سامر المشعل
ينتابنا نوع من الزهو والبهجة عندما نرى الاغنية العراقية تعود الى الواجهة وتتصدر الغناء العربي، مثل الاغنية المصرية والخليجية واللبنانية.. بعدما كانت لعقود طويلة مركونة على رفوف النسيان.
الفضل في انتشار الاغنية العراقية الحديثة يعود الى الشباب، الذين تعاملوا بذكاء مع مواقع التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا، واستطاعوا ان يوصلوا فنهم واغانيهم، واصبحت الاغاني العراقية الآن مسموعة على مساحة العالم العربي ومطلوبة في الخليج ولبنان وسوريا والاردن.. وتكون " ترندا" وتحصد ملايين المشاهدات، بل أخذ نجوم الغناء العربي يقدمون الاغنية العراقية من أجل زيادة شهرتهم واتساعها.
السؤال الاهم في هذا المفصل هو :" هل الاغنية التي انتشرت باصوات الشباب عربياً، تمثل هوية الغناء العراقي الحقيقية"؟!.
أرى أن الاغنية الشبابية الحديثة لا تمثل الهوية العراقية وتكشف عن ملامحها الابداعية، التي تعكس بيئتها واصالتها النابعة من الروح العراقية، إنما هي مزيج من أصول تركية واذرية وايرانية.. بكلام سطحي ومباشر يخلو من العمق وقوة التأثير وبعيدة عن الشخصية الابداعية لوادي الرافدين.
تفتقر الى التنوع المقامي الذي كان سائداً في الأغنية العراقية قديماً والالوان الغنائية، التي تكشف عن الخصوصية في الاغنية العراقية، مثل مقام السيكا والرست والحجاز والمدمي والمخالف.. وايقاعات الجورجينا والخشابة والهجع.. إضافة الى الأطوار الريفية التي تزخر بها مناطق الجنوب والفرات الاوسط والاهوار وهي ساحرة بالوانها غير المسموعة بالعالم.
واذا ظل الخطاب الغنائي الحديث بهذه الانماط السائدة، فبعد حين من الزمن تتلاشى، ولا تعلق في ذاكرة ومخيلة المستمع العربي، وتصبح مجرد موضة غنائية، أشبه بالموجة التي ترتفع على مد البحر ثم تهبط وتتهادى الى الضفاف، مثل ما نسمع بين فترة وأخرى بصعود موجة من الغناء المغربي أو الجزائري وبعض الانماط الغربية، التي يتلقفها الشباب ثم يشعرون بالملل لتقفز فوقها موضة غنائية جديدة.
ومن المأخذ على المطربين العراقيين الذين ينالون نصيباً من النجاح على الساحة العربية، أنهم يتخلون عن هويتهم وجذورهم العراقية، ويتجهون للغناء الخليجي أو العربي كمحاولة لكسب ود الجمهور العربي، وهذا خطأ تاريخي يرتكب بحق الأغنية العراقية، مما جعل الكثير من المقامات والايقاعات والالوان الغنائية لا تصل الى أذن المستمع العربي.
نتمنى أن يتنبه العاملون في مجال الاغنية إلى هذا الجانب لتظهر الاغنية العراقية الحقيقية بخصوصيتها وشجنها الى المستمع العربي والعالمي.