المسرحيَّات المنسيَّة

ثقافة 2024/06/06
...

  سامر أنور الشمالي

عند الحديث عن المسرح العربي لا يذكر اسم نجيب محفوظ في قائمة كتابه، رغم شهرته كأديب عالمي!
ومن أسباب تجاهل مسرحيات محفوظ أنه نفسه لم يولها عنايته! فلم يصدرها في كتب مستقلة، واكتفى بنشرها في مجموعاته القصصية.
وهذا لا يعني أنه كتب المسرحيات كقصص قصيرة تعتمد الحوار وتخلو من السرد.
بل كتبها بشروطها الفنية المعروفة، إضافة إلى أنه في كل مسرحية قدم تصوره للخشبة، وما عليها من ديكور، من دون إغفال وصف الملابس، والإضاءة.
ونشر محفوظ مسرحياته في ثلاث مجموعات قصصية:
1 - تحت المظلة 1969 ضمنها خمس مسرحيات، تجاوز حجمها نصف الكتاب.
2 - الجريمة 1973 ضمنها مسرحية واحدة.
3 - الشيطان يعظ 1979 ضمنها مسرحيتين، وحمل الكتاب عنوان إحداها.
وقد بلغ مجموع المسرحيات ثماني. وبدأ محفوظ بنشرها بعد مضي ثلاثة عقود على إصدار كتابه الأول في مجال القصة القصيرة.
ونرجح أن محفوظ اكتفى بنشر مسرحياته في مجموعاته القصصية لأنها قصيرة، وبفصل واحد. وربما لأنه لا يجد نفسه مؤلفا مسرحيا، بل لا يريد تقديم نفسه ككاتب مسرحي لقلة نتاجه في هذا المجال- لاسيما أنه معروف بغزارة إنتاجه في مجالي الرواية والقصة- وهذا ما أسهم في عدم تسليط الضوء على المسرحيات التي شغلت حيزا صغيرا من مجمل أعماله.
وربما لأن محفوظ وقد عاصر مسرحيين كبارا كتوفيق الحكيم لم يرغب في الادعاء بحضورهم أنه كاتب مسرحي، وفضل بقاء مسرحياته على هامش أعماله القصصية. لكن معاصره يوسف إدريس اصدر مجموعة من الكتب في مجال الرواية والقصة والمسرحية، واشتهرت مسرحياته كما اشتهرت قصصه. لكن محفوظ لم ينشغل بالمسرح كـإدريس وفضل التفرغ للرواية والقصة.
وعلى الرغم من قلة المسرحيات التي كتبها محفوظ فقد تنوعت بين الواقعية، والرمزية، والسريالية. وهي في جوهرها لا تبتعد عن عالمه السردي، بل تمثل جزءا لا يتجزأ منه. وقد تناول فيها موضوعاته المفضلة- الخالدة- كالبحث عن العدالة في مجتمع يسوده الجور ومواجهة الإنسان قدره الذي لا حيلة له تجاهه. أما مسرحياته الرمزية فتتحمل أكثر من تأويل، ويمكن قراتها من زوايا مختلفة. بينما مسرحياته السريالية فأشبه بمغامرة إبداعية مدهشة وعجيبة! رغم عدم خلوها من المعاني الإنسانية المتوارية بين السطور.
وبالرغم مما كتب عن محفوظ نكتشف أن عالمه مترامي الأطراف، وأن أعماله ما زالت بحاجة إلى قراءات جديدة.