ملابس النساء رفضاً وقبولاً

منصة 2024/06/12
...

 بغداد: نوارة محمد

كابوس الملبس الذي يُلاحق النساء العراقيات يتجدد كلما ارتفعت درجات الحرارة، وفي واقعنا العجيب تعاني كثيرات من سلاطة الآراء الاجتماعيّة التي تفرض عليهن ما يلبسن وسرعان ما يشرع الآخرون بإطلاق الأحكام على الشرف وما يتعلق بالعفة نسبة لما يرتدينه، تزداد شمس فصل الصيف الحارقة صعوبة وحرارة.
تقول هبة الجاف إنّ "أمي ترفض أن أرتدي قمصانا ذات أكمام قصيرة، وتجد أن من المخزي أن تظهر الفتيات أيديهن وحين أشرح لها مدى صعوبة أن ترتدي الواحدة منا الملابس الثقيلة (الطويلة) الخاصة بالمحجبات تتعقد الأمور وأصبح عاهرة في نظرها ونظر المجتمع وربما لا أحد يتقدم لخطبتي لاحقاً وهذا يؤثر في شرف العائلة وسمعتها، لأن الأخلاق ترتبط بطريقة العيش هُنا، وهي مرتبطة ايضا بشكل وطريقة ارتداء الملابس."
مع التحولات الاجتماعية والسياسية والمنعطفات التي تمر بها البلاد خصوصا بعد عام 2003 تحول شكل المجتمع نوعاً ما في العراق الى مجتمع إسلامي وهو يتأثر بالأحكام الدينيَّة، كما تقول ليلى السعدون: يجدر بنا الاشارة الى امتزاج الدين بالسياسة بعد 2003 والذي أثر كثيراً في المجتمع بصورة عامة وأثر بشكل على طريقة حياتنا كنساء، حتى أن الرقابة لم تعد محصورة على الأهل أو الأوصياء من الأسرة فقط، الأمر تعدى ذلك وأصبحنا بمجتمع يعد المظهر الخارجي مقياساً للعفة والأخلاق الحميدة.
وتضيف السعدون، وهي ناشطة حقوقيَّة: لكن هذا يختلف بحسب البيئة فالتفاوت المناطقي والطبقي يمارس دوراً آخر واختيار الملابس بالنسبة للنساء تختلف بين منطقتي المنصور والشعب ببغداد، وهذا يختلف من محافظة لأخرى أيضا "وتعلق هبة الله" أخرج من بيتنا في الحرية بمظهر المحجبة، وما أن أعبر حدود المنطقة أخلع الحجاب واضع الشال في حقيبتي والملفت أن الجميع يفعلن ذلك، فمرة علّق سائق التاكسي، (اخذي راحتك) فبناتي يفعلن الشيء ذاته كوننا نسكن منطقة الثورة ببغداد.
أما سارة قيس فتشير الى أن الحرج والتقييد يطال المرأة في المناطق الشعبيَّة بغض النظر عمّا ترتديه!، إنهم ينظرون الينا مثلما لو أننا نرتكب خطأ فادحاً لحظة خروجنا من المنزل بشكل لا يناسب عادات المدينة، وإذا ما صادفت رجلاً كبيراً في السن فإنّه يرمقني بنظرة اشمئزاز كوني غير محجبة وارتدي بنطالاً وهذا يجعلني غير مستوفية للشروط المناطقيّة.
في المقابل، فإنّ بعض العوائل العراقيّة لا مشكلة لديها مع الحريات الشخصية وهي تسمح للأبناء باختيار شكل الزي الذي يرغبونه لكنهم محكومون بعادات يفرضها المجتمع.
وتقول إيمان الحسن إنّ "فصل الصيف يمر علينا بشق الأنفس، نحن النساء، فالملابس المريحة غالباً ما تكون خفيفة وقطنيَّة وبعضها بأكمام قصيرة، وغير مبطّنة الأمر الذي يجعلها غير مناسبة للتجوال وهذا أمر آخر يجعلنا لا نتصرّف بأريحيَّة خصوصاً ان شكل الزي الذي نرتديه يمارس دوراً لا يستهان به على سلوك الإنسان بصورة عامة."
ومن زاوية أخرى في الحياة ترى آية عماد أنّنا أصبحنا أكثر انفتاحاً على العالم في السنوات الأخيرة، وصار من الطبيعي أن تضع النساء صورهن على منصّات التواصل الاجتماعي ويعبرن عن آرائهن، ويعملن.
وتتابع بالقول إنّ: التزمت الديني لا يزال واضحاً والالتزام بالعُرف الاجتماعي قائماً ويمارس دوراً واضحاً لكن الأمر ليس بهذا التعقيد فمع الانفتاح على العالم بفضل "السوشيال ميديا" والفضاء الرقمي صرنا أكثر تقبّلا لحياة المدينة ورغم التدخلات الخارجيّة في ما يخص الزي وطريقة العيش لكن التفاؤل موجود للخلاص من عقدة البيئة والمجتمع.