جوي هارجو: عندما اصطاد الضوء

ثقافة 2024/06/10
...

  ترجمة: نجاح الجبيلي

تعتمد جوي هارجو التي ولدت في تولسا، بولاية أوكلاهوما عام 1951 على رواية قصص وتاريخ الأمة الأولى، بالإضافة إلى التقاليد الشعرية النسوية والعدالة الاجتماعية، وكثيراً ما تدمج أساطير ورموز وقيم السكان الأصليين في كتاباتها.
توجّت هارجو التي هي عضو في أمة موسكوجي "كريك" من سكان أميركا الأصليين. حصلت على درجة البكالوريوس من جامعة نيو مكسيكو ودرجة الماجستير في الفنون الجميلة من ورشة عمل الكتاب في آيوا بشاعرة الأمة الأميركية. وهي أول شاعرة من السكان الأصليين تفوز بالجائزة.

*هل تتذكرين اللحظة التي تبنيتِ فيها الشعر كشكلٍ فنيّ حقَّاً؟
-حين كنتُ طفلة صغيرة، علمتُ بأنني سأصبح فنانة. كنتُ دوماً أحبُّ القراءة والشعر والموسيقى عن طريق أمّي. ولكن فكرة أن تكون شاعراً.. ما الشعراء الذين كانوا في منطقتنا؟ كان والدي يعمل في شركة الخطوط الجوية الأميركية، لذلك لم تكن تعتبر مهنة حقاً، وما زالت كذلك. أن تكون فناناً، أو مصمماً، أو شاعراً، أو ممثلاً كوميدياً، فهذا نوع من المهنة. نحن لا نفهم ذلك دائماً، ولا يفهم الآخرون دائماً مَنْ نحن؟ وماذا نفعل؟. عندما كنت طالبة في جامعة نيو مكسيكو، كنتُ متخصصة في الفنون، وسمعتُ عن الشعراء المعاصرين من السكان الأصليين لأول مرة. وفجأة، أصبحتُ في ضمن تلك الدوائر، وبدأتُ في كتابة [شعري]. نمتلك جميعاً هدايا تكاد تكون مخفية، وتكمن في القلب وحيث تعيش روحك، ثم تنكشف هذه الهدايا في أوقات مختلفة. إنها بحاجة إلى مخرج. وهنا يأتي دور الولع الشديد: إذا لم تعتنِ بها وتسمح لها بالازدهار، فإنها ستلحق الضرر بك وبعائلتك ومجتمعك، لأن هذه الهدايا تُمنح للمشاركة.
*متى بدأتِ تدركين أنّ الشعر يمكن أن يمكّن السكان الأصليين؟
-بدأتُ العمل في المجتمعات الأصلية المحلية، في مجال العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. أتذكر أنني شاركت بالكثير من الاجتماعات واستمعتُ إلى شهادات كبار السنّ من السكان الأصليين الذين تحدثوا ببلاغة كبيرة. لقد كانت مليئة بالتاريخ والشعور العميق بالروحانية. تشاهد كل هذه المظالم التي مرّت بها شعوبنا وتبدأ في التفكير، بحلول الوقت الذي أصل فيه إلى نهاية حياتي، أريد أن يُنظر إلى السكان الأصليين على أنهم بشر. من المثير أن أكون في هذه المرحلة من حياتي وأن أشاهد هذا الازدهار. الشعر جدّ إنساني. لقد سافرت إلى بلدان في جميع أنحاء العالم، والشعر هو لغة الروح. وفي بلدان أخرى، يتمتع الشعر بمكانة الموسيقى الشعبية، فهو يحمل روح الناس.
*ما هو الشيء الذي يساعد الشعر على رواية القصص؟
-إنه مثل أي فن: يمكنك أن تأخذ قطعة فنية، أو قصيدة، وتربطها بالقانون الهندي الفيدرالي. هناك قصة في كل شيء. أحبّ ذلك عندما أكون في مجتمعنا ويكون لدى شخص ما هذا التوجه الفلسفي حول معنى كلمات معينة وكيف أصبحت على هذا النحو. بعض القصائد يمكن أن تكون قصائد قصصية، وقصائد أخرى يمكن أن تنتزع منها لحظة ما وتفتحها.
*كيف تطور عملكِ، أو تغيّر طول مسيرتك المهنية؟
-أودُّ أن أقول إنّ هناك اتساقاً. أحاول أن يكون اتساق في الجودة والحرفية هناك. لكنني أتطلع دائماً إلى التحسّن، يمكنني دائماً التعلّم. من المهم، كونك إنساناً، أن تكون دائماً منفتحاً على التعلم؛ كلما تعلمت أكثر، عرفت أن هناك المزيد مما لا تعرفه. لكنه متغيّر: نحن دائماً في حالة تغير مستمر. بدأ شعري كقصائد من صورة واحدة، لأنني كنت أكتب الشعر ومعي طفلان صغيران، وأعمل وأذهب إلى المدرسة؛ كانت القصائد أقصر بكثير. ثم صارت طويلة، حين كبر أطفالي وغادروا المنزل، بدأتُ فجأة في كتابة هذه القطع الطويلة الشبيهة بالنثر.
*هل كان هناك أي شعراء محليين أثروا حقاً في عملك؟
-كنت اتطلع دائماً إلى ليزلي مارمون سيلكو، وأحببتُ شعرها. وهي معروفة أكثر بقصصها وكونها روائية رائعة. فهي تذهب إلى برنامج القانون الآن، وهذا منطقي، لأنه إذا نظرت إلى شعرها، فإنها تستخدمه في الحديث القانوني كأداة كشف الأكاذيب.
*هل يجب أن تكوني في بيئات معينة لتكتبي شِعرك؟
-إذا فعلت ذلك، ربما لن أنجز الكثير. ولأنني نشأتُ مع أطفال، تعلمتُ الكتابة بغض النظر عما يدور حولي. الأفضل هو النهوض والكتابة دون تفكير. لقد تعلّمتُ الكتابة على متن الطائرات. أقوم بتدوين كثير من الملاحظات. أكتبُ في المجلّات أو على جهاز الحاسوب الخاص بي. أغنّي وأعزف خطوطاً من اللحن في مذكراتي الصوتية. إنّها عملية مستمرة.
 *حصلتِ مؤخراً على تكريم كونك شاعرة الأمة الأمريكية. ماذا تعلّمتِ من هذه التجربة؟
-لقد جاء تكريمي في تقاطع جدّ قوي بين أشياء كثر. كانت لدينا أشياء مرعبة حقاً تحدث في حكومتنا، ثم كانت الاعتبارات العنصرية هناك، والحظر بسبب كوفيد، وقرار ماكجيرت، الذي أثّر بشكل مباشر على الجميع في الدولة الهندية، لكن بشكل خاص محمية موسكوجي كريك. من خلال هذه الأوقات، تحوّل الناس حقاً إلى الشعر، وأصبحت أرى نفسي كمدخل. كوني أول شاعرة من السكان الأصليين تفوز بجائزة شاعر الأمة، فقد أظهرتنا كبشر. كان مشروعي "الأمم الحية، الكلمات الحية" هو اظهار أنني لستُ الشاعرة الأصلية الوحيدة، بل هناك كثير منا. كان ذلك مهماً. كنت أرغب بالحصول على خارطة رقميّة يمكن للناس الوصول إليها. لقد اخترت خارطة لا تحتوي على حدود أو كلمات عمداً، فهي خارطة للمياه والأرض لا غير. اختار الشعراء الأصليون قصائدهم وأين تمّ وضعها، فبعضهم كان بعيداً عن أوطانه، وبعضهم الآخر كان في أوطانه.
*ماذا تقدمين من مشاريع الآن؟
-أشتغل على مسرحية موسيقية، وأعمل على موسيقى جديدة. لقد عثرتُ على غيتار رائع حقاً في متجر موسيقى في مكان ما في أوهايو أو كنتاكي، لذا فأنا أعزف عليه. أريد أن أبدأ الرسم. لقد كنتُ أفكر في نباتاتنا ومدى فائدتها، وفي تفاعلاتنا معها، لذلك أريد أن أطرح رأيي الخاص بشأنها. وأنا أعمل دائماً على القصيدة. لديَّ كتاب آخر قابل بعنوان "اصطياد الضوء" من مطبعة جامعة ييل. ومن ثم العمل في منظمات المجتمع، ومحاولة المساعدة في تعزيز الفنون في مجتمعنا. أنا أيضاً أمٌّ لعائلة كبيرة أيضاً، وهذا ما يجعلني مشغولة.