عامر جليل ابراهيم
تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية
على بعد قرابة 55 كم شرق محافظة ديالى يقع مرقد {حاي يوسف} او {حاج يوسف}، حيث تقلب الجيم في الحاج الى ياء (حسب لفظ الأهالي)، ويلقب شعبياً بـ (أبي الحيّة). وعلى بعد عشرات الأمتار تقع بركة ماء صغيرة تشكلت منذ مئات السنين، تعد كصيدلية طبيعية للاستشفاء من الأمراض الجلدية بكل انواعها، بحسب ما يقول مرتادوها.
ويقع المرقد والبركة تحديداً بين ناحية قزانية وقضاء مندلي شرقي محافظة ديالى شمال شرقي بغداد.
ساقي جيش النهروان
جريدة (الصباح) واثناء جولاتها المكوكية للتعريف بالسياحة الدينية في العراق بالتعاون مع الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، زات محافظة ديالى قضاء مندلي وحطت رحالها في مرقد الحاج يوسف الذي يعود نسبه الى الإمام الحسن المجتبى (ع)، والتقت السيد علي كريم مغامس مسؤول المزار والمرقد الشريف ليحدثنا عنه قائلا: هو السيد الصحابي الجليل السيد الحاج يوسف (رض) يوسف بن مجد الدين بن يحيى بن مجد الدين عباد بن احمد بن اسماعيل بن علي بن الحسن المدفون في التل الاثري في محافظة ديالى قضاء مندلي، يعود نسبه الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب "عليه السلام" وهو من أصحاب امير المؤمنين (ع) كان واليا في مدينة اصفهان في ايران ومن شهداء حرب النهروان حيث شارك في هذه الحرب التي رافق فيها امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ضد الخوارج، إذ اكرمه الله تعالى شرف الشهادة فيها ودفن في هذه الارض.
والحاج يوسف الذي يلفظ اسمه الأهالي "حاي يوسف" يتصل نسبه بالإمام الحسن بن علي بن أبي طالب "عليهم السلام"، ويعتقد بعض الباحثين أنه كان من حاملي البريد أثناء الفتوحات الإسلامية الأولى في بلاد الشرق، وقيل إنه كان ساقي الجيش أيضا وبعدها ختم حياته بالشهادة في معركة النهروان.
وهو أبو الفتح نظام الدين يوسف بن مجد الدين عباد المتوفى سنة 791 هجرية، وإن والده هو مجد الدين عباد (قاضي أصفهان) المتوفى سنة 756 هجرية، وهما من ذرية الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب "عليهم السلام"، وقد دفن في هذا المكان على تل أثري، بحسب كتاب "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لابن عِنَبَة".
صيدلية
ويضيف السيد مسؤول المزار: يبدو ان السيد الجليل الحاج يوسف (رض) قام بشراء هذه الارض التي دفن فيها قبل استشهاده، لان هذه الأرض التي دفن فيها مسجلة بأسمه بمساحة قدرها 20 دونما و2 اولك وبسند عقار رسمي وكلها وقف باسمه، ومن ضمن هذه الارض قطعة تقدر بدونم واحد مزروعة بأشجار النخيل، وضمن ارضه مقبرة تحيط بالمزرعة من ثلاثة اتجاهات وفوق التلة الاثرية يوجد القبر الشريف والمرمرة المنحوت عليها اسم صاحب القبر الشريف وبمساحة بناء تقدر بـ 300 متر من ضمنها القبر والشباك المزخرف بالفضة والذهب، وبعرض 2×2 متر وبارتفاع 3 أمتار، وبقبة قديمة بارتفاع 12مترا ولا توجد منائر لقدم البناء، وهو يقع ضمن منطقة أثرية ومن ضمن هذه الارض توجد حدائق وعين ماء صافية عمرها بعمر المرقد، فضلا عن الصيدلية (بركة الماء الكبريتية).
ويروي السيد مسؤول المزار قصة الصيدلية المشهورة بالقول: توجد بركة ماء بعمق 3 أمتار وبمساحة 100متر مربع، وتكون فيها ينابيع الماء طبيعية وتبعد عن المرقد 500 متر او اكثر بقليل تسمى صيدلية المزار، لأن ماءها وطينها غنيان بالكبريت، منسوبها ثابت يطلق عليها البعض تسمية "الصيدلية" تقع عند مرقد الحاج يوسف، ويزورها العشرات يوميا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، لاعتقادهم أن مياهها تشفي من الأمراض الجلدية وغيرها التي لا علاج لها من الأطباء، فمياها مباركة لاحتوائها على مواد كبريتية ومعدنية، يسبح الزوار في هذا الحوض المائي ويتمسحون بطينه، حتى يجف الطين على أجسامهم والذي يشعرهم بدغدغة ولسع مثل لدغة أفعى حتى أطلق على مرقد حاج يوسف لقب "أبو حية".
وبعد السباحة والتطيين يذهبون الى عين الماء الصافي التي تنبع تحت التلة الموجود فوقها القبر الشريف وهذه العين عمرها مع عمر المرقد والبركة هي للتغسيل من ماء البركة والطين هكذا ويشفى المريض.
تعرضٌ إرهابي
يؤكد السيد مسؤول المزار: انه قبل العام 2003م، كان بناء المرقد الشريف من الطين والسقف من جذوع النخيل وبعد العام 2003م تمت اعادة بنائه بالطابوق والسمنت والكونكريت المسلح من قبل الخيرين من وجهاء وأهالي المنطقة المحيطة بالمرقد الشريف وفي العام 2007م تعرض المرقد الشريف للتفجير الارهابي من قبل عناصر داعش الارهابية المجرمة، وفي العام 2008م والعام 2009م قام وجهاء واهالي المنطقة والخيرون من محبي آل البيت عليهم السلام، بإعادة بنائه من مادة الطابوق والسمنت والشيش والكونكريت المسلح وفي العام 2010م بدأت المرحلة الجديدة في مسيرة الاعمار والخدمات من قبل الامانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، حيث بذلت جهودا كبيرة في مسيرة الاعمار لهذا المرقد الشريف لمكانته الدينية في قلوب محبي آل البيت وذراريهم (ع).
نشاطات وفعاليات
وفي ما يخص النشاطات واثناء تجوالنا في المرقد الشريف التقينا بالسيد ساجد عبد احمد الساعدي مسؤول شعبة الاعلام في المزار قائلا: تقام سنويا دورات لتعليم وقراءة القرآن الكريم وتعليم أحكام التلاوة والارشادات الدينية الاخرى واحياء مناسبات الولادات والوفيات للائمة الأطهار عليهم السلام والمجالس الحسينية على مدار السنة.
مواسم الزيارة
وعن الزيارات والزائرين حدثنا مسؤول الشعبة الدينية السيد حسين جاسم محمد عليوي حيث قال: يبدأ موسم الزيارة في هذا المزار في الاشهر (التاسع، العاشر، والحادي عشر) من كل سنة وتستمر الزيارات في الأعياد والمناسبات الدينية كافة والعطل الرسمية، وتتوافد على المزار اعداد كبيرة تصل الى أكثر من 3000 زائر وفي الزيارات المليونية تتضاعف الاعداد، وزائرو المرقد الشريف من جميع محافظات العراق ومن دول العالم الاسلامي، وذلك لوجود صيدلية الشفاء المشهورة.
وبالعودة الى قصة البركة يختتم مسؤول المزار حديثه بالقول: أن بركة ماء "الحاج يوسف" تُعد معلماً نادراً وعجيباً، إذ يقصدها الناس من شتى المناطق لاعتقادهم بقدرتها على علاج الأمراض الجلدية لاحتواء مياهها على مواد كبريتية بحسب المنظور العلمي، إلا أن العلاجات لا تشمل جميع الحالات الجلدية بشكل قاطع، مبينا أن البركة يرتادها العشرات يوميا، غالبيتهم من العراقيين، وتزداد أعدادهم في الأعياد والمناسبات الدينية، كما تزداد الأعداد مع حلول شهر أيلول من كل عام.