أدب الرحلات في أمسية كربلائية

ثقافة 2024/06/30
...

  كربلاء: صلاح حسن السيلاوي

احتفى نادي الكتاب في كربلاء بتجربة الأديب علي لفتة سعيد عبر أمسية تحدث فيها المحتفى به عن موضوعة {الرواية وأدب الرحلات} أدارها القاص حمودي الكناني وحضرها جمع من مثقفي وجمهور الثقافة في المدينة.
ابتدأ الكناني تقديمه للأمسية مثنيا على تجربة سعيد وتنوعها بين مجالات القصة والرواية والمسرح والشعر والنقد، مشيرا إلى مدى اخلاص المحتفى به للكتابة الادبية.
ثم ابتدأ سعيد بالحديث عن تجربته الابداعية على مستويات متعددة انطلاقا من علاقة تلك التجربة بسنوات طفولته الاولى والبيئة الثقافية والاجتماعية المؤثرة على تفتح موهبته الكتابية ، وفي حديثه عن موضوعة أدب الرحلات والرواية تطرق إلى الفرق بينهما.. مبينا علاقة أدب الرحلات بتقنيات السرد من جانب والحقائق التوثيقية التي عليه أن يقدمها من جانب آخر لافتا إلى أن ذلك الأدب وعلى الرغم من ارتباطه الوثيق بالسرد، إلا أنه لا يتمتع بميزات الرواية التي تعتمد على المخيلة وطريقة إنتاج لا تمتاز بها كتابات أدب الرحلات، تلك الكتابات التي تعتمد على المشاهدة والالتزام الكلّي بالوقائع والحقيقة والأسماء والأماكن، فضلا عن الحقائق التاريخية.
وذهب المحتفى بحديثه إلى اتكاء أدب الرحلات على المعلومات التاريخية وما دونته الكتب أو المعلومات الشفاهية المتوارثة عبر الأجيال، بالإضافة إلى ما توفره شبكات التواصل الاجتماعي، والتركيز على الأهمية المكانية ومعالمها، التي تتطلّب منه الالتزام الكلّي من الكاتب بما شاهده وسمعه وقرأه.
وبيّنَ سعيد أن الرواية تتمتع بالقدرة على خلق عوامل مخيالية غير موجودة في الواقع، ويمكن أن يستفاد منها في جعلها رواية مخيالية، وإن كانت واقعية، وأن الكاتب فيها غير ملزم بالسياقات الزمنية والمكانية، وبإمكانه التغيير والتبديل والاستعانة بالأسماء والتقنيات السردية الأخرى.  موضحا أن الكاتب في الرواية يستطيع أن يغير، لأن ما يهمه ليس الحقيقة المعاشة، بل الصراع الأدبي والتفعيل الدرامي للنص من خلال الالتزام بمعايير الانتاج السردي على العكس من أدب الرحلات الذي قد يعتمد على سرديات الحكي والمروي.
وتحدث سعيد عن تجربة الشاعر باسم فرات بوصفها تجربة متميزة في عالم أدب الرحلات، مشيرا إلى نجاحه وأنه شاهد عيان يدون ما يراه، ويضيف من عندياته رؤية سردية. وفي كلامه عن مشاريعه الكتابية في هذا المجال أكد سعيد على نيته في إنتاج كتاب عن رحلته إلى تونس ليس بوصفها رحلة مشاهدات عيانية وتاريخية للأمكنة، بل بوصفها تفعيلا للسرد وصراعاته، بالاستفادة من المكان وما حصل فيه كواقع وحقيقة ومفارقات، والبحث عن بواطن الشخصيات والتفاعلات التي تحدثها المشاركات في المهرجانات، بمعنى أن الكتاب لن يلتزم بشروط الرحلة العيانية فحسب، بل سيكون السرد هو الفاعل الرئيس في انتاج الكتاب.
وأجاب سعيد على أسئلة مدير الجلسة عن تعدد كتاباته والتزامه بالأدب الذي وجد نفسه فيه، وقال: إني ولدت لأكتب.. البحث عن الذات عن تعويض النقصانات التي نعيشها والتي ولدنا وهي معنا ونحملها.. وتعدّد الكتابات صارت مثل ايقونة، هنالك من يسأل والأمر بسيط جدا، ثمة من يملك أكثر من موهبة وبإمكانه الكتابة في كلّ شيء، بينما هناك نضوب أو عدم القدرة على الإنتاج في أكثر من جنس فيتحجج بالتخصص. ثم ذكر سعيد أن الكثير من الشعراء والنقاد الذين كانوا يدعون إلى  التخصص أصدروا بعد ذلك روايات والبعض من الشعراء مثلا أصبحوا نقادا، وهناك نقاد من الذين يصرخون بالتخصص كتبوا قصصا ومجاميع شعرية وروايات. الأمر بحسب تعبيره هو اكتشاف الذات للتعويض والتمرد على الواقع، وليس من اجل الكتابة، ودعا الذين ينتقصون من تعدد كتاباته إلى قراءة المنجز الذي يكتبه ليدخله في خانة النقد وليس الوقوف أمام الأغلفة والتندر. مشيرا إلى أنه حقّق حضورا عربيًا، وثمة كتب تحدثت عن تجربته فعدت ذلك التنوع في كتاباته غنى وإيجابية.
وقال أيضا إن "الكثير من الأدباء عبر التاريخ هم علماء طبّ وفلك، وهناك الكثير من أدباء القرن العشرين لهم أكثر من اهتمام في الإنتاج الفني والأدبي، وقد نجحوا في ذلك". داعيا إلى عدم التفكير فقط  بتعدد المنجز بقدر الاهتمام بالمنجز نفسه.
ثم فتح باب المداخلات التي أسهم بتقديمها كل من الشاعر صلاح السيلاوي والدكتور عدنان المسعودي والباحث عبد الهادي البابي.