ما علاقة الوشم بسرطان الغدد اللمفاويَّة؟

علوم وتكنلوجيا 2024/06/10
...

 جين كريستنسن
 ترجمة: بهاء سلمان

وجدت دراسة سويدية صلة محتملة بين الوشم ونوعا من السرطان، يسمى سرطان الغدد الليمفاوية، لكنها تدعو في النهاية إلى مزيد من البحث حول هذا الموضوع، ويقول خبراء السرطان إن «العلاقة المحتملة مبالغ فيها».
ويقول الباحثون من جامعة لوند إنهم «رغبوا بإجراء الدراسة، لأنه لا يعرف سوى القليل عن الآثار الصحية طويلة المدى للوشم، على الرغم من شعبيته المستمرة»، ففي الولايات المتحدة وحدها، ما يقرب من ثلث الأشخاص لديهم وشم واحد على الأقل، حسبما وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2023.
وشملت الدراسة ما يقرب من 12000 شخص في السويد؛ ومن خلال السجلّات السكانية، حدد الباحثون كل شخص تم تشخيص إصابته بسرطان الغدد الليمفاوية الخبيثة بين عامي 2007 و2017، ما يقرب من 3000 شخص، وقاموا بمطابقتهم مع مجموعة من نفس الجنس والعمر، الذين لم يصابوا بالسرطان.
سرطان الغدد الليمفاوية الخبيثة هو سرطان الجهاز اللمفاوي، وهو جزء الجسم الذي يساعد على محاربة الجراثيم والأمراض. وتشمل عوامل الخطر المعروفة ضعف الجهاز المناعي الناجم عن المرض أو الاضطرابات المناعية مثل الإيدز، والالتهابات مثل فيروس إبشتاين بار، والعمر والتاريخ العائلي للمرض. ويمكن أن يؤدي التعرض لبعض المواد الكيميائية، مثل المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب أيضا إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى التدخين السلبي.
أسئلة محددة
في العام 2021، أرسل مؤلفو الدراسة استبيانات إلى الأشخاص الذين حددوهم، يسألون عن بعض عوامل نمط الحياة، التي قد تزيد من خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان وعما إذا كان لديهم أي وشم.
وحتى بعد أن أخذ الباحثون في الاعتبار الأشياء المعروفة بتأثيرها على خطر الإصابة بالسرطان مثل التدخين والعمر، وجدوا أن خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية الخبيثة كان أعلى بنسبة 21 بالمئة بين أولئك، الذين لديهم وشم واحد على الأقل. هذه النتيجة ليست سوى ارتباط، وليست رابطا مباشرا، لكن مؤلفي الدراسة أكدوا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتوضيح هذا الاستنتاج.
ولدهشة الباحثين، لم يجدوا أي دليل يشير إلى أن الخطر يزداد مع تغطية جلد الشخص بمزيد من الوشم.
«نحن لا نعرف حتى الآن لماذا كان هذا هو الحال. لا يمكن للمرء إلا أن يتكهّن بأن الوشم، بغض النظر عن حجمه، يؤدي إلى التهاب منخفض الدرجة في الجسم، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى السرطان. بالتالي فإن الصورة أكثر تعقيدا مما كنا نعتقد في البداية،» كما يقول «كريستل نيلسن»، الأستاذ المشارك في قسم الطب المهني والبيئي في لوند، والذي ساهم في البحث.
ولم يتم إعداد الدراسة لأجل تحديد العلاقة بين السرطان والوشم، إن وجدت، لكن الخبراء متشككون. ويقول الدكتور «تيموثي ريبيك»، عالم الأوبئة في معهد دانا فاربر للسرطان، الذي لم يشارك في البحث: «يعد الاستنتاج «مبالغا فيه حقا». لو كنت أنا من يبحث في هذه الدراسة، ولو كنت أنا المؤلف، لقلت إن الاستنتاج هو أنه لا يوجد دليل على وجود ارتباط قوي.

دراسات ونتائج
وأشار إلى إن البيانات قوية، لكن عوامل الخطر الرئيسية للأورام اللمفاوية لا توجد في الوشم. «أود أن أقول أن الرسالة هنا يجب أن تكون: نحن في الواقع لم نتعلم الكثير حول ما إذا كان الوشم مرتبطا بالسرطان أم لا، وإذا كان علي أن أتوصّل إلى نتيجة، أود أن أقول إن البيانات تشير إلى عدم وجود ارتباط.» وأوضح بأن دراسة أصغر حجما أجريت عام 2023 حول العلاقة بين الوشم والأورام اللمفاوية أو سرطان الدم لم تجد أيضا أي خطر متزايد؛ مشيرا إلى أن تقدير المخاطر المضافة بنسبة 21 بالمئة يأتي من النماذج الواردة في الدراسة الجديدة، لكنه ليس ذا دلالة إحصائية.
وقالت الدكتورة «كاثرين ديفنباخ»، مديرة برنامج سرطان الغدد الليمفاوية السريري في مركز بيرلماتر للسرطان التابع لجامعة نيويورك، إن بعض الأشياء المتعلّقة بالدراسة غير منطقية. «ما لا يبدو منطقيا بالنسبة لي هو سبب عدم وجود علاقة بحجم الوشم. ليس من المنطقي حقا بالنسبة لي أنه إذا كانت هناك استجابة مناعية أو سامة، فإن الوشم الأكبر لم يكن له أي تأثير اطلاقا على وجود إرتباط. هناك الكثير من الأسئلة التي لدي عن هذه الدراسة.»
وقالت ديفنباخ إنه لم يسبق ان تم سؤالها عن العلاقة بين الوشم والسرطان، لكنها شاهدت تقارير إخبارية حول البحث الجديد. «أعتقد أن الناس يشعرون بالتوتر الشديد بشأن شيء، يعد بمثابة دراسة مبكرة يجب التحقق من صحته.»
ويتكهّن مؤلفو الدراسة بأنه إذا كان الوشم يزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية الخبيثة، فقد يكون أحد الأسباب هو وجود مشكلة في الحبر نفسه؛ فغالبا ما يحتوي حبر الوشم على مواد كيميائية تعتبر من المواد المسرّطنة، بما في ذلك المعادن والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات.
مادةٌ مقلقة
وقد أظهرت دراسات سابقة أن الحبر يمكن أن ينتقل أحيانا عبر الجسم، ويمكن أن تعلق جزيئات صغيرة في العقد الليمفاوية، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية. ووجدت دراسة أخرى أن حبر الوشم يمكن أن يغير بشكل طفيف أجزاء من خلايا الدم، التي تتواصل مع الآخرين، ولكن من غير الواضح ما إذا كان لذلك تأثير على الصحة.وتظهر الدراسات أن حصول العدوى تعد نادرة تماما بعد الوشم. وفي العام 2023، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية مسودة توجيهات لصانعي حبر الوشم وموزعيه لمساعدتهم على التعرّف على متى قد يكون الحبر ملوّثا، بعد أن تلقت الوكالة تقارير عن أحبار ملوّثة وسحبت بعض الشركات تلك الأحبار. وستقوم إدارة الغذاء والدواء الأميركية بتسجيل الشكاوى ضد هذه الصناعة والتحقيق فيها، لكنها لا تنظم الممارسة أو الأحبار المستخدمة في الوشم لأنها تعتبر إجراء تجميليا.
ويقول نيلسن إن مجموعته ستبحث فيما إذا كان الوشم مرتبطا بأنواع أخرى من السرطان أو الأمراض الالتهابية، مثل التهاب المفاصل والذئبة وإرتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. ويشير ريبيك إلى أن هذه الأنواع من الأبحاث قد يكون من الصعب على الجمهور تفسيرها.
وهو يساعد في تشغيل موقع متخصص تديره الحكومة، يهدف إلى مساعدة الناس على فهم ما الذي يسبب السرطان وما لا يسببه. وقد سأل البعض عن الوشم، ولكن البحث لا يظهر أي صلة حقا، كما يقول.ريبيك: «أود أن أقول إننا لا نعرف الكثير حقا، ولكن لا يوجد دليل قوي على أن الوشم سيسبب السرطان».

وكالة سي أن أن الاخبارية