أحمد عبد الحسين
في تسعينيات القرن الماضي، حين كان العراق محاصراً، كان النظام يحرص على الحضور في الفعاليات الثقافية العربية ومعه صورة العراق المسكين الجائع لجلب تعاطف العرب إليه، وهو تعاطف كان يريده النظام زيادة في رصيده.
مهرجانات عربية كثيرة كانت تحضر فيها ثقافة العراق مشوّهة كالحة فيها رائحة صدام ورهط حكمه، واستمرأ العرب هذه الصورة وأحبوا هذه الرائحة العطنة فأدمنوها ولا يستطيعون حتى الآن فكاكاً منها.
أبرز هذه المهرجانات التي كان صدام فيها حاضراً بقوة، مهرجان جرش في الأردن، وأمس وقع بين يدي ـ بالصدفة ـ برنامج مهرجان جرش الذي سيقام في الأردن أواخر هذا الشهر “تموز”. وبدافع الفضول أردت معرفة حضور الشعر العراقي في هذا المهرجان، فوجدت أنَّ أربعة شعراء عراقيين سيمثلون الشعر العراقي فيه، أحدهم وهو الصديق الشاعر عبد الرزاق الربيعي سيحضر بوصفه شاعراً عمانياً ولهذا فهو خارج الحساب، أما الثلاثة الآخرون فهم كلّ من:
ـ سعد حسين “لا أعرف عنه شيئاً، وسألت عنه أصدقاء شعراء فلم يعرفوا عنه أيّ شيء”. وأرجو ممن يعرف عن هذا الشاعر إفادتي به وبما يكتب.
ـ علي حسن الفواز، رئيس اتحاد الأدباء، واستغربت من حضوره شاعراً فهو معروف كناقد ورئيس اتحاد.
أما الشاعر الأخير فهو العجب العجاب، واحد اسمه محمد نصيف، سألت عنه بعض الأصدقاء الشعراء فتكرّم عليّ أحدهم بإرسال سيرة ذاتية له منشورة على الإنترنت “تجد رابط سيرته العطرة في تعليق”. يذكر “الشاعر” محمد نصيف في سيرته مفتخراً ومتباهياً ما سأذكره نصاً كما ورد في سيرته:
ـ حضور دائم في مهرجان الوفاء السنوي لإحياء ذكرى الرئيس الشهيد صدام حسين “رحمه الله”.
ـ حضور دائم في مهرجان أربد لإحياء ذكرى الرئيس الشهيد صدام حسين “رحمه الله”.
أنا أسأل بعيداً عن أهمية الذوات المذكورة أسماؤهم هنا:
أهذا هو الشعر العراقيّ؟ أهؤلاء هم ممثلوه حقاً؟ ولمَ على أدبائنا، وأعضاء اتحاد الأدباء بالذات أن يكونوا حاضرين في محفلٍ ثقافيّ لا يكون العراق حاضراً فيه إلا مشوّهاً؟ لمَ يشتركون في أمسيات مع زبانية صدام من الشعراء بدعوى تمثيل شعر العراق؟ هل تستحقّ سفرة سياحية لعدة أيام وإقامة في فندق والتقاط بعض الصور مع المشاهير هذا الذلّ: أن أشارك الصداميين تمثيل الشعر العراقي؟
أكتب هذا وأعرف أنْ لن يأبه أحد، ولن يهتم أحد.
مهرجان جرش سيعقد وسيكون الشعر العراقي العظيم ممثلاً بهذه النماذج، وسيستمر الجرش ودوران المجرشة التي نصحنا المرحوم الملا عبود الكرخي بأن نكسرها و”نلعن أبو راعيها”.