أمجد البيروتي
يدرس القيمون على متحف اللوفر الفرنسي نقل لوحة الموناليزا إلى غرفة في الطابق السفلي، وإليكم السبب.
رائعة الرسام ليوناردو دافنتشي التي تحصد سنويًا عشرة ملايين زائر، لا تخلو من الأعداء وهناك من لهم رأي آخر، ويحاولون إزعاج أشهر سيدة في العالم. ففي بداية السنة ألقى ناشطان في مجال المناخ الحساء على الزجاج الذي يحمي اللوحة، وصرخا "ما الشيء الأكثر أهمية؟ الفن أم الحق في غذاء صحي ومستدام؟".
في المعتاد يحصل زوار اللوفر على 50 ثانية للاستمتاع بالموناليزا المعروضة خلف حاجز وزجاج مضاد للرصاص، هذا الزجاج أضيف في الخمسينيات بعد تعرض اللوحة لاعتداء بالأسيد. صاحبة الابتسامة السحرية تحتل حاليًا وسط "قاعة الولايات"، وقد عدّها الكثيرون بأنها التحفة الفنية الأكثر خيبة للآمال في العالم، فعند الاقتراب منها تبدو لوحة صغيرة. وأن الملكة الأخيرة لفرنسا ماري أنطوانيت كانت على حق، حين وصفتها بأنها "صغيرة جدًا، وداكنة جدًا". ورغم ذلك فالحشود الضخمة والمساحة المحدودة في المعرض تجعل من الصعب التمعن بلوحة السيدة ليزا لاجوكوندا "أسمها الأصلي".
في مواجهة هذه المشكلة، يقترح مدير المتحف الباريسي لورانس دي كار وضع تحفة دافنتشي في مكان منفرد لتحسين التجربة. "نقل الموناليزا إلى غرفة منفصلة قد ينهي خيبة أمل الجمهور. القاعة الحالية غير مواتية، لذلك نشعر بأننا لا نقوم بكامل واجب استقبال الزوار بشكل صحيح".
تخصيص مساحة جديدة للوحة "الموناليزا"، سيريح جارتها لوحة "زفاف في قانا" لباولو فيرونيزي، التي لا تنال ما تستحقه من اهتمام بسبب نجومية السيدة الفلورنسية.
وفي تصريح لصحيفة "لوفيغارو" قال فنسنت ديليوفان، كبير أمناء اللوحات الإيطالية من القرن السادس عشر، "فكرنا في الأمر لفترة طويلة، ولكن هذه المرة اتفق الجميع على القرار". ولم يتوان عن هذا التعليق الصريح "إنها غرفة كبيرة، والموناليزا موجودة في الخلف، خلف زجاجها الأمني، لذا فهي تبدو للوهلة الأولى وكأنها طابع بريدي. أراد ليوناردو دافنتشي إقامة تبادل بصري بين اللوحة والشخص الذي يتأملها".
قد يبدو الأمر جيدًا، لكن المبادرة ستتضمن تغييرًا هندسيًا كبيرًا، يتمثل بفتح مدخل جديد وبناء غرفتين جديدتين في الطابق السفلي تحت الفناء المربع لمتحف اللوفر. ستقيم الموناليزا في إحداهما، ما قد يساعد في تخفيف زحمة الطابور الذي يطول في المعتاد أمامها. هذا الحل، قد لا يروق للحكومة الفرنسية، التي تحاول عصر نفقاتها، إذ ستبلغ تكلفة هذا المشروع ما يناهز 500 مليون يورو. لكن مدير المتحف السيد دي كار واثق من الموافقة "علينا أن نتقبل مكانة اللوحة كأيقونة عالمية، وهو أمر خارج عن سيطرتنا".
قد ترتاح الموناليزا في غرفتها الخاصة من حسد جارتها "زفاف في قانا" ومن التلطيخ، لكن متاعب من نوع آخر لا تزال تلاحقها. يجب أن نعلم أن هناك نسخة ثانية طبق الأصل تُعزى أيضًا إلى دافنتشي إنها لوحة "أيزلورث موناليزا". لقد حصلت على هذا الاسم بعد أن اشتراها عام 1913 تاجر الأعمال الفنية هيو بلايكر المقيم في أيزلورث غرب لندن. اللوحة التؤام تبدو فيها لاجوكوندا أصغر سنًا ويقول البعض إنها تبدو أكثر سعادة من شقيقتها في اللوفر.
بعد وفاة بلايكر، بيعت اللوحة عام 1947 لجامع التحف الفنية الأميركي هنري بوليتزر، الذي كرس معظم حياته لمحاولة إثبات أنها من أعمال دافنتشي. حتى أنه كتب كتابًا عن مزاعمه بعنوان "أين الموناليزا"؟
بعد بوليتزر، استحوذت على اللوحة مجموعة أشخاص كتموا أسماءهم، وأودعوها في قبو بنك سويسري لمدة 40 عامًا.
حالياً اللوحة الثانية تعرضها "مؤسسة الموناليزا" التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها، في مدينة تورينو الإيطالية داخل معرض للفنون الجميلة تحت عنوان "الموناليزا الأولى". عنوان جريء، لكن "مؤسسة الموناليزا" مطمئنة إلى كنزها، وجويل فيلدمان، الأمينة العامة للمؤسسة قالت لصحيفة "التايمز" البريطانية "لقد أثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك أن ليوناردو رسم اثنتين من الموناليزا، ونحن نملك النسخة الثانية". وتدعي المؤسسة أن نسخة "أيزلورث" اكتملت قبل عقد من النسخة الموجودة في متحف اللوفر.
وهي تعاونت مع علماء، مثل جون أسموس، في جامعة كاليفورنيا، الذين أجروا اختبارات جزموا بعدها بقوة أن ريشة الفنان نفسه رسمت "الموناليزتين". ومع ذلك، البعض غير مقتنع، وبرأي البروفيسور مارتن كيمب، خبير تاريخ الفن الذي يحظى باحترام واسع في جامعة أكسفورد، نسخة "أيزلورث موناليزا" ليست من أعمال دافنتشي رائد عصر النهضة، بدليل أنها رُسمت على القماش، بينما من المعروف أن ليوناردو كان يرسم على الأسطح الخشبية فقط. تعرضت الموناليزا لاعتداءات عديدة من الجمهور