أداةٌ مبتكرةٌ في قراءة النصوص المسماريَّة
ألمانيا: إنريكي خيمينيز
يهدف مشروع {الأدب البابلي الإلكتروني} الذي أطلق في عام 2018 إلى تطوير أدوات رقميَّة تعمل على إنجازعملية إعادة الإعمار، ومن ثم تسريعها بشكل كبير. لقد كان أدب الشرق الأدنى القديم قيد إعادة البناء منذ إعادة اكتشافه في منتصف القرن التاسع عشر. روائعه مليئة بالفجوات التي يتم سدها بشق الأنفس من خلال الاكتشافات المحظوظة لمجموعة من المتخصصين المشاركين. لكن هذه عملية بطيئة: لا تزال هناك آلاف القطع النائمة في خزائن المتحف، والتي لا يمكن تخصيصها لأي تكوين.
لذا ستعقد قريبًا ندوة تتناول فيها مجموعة من الأوراق البحثيّة والدراسات لغرض عرض الطرق المختلفة واللازمة لتكملة مشروع إعادة الإعمار على أساس الذكاء الاصطناعي.
ففي “تطبيق الذكاء الاصطناعي التمييزي والتوليدي وتقنية Blockchain على التراث الثقافي: أمثلة على التطبيقات” يناقش نائب عميد الابتكار والمشاريع وأستاذ آثار الشرق الأدنى وعلوم البيانات الأثرية، في كلية لندن الجامعية البروفيسور مارك الطويل، أمثلة التطبيقات التي تدمج الأساليب التمييزية والتوليدية للذكاء الاصطناعي في مجال تحليل النص ورؤية الكمبيوتر. والقصد من ذلك هو استخدام هذه التقنيات للمساعدة في حماية القطع الثقافية والمواقع الأثرية وفهمها بشكل أفضل. ويتضمن هذا العمل برامج تم إنشاؤها للمركبات الجويّة من دون طيار لمراقبة المواقع الأثرية وحمايتها، واكتشاف مواقع أثرية جديدة، وتحديد وجود قطع أثرية ثقافية غير قانونية على المواقع الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي التوليدي لإعادة بناء القطع الأثرية المكسورة أو المتدهورة.
كما ويناقش أداة blockchain المستخدمة لإدارة المصنوعات اليدوية لمجموعات الكائنات والتي يمكن استخدامها للمساعدة في حماية التراث. وأيضًا الاحتمالات المستقبلية والطرق الأخرى التي قد يفيد بها الذكاء الاصطناعي التراث الثقافي وعلم الآثار في السنوات المقبلة. أما الدكتور أحمد الراوي، وهو أستاذ مشارك في كلية الاتصالات والفنون والتكنولوجيا بجامعة سيمون فريزر، كولومبيا البريطانية كندا، فيتناول «تأملات عالمية في ألف ليلة وليلة» ويناقش مقاله بشكل نقدي التمثيل الوسيط الأخير للألف ليلة وليلة في أنواع الوسائط المختلفة بسبب ظهور تقنيات جديدة. ويزعم أن التمثيل النمطي لـ (ألف ليلة وليلة) ظل طوال العقود الماضية فريدًا إلى حد كبير، على عكس حالة التمثيل الإعلامي السلبي للإسلام والعرب.
بعبارة أخرى، تقدم «ألف ليلة وليلة» رؤية مختلفة لما يريد الغرب أن يتصوره الشرق الأوسط، أرض هروب غير سياسية من الألغاز الغريبة، والخيال، والإثارة الجنسية، والعجائب السحرية. استنادًا إلى نظريات العولمة الثقافية والتواصل عبر الثقافات. ويزعم في هذا المقال أن إنتاج ألف ليلة وليلة المعولم مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، والكتب المصورة الإلكترونية، وChatGPT يشير إلى حد كبير إلى استمرار التمثيلات السابقة ألف ليلة وليلة الموجودة في وسائل الإعلام التقليدية، مثل الأفلام والمسرح. على الرغم من إنتاج العديد من المنتجات الإعلامية، لا يزال هناك اهتمام واسع النطاق وفهم نمطي للشرق الأوسط، مما يدفع إلى تمثيلات جديدة عبر الوساطة غالبًا ما تكون ممزوجة بالثقافات والنداءات والقيم المحلية.
وتستكشف الورقة البحثية التي بعنوان «التفاوض حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهام البحثية لطلاب الجامعات: التخفيف من الاستخدام غير الأخلاقي وتعزيز الكتابة الأكاديمية» التحدي الذي يمثله التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي (AI) على كتابات طلاب الجامعات، مع التركيز بشكل أساسي على المهام القائمة على البحث والأوراق النهائية. وكيف يمكن للمدرسين التفاوض بشكل فعال حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مهام كتابة الأبحاث من خلال تثبيط الاستخدام غير الأخلاقي وردع الطلاب عن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مهامهم لهم؟ وأيضا كيف يمكن للمدرسين منع الطلاب من استخدام الذكاء الاصطناعي في أبحاثهم وكتابة المقالات؟ للإجابة عن هذا السؤال، يقترح البحث تطوير وتنفيذ أنموذج محدد لمهام الأوراق البحثيّة. تم تصميم أنموذج التقييم هذا ليس فقط لتوجيه الطلاب في تطوير محتويات كتاباتهم ولكن أيضًا لإنشاء هيكل يمثل تحديًا بطبيعته للذكاء الاصطناعي لمحاكاته بدقة. علاوة على ذلك، تقترح الدراسة برامج مدمجة تقدم خدمات وقائيَّة للكشف عن الانتحال، وتبسيط عمليات التصنيف، وضمان النزاهة الأكاديميَّة، وتصفية المهام البحثية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي.
والهدف من ذلك هو تزويد المعلمين بالأدوات اللازمة لمكافحة الاستخدامات غير الأخلاقيَّة للذكاء الاصطناعي في الكتابة الأكاديميَّة، مع العلم أنه لا يمكن القضاء عليها بالكامل. مرة أخرى، لا تفترض هذه الدراسة أنه يجب إزالة الذكاء الاصطناعي أو حظره بالكامل. ومثل هذا الموقف ليس محور هذا البحث.
وبدلًا من ذلك، تتناول الدراسة مسألة كيفيّة التأكد من أن الطلاب يقدمون مهام كتابة الأبحاث الخاصة بهم مع الحد الأدنى من الاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي. من خلال الجمع بين أنموذج تقييم موجه للطلاب والاستراتيجيات الوقائيّة التي يقودها المعلم، من المتوقع أن يسهم هذا النهج متعدد الأوجه في الخطاب المستمر حول الحفاظ على النزاهة الأكاديميّة في مواجهة التقدم التكنولوجي المتطور. تهدف هذه الدراسة إلى تقديم مخطط للكتابة يرشد الطلاب إلى فعل محدد لكتابة البحث، مما يساعد الطلاب على الكتابة ويعيق بشكل معقول الكتابة الزائفة التي يتم إنشاؤها بواسطة الآلة. يسهم في تطوير المناهج واستراتيجيات التدريس.
أما «ترجمات الذكاء الاصطناعي السريعة ولكن غير الدقيقة: الواقع وآفاق المستقبل» للأستاذ الدكتور ليث هدلة تتناول الترجمة والذكاء الاصطناعي وارتباطهما الوثيق، لأن تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي، تُستخدم لتحسين أنظمة الترجمة.
تستخدم أدوات ترجمة الذكاء الاصطناعي مثل Google Translate وDeepL صيغًا رياضية خاصة لفهم النص وترجمته من لغة إلى أخرى. تستمر هذه الأنظمة في التحسن في ترجمة اللغات من خلال التعلم من الكثير من المعلومات.
إنّها مفيدة حقًا لكسر الحواجز اللغوية في مواقف مختلفة مثل العمل والتحدث مع الناس والتعاون الدولي. تتمتع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بمستقبل مشرق في الترجمة. أصبحت برامج الكمبيوتر المتقدمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي أفضل بكثير في ترجمة اللغات، لأنها تستطيع تعلم اللغة وفهمها بشكل أفضل الآن. مع تحسن الذكاء الاصطناعي، يمكننا أن نتوقع أن تصبح أنظمة الترجمة أكثر دقة وأسرع وقدرة على العمل مع المزيد من اللغات والمواقف. كما يمكن لترجمة الذكاء الاصطناعي أن تساعد الأشخاص من ثقافات مختلفة على التواصل بشكل أفضل من خلال ترجمة اللغات وربط الأشخاص من جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، لا تزال ترجمة الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى العمل على فهم السياق، والتعبيرات الاصطلاحية، والحفاظ على الفروق الثقافية الدقيقة، التي يقوم بها البشر، من أجل أن تكون جيدة قدر الإمكان. بشكل عام، تتمتع ترجمة الذكاء الاصطناعي بإمكانات كبيرة لتحسين التواصل حول العالم.
وركزت الورقة البحثيَّة «تطبيقات الذكاء الاصطناعي في بحوث المناخ: الفرص والتحديات» للدكتور أحمد القناوي في المركز الوطني للبحوث – اسبانيا على بحوث المناخ والغلاف الجوي التي تعد واحدة من أكثر مجالات العمل الجغرافي ارتباطًا بالتقدم التكنولوجي في العقود الأخيرة، كونها تعتمد على معالجة كم ضخم من البيانات المناخيَّة، فضلا عن سعي هذه الدراسات لفهم التغيرات في النظام البيئي للأرض بمفهومه الشامل، من خلال فهم العلاقات المتبادلة بين الغلاف الجوي وغيره من مكونات هذا النظام. ومن ثم مع التطور التكنولوجي الضخم في العقد الأخير، وظهور مفهوم الذكاء الاصطناعي وتعدد تطبيقاته، تطرح تساؤلات محوريَّة عن إمكانات وفرص توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالات دراسات المناخ، وإلى أي مدى يمكن الوثوق في صدق الاستنتاجات المناخيَّة القائمة على مثل هذه التقنيات. لذا تهدف هذه الورقة مناقشة هذه الفرص والتحديات، خاصة في بيئاتنا الجافة وشبه الجافة مع التطبيق على دراسات حالة مختارة من هذه البيئات، كما تستعرض الآفاق العلمية المستقبلية الممكنة لتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال في مجال الدراسات المناخيَّة.
ويرى أ.د. عادل عبد السميع أحمد عوض جامعة المنصورة – كلية الآداب – قسم الفلسفة في ورقته البحثية «دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل البحث العلمي» أن العالم يعيش حالياً في عصر التطور التكنولوجي السريع، ومن بين التقنيات الناشئة التي تشكل جزءاً مهماً من هذا التطور هو الذكاء الاصطناعي، في السنوات الأخيرة شهد هذا الأخير تطوراً مذهلاً وظهرت تطبيقاته في عديد من المجالات، بما في ذلك البحث العلمي. إذ يمثل الذكاء الاصطناعي واحداً من أهم التقنيات الناشئة التي تشكل جزءاً مهماً من مستقبل البحث العلمي، ويتضح أن له القدرة على تطوير طرق البحث والتحليل والاكتشاف في المجال العلمي. ويتيح فرصاً مثيرة للابتكار والتحسين في مجال البحث العلمي فهو يتمكن من تحليل البيانات بكميات ضخمة واستخلاص المعلومات المهمة منها بسرعة ودقة عالية. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تحسين القدرة على التنبؤ والتنبيه عند استخدامه في البحث العلمي.واحدة من التحديات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، توفير البيانات الكافية، ذات الجودة العالية. فالذكاء الاصطناعي يتطلب كميات كبيرة من البيانات المتاحة لتدريب النماذج الذكية، وقد يكون من الصعب الحصول على بيانات مثل هذه في بعض المجالات العلمية .فضلا عن ذلك، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي مسائل أخلاقية تتعلق بخصوصية البيانات وتأثيرها على العملية البحثية التقليدية. ومن الميزات الأخرى للذكاء الاصطناعي في مستقبل البحث العلمي القدرة على تسريع عملية التجارب والاختبارات، كما يمكنه تحليل البيانات المتعلقة بالتجارب وتوجيه الباحثين نحو التجارب الأكثر نجاحًا وفاعلية. هذا يوفر الوقت والموارد ويسهم في تقدم البحث العلمي بشكل أسرع.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الاكتشافات العلمية ويمكن أيضا توجيه البحث العلمي في اتجاهات جديدة وإنشاء نماذج تفسيرية للظواهر العلمية المعقدة. فضلا عن امكانية أن يسهم في تحسين التواصل والتعاون بين الباحثين وتقديم حلول مبتكرة للتحديات العلمية الكبرى.
بصفة عامة، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يعد أداة قوية ومبتكرة في مستقبل البحث العلمي، وتطبيقاته الواسعة تعزز قدرة الباحثين على استكشاف الظواهر والتفاهم العلمي بشكل أعمق. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار التحديات الفنية والأخلاقية المرتبطة بهذه التقنية، وضمان استخدامها بطرق مسؤولة ومراعاة القيم الأخلاقية وحقوق الأفراد.