ذوو الاحتياجات الخاصة.. متطلباتهم يسيرة ومعاناتهم مريرة

ريبورتاج 2024/06/06
...

 إيمان صاحب

تختلف احتياجات ذوي الإعاقة في العراق عن احتياجات الاصحاء، وهذا الجانب المهم الذي كان لا بد على الجميع الالتفات له، فبسبب اصابتهم بنوع من الإعاقة، التي تؤثر سلباً في قدراتهم في التأقلم مع الأمور بشكلٍ طبيعي مما يجعل حياتهم اليومية مليئة بالصعوبات والعوائق المتعددة، لذا يحتاجون الى رعاية واهتمام خاص سواء من قبل الأسرة وعموم المجتمع.
خطوات للتعامل
البداية كانت مع المستشار الأسري والنفسي الدكتورة أخلاص جبرين والتي قالت لـ(الصباح)، إن "إطلاق تسمية ذوي الاحتياجات الخاصة كان من خلال مسمى رسمي، تم اعتماده قانونياً وأكاديمياً من قبل الأوساط الدولية، إذ إن كل المؤسسات المرتبطة بحقوق الإنسان تؤكد أحقية هذا الفرد في العيش مثله كمثل الأفراد العاديين، دون تمييز بينهما".
واضافت "ولكننا نرى صدمة البعض في تقبّل كون ابنهم أو بنتهم معاقين، إذ انهم يعتبرونه نقصا يقلل من قيمتهم امام المجتمع، كما ان وجوده مع أخوته يشكل عبئا ثقيل، إذ يتطلب منهم مزيدا من الرعاية والاهتمام، ولذلك قد يواجه الطفل شتى أنواع العنف كالسخرية منه او نعته بأوصاف مسيئة، مما يجعله يلجأ إلى العزلة والانطواء عن المجتمع، ولكي لا تصل الإمر إلى هذا الحد علينا إتباع عدة الخطوات في التعامل
معه".
تتابع الدكتورة اخلاص، أنه "يجب تقوية علاقته مع إخوته دون تمييز بينهم، ودمجه في المدرسة مع الاطفال الأصحاء، إضافة الى ضرورة توفير اخصائي نفسي او مرشد تربوي في كل مدرسة، وضرورة التثقيف الطلابي بأن المعاق لا يفرق عنهم بشيء، فضلا عن إخراطه في برامج تثقيفية تعليمية، ومنها تعلم على لغة الإشارة، وترجمة الأشياء لتحسين مستوى التواصل الاجتماعي لديه وتوفير أماكن مخصصة لوقوف الكراسي المتحركة، والسلالم الكهربائية، كما يجب على الدولة توفير مراكز خاصة لبيع المستلزمات الطبية من عصا وغيرها بأسعار رمزية ومن مناشئ عالمية رصينة".

تحديات
اما مسؤول ملف الطفل في مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في النجف الأشرف فراس علي، عبر عن معاناة المعاق بحديثه ان "الحرمان العاطفي للأشخاص ذوي الإعاقة من أهم التحديات التي يعانون منها في حياتهم الأسرية او اختلاطهم مع المجتمع سواء في المدرسة أو العمل، وغيرها وهي من العوائق التي تؤثر سلبيا على الاحترام الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك مشاركتهم الكاملة والمتساوية في جميع مجالات الحياة، واحترام واقعهم وما يعانون منه بسبب الإعاقة، وتلبية متطلباتهم الأساسية ومنها الحياة الرغيدة والعيش الكريم والتمتع بالحقوق الأساسية كونها حقوق كفلها الدستور العراقي لعام (2005)، والقوانين العراقية النافذة، التي تحمي حقوقهم كي يكونوا مؤثرين في المجتمع كل شخص منهم حسب قدراته ومواهبه".

إبراز المواهب
يكمل علي ان "كل تلك الحقوق التي تعزز واقع حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال اهتمام أسرهم وأسرهم في تلبية رغباتهم الأساسية، ورعايتهم كي يشعروا بمن يساندهم ويقف معهم في مواجهة وتحديات الإعاقة، كون الإعاقة هي ليست نهاية الحياة.
فقد تكون هي قصة نجاح لكثير من الأشخاص الذين نعرفهم، فقد وهب الله سبحانه وتعالى مواهب كثيرة لعدد من الأشخاص المعاقين وعوضهم عن شيء معين، فقد نشاهد الرسام والبطل الرياضي، الذي يحق الالقاب في البطولات والإنجازات على المستوى المحلي والدولي، فكل هذه المواهب جاءت بمساندة الأهل والمجتمع وتعزيز روح التفاؤل بالحياة وحب الآخرين والانسجام، وهذا مؤشر إيجابي كونهم شريحة أساسية ومهمة، ونحتاج إلى تنفيذ مجموعة من الدورات المتخصصة وورش العمل الخاصة بالتثقيف على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من قبل وعوائلهم وذويهم، ويجب على المجتمع العمل على عملية الدمج المجتمعي وإزالة جميع أشكال التمييز وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع الاجتماعي.
ويجب العمل على مشاركة واشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع واشراكهم في كل مجالات الحياة، ومنحهم الثقة في النفس واحترام عواطفهم والوقوف معهم لإبراز مواهبهم أسوة بالآخرين".
فيما يعتبر الكاتب والمؤلف في مجال علم النفس الشخصي، وتنمية المهارات البشرية ريسان البو حمرة المساواة بين المعق والآخر حاجة ماسة، مبينا ان "القوانين الإسلامية والإنسانية أولت عناية خاصة لهذه الفئة، بحيث امتازت عن غيرها من الحقوق والواجبات".

ما لهم وما عليهم
ويعتبر تطبيق الحقوق على ذوي الاحتياجات الخاصة من اهم الخطوات لمنحهم حياتهم كريمة، فحصول المعاق على أسلوب الحديث المحترم مثله مثل أي شخص آخر، إضافة الى التفاعل الاجتماعي واللعب والذي يعتبر من أهم الحقوق، التي يجب أن يحصل عليها الطفل المعاق؛ لأنّه يحوله إلى طفل اجتماعي قادر على التعامل والتفاعل مع الآخرين، إضافة الى أن على الفرد ابداء الاحترام في كلامه وتصرفه عند التعامل مع شخص المعاق، واتمام الواجبات الممنوحة تجاههم مثل، توفير فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة كلاً بحسبه عمره، وذلك لأجل أن تستثمر الطاقة الكامنة في ذواتهم الشخصية، والتي تتنوع بتنوع الذوات، وهذه تتطلب الحصول على فرصة عادلة في العمل تلائم كل فرد حسب احتياجه وقدرته على اداء ذلك العمل".

رعاية خاصّة
المُختصّة في العلوم التّربويّ نعمت أبو زيد اكدت بدورها، انه "مما لا شك فيه أنّ أهمية الجسد السليم والمتوازن والقويّ، له انعكاساته على الصحة النّفسيّة والمعنويّة، حيث أنّه هناك ارتباط وثيق بين الجسد والنّفس.
حيث تستخدم الأخيرة الجسد في تطوير قوّته الروحية وتسعى لكي يكون المحرّك لها".
تضيف أبو زيد ان "الجسد الضّعيف يشغل النّفس ويعرقل تنفيذ أنشطتها، ويحدّ من تفاعل القوى النّفسية المختلفة مع العالم الخارجيّ، ويحدّ من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة، ولكن، إذا كان الإنسان يعاني من مشكلات بنيويّة وعضويّة تؤدي إلى فقدان أو قدرة معينة، ففي مثل هذه الحالة سيحتاج إلى رعاية خاصّة، ويجب أن تكون هذه الرعاية الإضافيّة ضروريّة حتى يتمكّن من تجاوُز المشكلة النفسيّة أولاً حتى لا يكون الضّرر أكبر، وألّا تنتقل إلى النّفس أو تشكّل عجزاً داخلياً".
وتتابع، انه "لو تمّت الرعاية الإيجابيّة لذوي الاحتياجات الخاصّة يُمكنه تخطّي هذه الإعاقة، وقد قيل "كلُّ ذي عاهةٍ جبّار"، وقد رأينا الكثير من هذه النماذج الحيّة التي وصلت حدّ الإبداع".
منوهة بأن "الله تعالى خلق الإنسان يتمتّع بقدرات خفيّة كبيرة جداً، فليس على الأهل أو المجتمع أن ييأسوا أو يُطلقوا الأحكام المُسبقة على عدم نَفع هذا الشخص والآخر، بل عليهم التفكير في كيفيّة منح هذا المعوّق الرعاية التي تساعده وتؤمن له ردم هذا الخلل والنهوض منه بكلّ قوة".

توعيَّةٌ وتنمية
وتكمل حديثها ان "تقديم الدعم المادي والمعنوي للمعاقين وتوفير متطلباتهم امر ضروري، لا يتوقف على شخص دون آخر، فالكل شركاء في ذلك بدءً من الأسرة وحتى المجتمع، كما لا يتوقف على حالة معينة من حالات العواق دون اخرى كفسح مجال التعليم امام ذوي الإعاقة الحركية في المدرسة وإهمال ذوي الإعاقة البصرية، وأيضاً يلزم في دعمنا لهم مراعاة مشاعرهم في الأشياء التي تنسجم مع أفكارهم وأذواقهم بأن لا نفرض عليهم رأينا او نقرر بدلاً عنهم، وألّا نظهر المن والتثاقل من مساعدتهم، بل لا بد اشعارهم على الدوام أن كرامتهم محفوظة، وان هناك من يحبهم ويحترمهم كما علينا تنمية مواهبهم مهما كانت نسبة العوق لديهم، وذلك يتطلب منا جهداً مضاعفاً وصبراً طويلاً، حتى نصل بهم إلى مرحلة النجاح حينئذ نجد أن العائد الذي يجنيه هؤلاء الموهوبون، والذي يجنيه المجتمع بأسره من وراء ذلك يستحق ما بذلناه من
اجله".