التشيكي فرانتيشيك أوندراتش والناقد والصحفي المصري محمد شعير وتهدف الجائزة الأدبية وهي الأكثر أهمية في المشهد الروائي العربي إلى مكافأة التميّز في الأدب العربي المعاصر ورفع مستوى الاقبال على قراءة الأدب العربي عالميا من خلال ترجمة الأعمال الفائزة ونشرها بعدة لغات عالمية رئيسية.
ودشنت الدورة الأولى من هذه الجائزة عام 2007 تحت رعاية جائزة البوكر العالمية في لندن ويقوم مركز أبو ظبي للغة العربية بدعمها حاليا.
ومن تقاليد الجائزة أن لجنة التحكيم التي يبلغ عددها خمسة أعضاء ويُعينون سنويا من قبل مجلس أمناء الجائزة، تظل مجهولة حتى يتم الإعلان عن الروايات التي ترشحت للقائمة الطويلة.
تبلغ قيمة الجائزة خمسين ألف دولار أمريكي، وينال كل من المرشحين الستة المتـأهلين للقائمة القصيرة عشرة آلاف دولار أمريكي.
تم أختيار الرواية الفائزة هذا العام "قناع بلون السماء" للروائي الفلسطيني باسم خندقجي والصادرة عن دار الآداب من بين 133 رواية ترشحت للجائزة في دورتها الحالية باعتبارها أفضل رواية نُشرتْ بين حزيران 2022 وحزيران 2023 ، وكانت ضمن القائمة الطويلة التي ضمت ثماني عشرة رواية والقائمة القصيرة التي ضمت ست روايات هي "باهبل" لرجاء عالم من السعودية، "خاتم سليمى" لريما بالي من سوريا، "سماء القدس السابعة" لأسامة عيسى من فلسطين، "مقامرة على شرف الليدي ميتسي" لأحمد مرسي من مصر، "الفسيفسائي" لعيسى ناصري من المغرب.
وتسلمتْ ناشرة الرواية وصاحبة دار الآداب رنا إدريس الجائزة بالنيابة عن الكاتب الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ عشرين عاما، وجرى اختيار الرواية الفائزة بالإجماع من قبل لجنة التحكيم كما صرح رئيس اللجنة نبيل سليمان في المؤتمر الصحفي الذي أعقب نبأ الفوز، وقال ردا على سؤال هل تم اختيار الرواية تضامنا مع الأسرى الفلسطينين ودعما لغزة في ظل الحرب الحالية التي يشنها الجيش الاسرائيلي، إن: "قناع بلون السماء" على حدة وباسم خندقجي على حدة.
وأضاف: فازت الراوية لأنها تستحق الفوز فنيا وإنها فرضت نفسها على لجنة التحكيم بجمالياتها وفنيتها بغض النظر عن كون الكاتب يقبع في سجون الاحتلال، في هذه الرواية يندغم فيها الشخصي بالسياسي في أساليب مبتكرة، مشبرا إلى أنها رواية تغامر في تجريب صيغ سردية جديدة للثلاثية الكبرى: وعي الذات؛ وعي الآخر؛ وعي العالم، حيث يرمح التخيّل مفككا الواقع المعقد المرير والتشظي الأسري والإبادة والعنصرية.
وأن شخصيات الرواية حتى أكثرها محدودية هي شخصيات غنية لاتنسى وهذا هو الفن الروائي ولا يهم اذا كان الكاتب أسيرا أو محكوما أو طليقا.
من جهتها تقول الدكتورة سونيا نمر: في الحقيقة كان هناك تخوف أن فوز الرواية قد يسبب انتقادات بأن لجنة التحكيم تعاطفت مع الكاتب لكونه أسيرا، وكذلك لظروف حرب غزة الحالية، لكن في الحقيقة إننا في لجنة التحكيم قد قرأنا كل الروايات في القائمة الطويلة ثلاث أو أربع مرات حتى نختار روايات القائمة القصيرة ثم قرأنا الروايات الستة مرتين لكي نختار الفائز.
وتابعت: في كل مرة كنت أقرأ "قناع بلون السماء" كنتُ أكتشف طبقة سردية مختلفة من الرواية وكأني عالمة آثار أحفر في الرواية لاكتشاف الكنوز، وبالتالي فالرواية فرضت نفسها فعليا علينا."
ولد باسم خندقجي في مدينة نابلس عام 1983 ودرس الصحافة والاعلام في جامعة النجاح الوطنية في نابلس واعتقل عام 2004 حين كان يبلغ الواحدة والعشرين من عمره وأكمل دراسته بالإنتساب لجامعة القدس وهو داخل السجن كتب خندقجي مجموعات شعرية، من بينها طقوس المرة الأولى (2010) وأنفاس قصيدة ليلية (2013)، وثلاث روايات هي "نرجس العزلة -2017"، و"خسوف بدر الدين – 2019"، و"أنفاس امرأة مخذولة -2020".
وبطل رواية "قناع بلون السماء" هو نور عالم آثار فلسطيني مقيم في مخيم في رام الله، يجد هوية زرقاء في جيب معطف قديم صاحبها الإسرائيلي اور، يرتدي نور قناع المحتل في محاولة لفهم تفكير الآخر ثم ينضم نور إلى بعثة تنقيب في إحدى المستوطنات لكي تتجلى له فلسطين المطمورة تحت التراب، هناك صراع هويات في المسافة الفاصلة بين اور ونور، وبين الهوية الإسرائيلية الزرقاء وورقة التصريح الفلسطيني، وبين السردية الأصلية المهمشة والسردية السائدة والمختلفة.
يقول يوسف خندقجي أخ الكاتب ومحرره الذي غلبته دموعه لحظة الإعلان عن فوز رواية "قناع بلون السماء": نحن كعائلة سعداء جدا بفوز باسم وهو استحقاق جدير لباسم وهذا انطلاق للعالمية من خلال فوزه بالجائزة، لكن هناك جانب آخر لهذا الفوز حيث ستُشن حملة عدوانية على باسم والجائزة في صحافة العدو الإسرائيلي، سبق لباسم أن تعرض للحبس الانفرادي عشرين يوما حين ترشح لقائمة الجائزة القصيرة وفرضت غرامة مالية عليه، واليوم بدأت حملة تحريض اخرى ضده، ولا ندري ماهي الإجراءات التي ستتخذ
بحقه".
وردا على سؤال كيف هرّب الروائي روايته إلى خارج السجن، قال يوسف إن فصول الرواية خرجت بصيغة رسائل ورقية وبعلم إدارة السجن الإسرائيلي إلى الخارج.