الهوية الثقافيَّة

ثقافة 2024/07/09
...

 وليد خالد الزيدي


قضية حفظ الهوية الثقافيّة لكل بلد من بديهيات العمل المؤسساتي والأوساط غير الحكومية في المجتمعات ذات الإرث الفكري والمنجزات الحضارية، لكونها ذات أهمية بالغة لاسيما حينما تسعى إلى تخليد رموزها التاريخية ليتفاعل ابناء المجتمع معها واعتبارها احدى سمات الابتكار وصنع الانجاز وتنويع صور الإبداع وما تمثله من سمة ثقافية تعتز بها تلك البلدان وتفتخر ما بين الأمم لدرجة أن تضع لها برامج وخطط لمساهمة مواطنيها في صياغة تلك الهوية والحفاظ عليها من التشويه والضياع والاندثار.

لا يمكن غخراج العراق من دائرة البلدان التي تخطط لإبراز خصوصياتها الثقافية وتضعها في اطار قضية دعم التراث والآثار والعمل على تفعيل برامج إعادة إحيائها باعتبارها كنوزا نفيسة، لاسيما وأن بلدنا يمتلك خصوصية فريدة في هذا المجال لكونه صاحب أكبر إرث حضاري. 

وإذا كان لابد من التطرق إلى تلك القضية فمن الانصاف أن نذكر جهود وزارة الثقافة والسياحة والآثار لإظهارها عبر تعميم مسؤولية ذلك على كل الاطراف الحكومية وغير الحكومية والتأكيد عليها خلال الاحتفال السنوي بيوم التراث الثقافي العربي الذي نظم مؤخرا في بغداد بناء على قرار جامعة الدول العربية كجزء من مهام الوزارة في صياغة أسس حماية التراث والحفاظ عليه وإعادته الى الواجهة، ليكون خريطة طريق تسير عليها الأجيال اللاحقة وتستفيد منها في التعرف على المنجزات التي توارثها 

الأجداد عبر عهود ماضية.

ومن المهم أن نذكر مشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني والمهتمين بالتراث والفنون في هذا الاحتفال، فضلا عن مبادرات أصحاب المتاحف الشخصية الذين تفاعلوا بالحضور فيه وكانوا من ضمن اطار الجهات الداعمة لإثارة هذا الملف ورفع صوت العقل في التعامل الايجابي مع رموز الثقافة باعتبارها أحد عوامل تقدم ورقي البلد فضلا عن الاهتمام الشعبي بها حيث فتح القائمون على المتحف الوطني العراقي أبوابه وقاعاته أمام الحاضرين ليعيشوا أجواء الدعوة وإدراك خطورة إهمال الغاية منها باعتبارها قضية اجتماعية لا تقع مسؤولية تجسيدها على الجهة القطاعية الرسمية فقط، إنما على كل أبناء المجتمع لما تمثله من موروثات رافدينية تحاكي انجازات حضارة العراقيين جميعهم بكل فئاتهم 

ومكوناتهم.

ولغاية ابراز هوية الآثار العراقية سواء كانت شواخص ماثلة أو مدونات مكتوبة أو لقى اثارية منحوتة أو مخطوطات مرسومة لابد من معرفة مدى أهمية الحفاظ عليها إذا كانت داخل المتاحف أو حتى خارجها في المواقع الاثارية، فهي تراث وطني وعالمي له تأثيراته على كل الثقافات الإنسانية، وما لفتت اليه الوزارة ايضا المبادرة الحكومية لإنشاء متحف جديد في بغداد يتناسب مع مكانة العراق الثقافية وعمق إرثه وتجسيد حي لإبراز هويته ليكون محط انظار المتابعين من الداخل والسياح القادمين من الخارج وواجهة حضارية لكل ابناء المجتمع.