نحو خطاب وطني موحد

آراء 2019/06/14
...

حمزة مصطفى
لماذا هذه الدعوة؟ بل قل ماهو الجديد فيها؟ أليس “صار لنا” 16 سنة ندعو الى مثل هذا الخطاب؟ ومن 16 أيضا نعلن رفضنا للمحاصصة بكل أنواعها, ونرفض أي خطاب طائفي أو عنصري. ألم نؤسس وزارات ومستشاريات ولجان لكل أنواع المصالحات والمصارحات؟ ألم تجوب وفودنا كل أصقاع الدنيا التي حصلت فيها مشاكل وأزمات لكي نستفيد منها ونطبقها وبالتالي ننتهي من خطاب المكونات والأعراق والطوائف والأديان والقبائل والعشائر والأفخاذ نحو خطاب وطني موحد ؟
نعم فعلنا ذلك. هل نجحنا؟ أعتقد لا والدليل إننا الآن وبعد أن أصبح لدينا خطاب دولة موحد يمثله الرؤساء الثلاثة للجمهورية (برهم  صالح) وللوزراء (عادل عبد المهدي) وللبرلمان (محمد الحلبوسي) لم ننجح في صياغة خطاب وطني موحد.
لكن ماهي مواصفات خطاب الدولة الموحد الذي أدافع عنه؟ لوعدنا الى الوراء وخلال عهد الرئاسات السابقة للعراق جمهورية وحكومة وبرلمانا كان الغالب على خطابنا السياسي الخارجي الطابع المكوناتي. بمعنى أن الرئاسات الثلاث السابقات وبسبب تعقيدات المشهد الداخلي والخارجي مع وجود إحتكاكات معروفة بين بعضها البعض حالت دون إنتاج خطاب الدولة. فرئيس الجمهورية كان يعامل خارجيا بوصفه ممثلا للكرد لا للعراق والأمر نفسه ينطبق على رئيسي الوزراء والبرلمان. ولذلك لم يكن ينظر للعراق كدولة على أن لها مستوى من التأثير في القرار الإقليمي والدولي حتى بالقياس الى دول تعد من الدول الوظيفية في المنطقة وليست تلك التي تقوم بأدوار.
الآن  إختلف الأمر الى حد كبير بإتجاه نضج خطاب الدولة بحيث بات كل من رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان يتخطون على صعيد الخطاب الخارجي التمثيل المكوناتي لتمثيل البلاد كلها. هذا التطور اللافت بات ينعكس على دور العراق على صعيد الأزمات التي تعصف بالمنطقة بصرف النظر عن طبيعة الإشكاليات المتصلة بها.
وبالمقارنة مع خطاب الدولة الذي يمثله الرؤساء الثلاثة فإن الكتل والأحزاب والقوى والنخب الإعلامية والفكرية لم تنجح حتى الآن برغم المحاولات الى إنتاج خطاب وطني موحد. ربما هناك من يسال وهل يتحمل رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان مسؤولية عدم إنتاج خطاب وطني برغم إنهم نجحوا ـ 
كما أزعم أنا ـ بإنتاج خطاب دولة؟ الجواب نعم  يتحملون جزءا من هذه المسؤولية على صعيد كونهم جزءا من الطبقة السياسية التي يمثلونها في النهاية والتي صعدوا بموجبها الى مسؤولياتهم السيادية. لكن بالقياس الى تعقيدات المشهد السياسي الداخلي ومن خلال مراقبتنا الدقيقة لأدائهم فإنهم ليسوا من العقبات الرئيسية على أي صعيد من أصعدة بناء الدولة لا على صعيد تشريع القوانين  برلمانيا أو تنفيذها حكوميا بل حتى على صعيد إكمال الكابينة ولا حماية الدستور.
هل هناك طرف يتحمل المسؤولية دون باقي الأطراف سواء كان كتلة أوحزب او تحالف أو زعيم؟ لا بالتأكيد. وهذه إشكالية أخرى لأن توزيع المسؤولية على الجميع بهذا القدر أوذاك يضيع دم أي خلل 
بين القبائل.