أحمد عبد الحسين
أقرّ مجلس النواب الموازنة أمس منهياً قرابة ستة شهور من الجدل والانتظار. وهو وقت طويل كانت تقف وراءه الرغبة في خفض العجز ومخاوف من أزمة مالية قد تنشب إذا ما اضطربت أسعار النفط. لكنّ هذه المخاوف تتبدّد في ظل التطمينات التي أوردها اقتصاديون من قبيل وجود احتياطيّ مالي في البنك المركزي يقدر بأكثر من 112 مليار دولار، إضافة إلى استمرار التدفقات النفطية وثبات أسعار النفط حتى مع تصاعد وتيرة الاضطرابات السياسية الإقليمية.
العراق في منطقة آمنة اقتصادياً. ويؤمّل خبراء في هذا المجال أنّ العراق قادر على تجاوز مخاوف العجز، خاصة أنه عجز افتراضي وليس داخلاً في صلب الموازنة نفسها، معوّلين على انتهاج الحكومة سياسة فتح نوافذ للاستثمار الصناعي وإعادة تشغيل المصانع التي توقفت طويلاً والسعي الحكومي الحثيث للاستغناء عن المشتقات النفطية المستوردة، وهو ما سيكون واقعاً بعد سنتين أو ثلاث.
يأتي إقرار الموازنة في ظلّ إنفاق حكومي غير مسبوق منذ 2003 لكنه ضروريّ وبدأ المواطن يتلمس أهميته، فالحركة العمرانية الكبيرة التي باشرت بها حكومة السودانيّ في بغداد والمحافظات منحتْ أملاً في إنهاء عقدين كاملين من المراوحة في ذات الأداء الذي ترك الموازنات السابقة حكراً على الجانب التشغيليّ فيها من دون أن تكون لها جدوى ملموسة على صعيد الخدمات والعمران.
ترحيب الحكومة على لسان رئيسها محمد شياع السوداني بإقرار الموازنة أتى متبوعاً بدعوة منه إلى مجلس النواب ومجالس المحافظات لتعضيد العمل الحكوميّ من خلال تكثيف الجهدين الرقابي والتشريعي، وهو أمر لا بدّ منه لإكمال مسيرة البناء التي بدأ العراقيون يتلمسون مظاهرها جلياً.
رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي تعهّد بأنَّ المجلس لن يسمح "بضياع أو هدر أموال الشعب" وأبدى توافقاً مع تطلعات الحكومة لمواصلة برنامجها الإصلاحيّ والخدميّ.
إقرار الموازنة كفيل بتبديد المخاوف التي كانت تعتري كلّ حديث عن الوضع المالي في العراق، ووضع قدماً قوية في طريق تعافي الاقتصاد العراقي وإكمال الزخم الحكومي في البناء والإعمار وتقديم الخدمات.