باحثون: الغناء البغدادي يتغير حسب الأجيال والذائقة

ثقافة 2024/06/12
...

 بغداد: رشا عباس
 تصوير: نهاد العزاوي

{رحلة مع الغناء البغدادي} عنوان الندوة الحوارية، التي أقامتها منصة فولكلور في بغداد مدينة الابداع الادبي– اليونسكو باستضافة الباحثين حيدر الحيدر وفلاح الخياط والمطرب حسين السعد والعازف ناظم الاصيل.
الندوة قدّمها الباحث التراثي عادل العرداوي عرض فيها لمحة تاريخية وثائقية عن الغناء العراقي البغدادي واستعراض أبرز رواده، وهي محاولة لاستذكار تلك الشخصيات العاشقة للفن والاحتفاء بهم.

لمحةٌ تاريخيَّة
"أاهل بغداد حسب ما سمعنا من أساتذتنا وأهلنا كانت ذائقتهم تميل إلى الأغنية الدينية، الذي أسسها الموسيقار الراحل ملا عثمان الموصلي المتمثلة بالابتهالات وغناء المواليد وحفلات الختان، وفي بداية 1910 بدا التمهيد لظهور المقام العراقي والأطوار الريفية والأصوات الغنائية، منهم مسعودة العمارتلي وحضيري ابو عزيز وداخل حسن وغيرهم بعدها قدَّم إلى بغداد الأخوان صالح وداود الكويتي اللذان كانا لهما الفضل الكبير في تأسيس الأغنية البغدادية، وتغير نمطها من حيث اختيار الشعراء والثيمة اللحنية والمقدمات الموسيقية، اذ يعدان الانطلاقة الحقيقيـة فـي تــأسيس المدرســة البغدادية"حسب الاكاديمي حيدر الحيدر.  وأشار الحيدر في حديثه إلى فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، وكيف كانت أصوات الرعيل الأول من مطربات العراق منهم مسعودة العمارتلي وسلطانة وصديقة الملاية وعفيفة سكندر وزهور حسين وسليمة مراد، قدمن المقام العراقي الذي هو حكرا على الرجال، موضحا تلك الأصوات النسائية كانت إضافة إلى التاريخ الموسيقي. وتابع حيدر مشكلتنا في العقد الثمانيني بسبب الحروب، تغيرت ذائقة الاجيال واختلفت وظهرت  أغنية الشباب والغناء الجماهيري وهنا بدا الشباب يتوجهون إلى الأغنية الهجينة، التي هي مزيج من التركي والخليجي والاجنبي، لكن بقيت الأغنية البغدادية لها روادها وعشاقها موجودة في قلب كل مثقف عراقي عاصر الغناء البغدادي.

وثائق وأرشيف
فلاح الخياط استعرض في الندوة رحلته مع أرشيف وتوثيق أسماء الأغاني ومطربيها وكتابها وملحنيها، فضلا عن مشاركاتهم العربية والمحلية في دفتر ورقي غير مطبوع يحمل تاريخا وإرثا بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي ولغاية الآن، ومن المؤمل طباعة تلك الاوراق في كتاب يكون بمثابة مرجع علمي أو فني يستفيد منها المختصون والباحثون بالشأن الموسيقي.
فلاح يعمل في مهنة الخياطة ويهتم بالشأن الموسيقي، أجاب حول سؤال "الصباح" ماهو الربط بين الموسيقى والخياطة، لاسيما أن أبرز المطربين امتهنوا الخياطة؟ اجاب فلاح قائلا:" الخياط اثناء العمل يدندن بالاغاني ويعشق الكلمات، هنا يكتشف أن لديه صوتا أو موهبة  غنائية.
وعن تسمية الأغنية البغدادية بهذا الاسم كشف الخياط ان الأغنية البغدادية امتازت بالبساطة والسهولة واستخدمت تعابير ولهجة ساكني بغداد، ولم تدخل عليها كلمات ريفية واجنبية ولا حتى الكلمات التي يغنيها أهل المقام، لذلك سميت بالأغنية البغدادية هذا من جهة، أما من
جهة أخرى أنها انطلقت من بغداد ووجدت مكانا لها بين المقام العراقي
والأغنيـة الريفيـة التـي سبقتـهـا.

عشقٌ وطرب
خلال الندوة أطرب الفنان حسين السعد برفقة عازف العود ناظم الاصيل مسامع الحاضرين، بوصلة مقامية وغناء بغدادي اخذ كل من استمع اليهما بعالم جميل وليالٍ تكاد لا تنسى، بعضهم من تذكر رفيق دربه، والبعض الآخر عاد إلى أيام الصبا والحب الصادق وآخرون تحسَّروا على الفن الحقيقي الذي تغير بتغير الأجيال .
من جانبه، بين الباحث رفعت عبد الرزاق محمد أن الأغنية العراقية البغدادية تراجعت كثيرا، وغابت عنها الاصوات المعروفة، لا سيما النسائية وهي ظاهرة اجتماعية وتاريخية لا بد منها،
مؤكدا ما يفرح القلب أن يعود الشباب والمطربون إلى تلك الأغنية، التي باتت تسمع في المنتديات والصالات والنوادي وحتى في الجلسات الخاصة، لما فيها من جمال يعكس مشهدا من مشاهد الزمن الجميل.