بغداد، غزة

ثقافة 2024/05/07
...

  بشرى البستاني

***
ظلالٌ.. ظلالْ
ظلالُ حياةٍ، ظلالُ مماتْ
سفنٌ ترتقي غيمةً
وزوارقُ تهوي، يشبُّ حريقٌ
وصفصافةٌ تستريبْ
كلما دوّتِ المطرقة
كنتُ أبصر سبابةَ المدعي
تشير إليْ  
أتأملُ قبضته وأزيحُ الغطاءَ
عن المستترْ
كذبٌ، كذبٌ وحقولُ يبابْ  
أنينُ أساها يعكرُ صفو الأصيلِ
ويُغري عذاباتهِ بغصون الشجر
وكنتُ أبعثرُ شوقي إليكَ
التلالُ، التلالُ البعيدةُ
كانت تطلُّ على بحر غزةَ  
كنتُ أمام القضاةِ أبوحُ بأدراج حزني
وأُملي عليهم بإسمي، ليكتبَ كاتبُهم:
- إسمي خاتمة الأحزانْ
عمري ألفا عامٍ
نوحٌ من نسلي وآبنهُ عاصي الأمرْ
من أهلي، في كفيه تلوح الألواحُ  
ومن ألفي عامْ
شجرُ التفاحِ يلاحقني
ويطاردني القبرُ المفتوحُ على الريحْ
شجرُ التفاح يواصلُ لعبته
ويهادنُ غربتهُ
حواءُ بريئةَ تاريخِ اللعبةِ
غربةَ كلّ فصول الملهاةِ
تبيعُ أساورها في سوق نخاسة
عصرٍ مأجورْ
قيسٌ يبكي زوراً
تحت غصون الرمانِ اقتلعتها الريحُ
اقتلعتها معاولُ ليلٍ الأفكِ
ليالي الإفك تُطاردني
من غولٍ حتى غولْ
 دمعٌ ناريٌّ يسري في عظمي
 مالت نحوي الأشباحُ.. تعالي
 كان الفجرْ
 منكفئاً في كهف الظلماتِ
أزيحي الوجعَ العالقَ في ورد الشرفاتِ
أزيحي غلائلَ حزنيَ غزةُ
عن شجر يتعرى غصناً.. غصناً  
نامي في كحل عيوني
انهمري قمراً مغدوراً
سجانُ الليل شحيحٌ يا سنبلةَ الأحزان
وآلقمرُ اللاعبُ في البستانْ
حافي القدمين، غريبٌ
عندي ما خبأهُ السجانُ  
وعندي ما لم تَجديهِ بصرحِ امرأةٍ
 أفلَ الوجدُ بعينيها
تقرأ وادعةٌ كفيها،
وتلمُّ دماءً تصرخُ في قاع النيرانْ
ورديٌّ ذاك السمكُ المخمورُ بوجنتها
ضاقت أسورتي، انفرط الرمانُ
آلقدسُ تبوح بأسرار نبوءتها
آلقدسُ تلوح بشاطئ غزةَ
نبضاً
يسري في الموجِ
ويوقظ ورد الروحْ
قمراً يغدو ويروحُ
ودنيا تفتحُ أدراجَ الأسرارِ الليليةِ، عودي
أفتحْ برجكَ، برجي
وألمُّ شظايا جروحي  
هل كانت بغدادُ هناكَ
أم العسلُ المتوهجُ في عينها
بغدادُ، الحمى تشعل فاتحةَ الألواحِ  
فتهمسُ غزةُ: بغدادُ
ضفائرُ حلميَ في الأصفادْ
منفاهم أنتِ وأنتِ دمٌ شربوهُ
عناقيدُ الوجعِ المجروحِ بعينيها
والعسلُ الموعودُ بقارورةِ فجركِ
يا مشرعةَ الأبوابِ، آنتشري فيَّ،
أعيديني لحرائقكِ الغجريةِ
يامتلألئةً بمدادِ القلبِ
أعيديني .. نبوخذ نصّرُ راياتٌ،  
ومسلاتُ الفتحِ، أناشيدٌ جذلى  
قرطاسٌ ورديٌّ وعلامات.