علي العقباني
تعد مسرحية "سقيفة" التي اختتمت أعمالها على مسرح القباني بدمشق قبل أيام، أول تجربة احترافية لكابتها ومخرجها سليمان قطان مع الكبار، فهي مسرحية أقرب ما تكون لمشروع جماعي خاص، بعد تجارب عدة أنجزها قطان ممثلا ومخرجاً مع فرق من الشباب والهواة.
حاول قطان في هذا العمل الدخول في حكاية تم تخيل شخصياتها بالاستناد إلى حالات اجتماعية معاشة، وكيف يجب أن تكون تفاصيلها على الخشبة بعين المخرج وخياله، مفضلاً كتابة نصه الخاص ومحاولاً فيها أن يحاكي قضايا إنسانية واجتماعية مناسبة لأي مكان وزمان، ليدعو في نهايتها إلى التحلي بالأمل والحلم على الرغم من كل الضغوط والصعوبات التي يمكن أن يمر بها البشر في ظرف ما، موجهاً شكره إلى مجلس إدارة جمعية المسرح الحر الذي تبنى رعاية هذه المسرحية، والذين كانوا خير سند له أمثال الفنانين "بسام دكاك، عدنان عمر، سعيد عطايا" ولمديرية المسارح والموسيقا لتتويجها المبادرات الفردية واستقطابها كحالات إبداعية.
ويوضح قطان أنه انتسب إلى جمعية المسرح الحر في بداية التسعينيات وهي الجمعية التي تأسست على يد مجموعة من رواد الفن والمسرح السوري عام 1956 ومنهم "عبد اللطيف فتحي، ونزار فؤاد، وسعد الدين بقدونس، ورفيق سبيعي، ونزار شرابي، وياسين بقوش، ورفيق جبري، وسامي الكسم، وغيرهم".
في "سقيفة" يذهب المخرج قطان نحو بساطة التعبير عن موضوعاته معتمداً على بساطة الشكل المسرحي وخشبته شبه الخالية من الديكور والمجرّدة من التكوينات الشكلية محاولاً تكوين رؤية بصرية من دون بهرجة غير مبررة كما يقول، معتمداً على فريق عمل ومشاركين وفريق سينوغرافيا كشركاء حقيقيين في صناعة العرض، إيماناً منه بأن الفن عمل جماعي وليس جهداً فردياً.
قطان صاحب العديد من التجارب في المسرح الشبيبي والعمالي والجامعي والقومي ومسرح الطفل، تمثيلاً واخراجاً، يخوض تجربته هذه في الكتابة والإخراج وهو الذي قدم عدداً من الأعمال المسرحية والتلفزيونية، محاولا منح الفريق العامل معه إمكانية أن يخوض كلّ واحد منهم تجربته في اختصاصه بدءاً من الممثلين وحتى فريق السينوغرافيا على عكس المعتاد، حول الديكور والإضاءة والموسيقى والصوت، وينجح في ذلك ايماناً منه بأهمية الاختصاص والعمل الجماعي.
دلالة اسم المسرحية "سقيفة" لا يبدو خافياً على أحد فهي موضع الأشياء والأدوات التي نخزنها، إما لعدم الحاجة لها أو لاستخدامها عندما يحين وقتها، فهي مستودع صغير لأغراضنا، وفي ذات السياق تبدو السقيفة مكاناً معزولاً صغيراً لا نستطيع التحرك فيها كما نرعب ونتمنى، ومن هنا نبدو كبشر في كثير من المواضع وكأننا في سقيفة ضيقة لا نتمكن من الحراك داخلها، مقيدون ومحكومون بحيز مكاني ضيق، ومن هنا فإن الخروج منها سيكون دعوة للفكاك من تلك القيود ذهاباً نحو أفق أخر أكثر حرية ومساحة وحركة واشراقاً.
وبهذا المعنى فإن"سقيفة" برؤيتها الفكرية والبصرية تقارب هموم الناس في كل زمان ومكان ، فهي غير محددة المكان أو الزمان، والمحاصرون في هذا المكان الضيق والمعتم، في محاولة للخروج من تلك الدائرة والأماكن الضيقة التي تحاول فئة معينة متحكمة وضع الناس فيها متحكمة بحيواتهم ومعيشتهم وحركتهم وأحلامهم ولا تترك لهم مجالاً للخروج، وذلك من خلال أربعة ممثلين، جسدوا 18 شخصية على الخشبة، مقترباً برؤية بصرية وفنية وتمثيلية من أسلوب مسرح الحلقة في تقديم أفكاره ورؤاه البصرية. يُذكر أن "سقيفة" من تمثيل كلا من "لميس محمد، رولا طهماز، فادي حموي، نغم إدريس، ياسر البردان".