الفكر العراقي وصراع القوميَّة والأمميَّة

ثقافة 2024/07/21
...

  بغداد: نوارة محمد 


تحت عنوان "الزعيم" صّدر مؤخرا الجزء الأول من ثلاثية رواية "الزعيم" لعلي بدر، عن دار المدى للنشر والتوزيع. 

ويقول علي بدر عن هذه السلسلة، إن: الجزء الأول من ثلاثية الزعيم التي حملت عنوان "خرائط وأسلحة" تناولت فيه حياة الزعيم اليساري عبد الكريم قاسم، وهو الأكثر شعبية في التاريخ العراقي السياسي الحديث منذ ولادته في العام 1914 حتى قيامه بالثورة على النظام الملكي في العام 1958 وإعلانه الجمهورية العراقية. 

هذا الجزء غّطى الفترة الكولونيالية مع بداية احتلال الجيش البريطاني لبغداد وإعلانه تأسيس العراق الحديث، ومن ثم الفترة الملكية بكل ما عليها بدءا من بناء مؤسسات الحكم والشخصيات السياسية والعائلية من أبناء الأعيان الذي شيدوا النظام السياسي الملكي في العراق بالتوافق أو بالتعارض مع الامبريالية العالمية لهيمنة الشركات الرأسمالية وصولا للتعاون مع القوى العسكرية التي اصطدمت أكثر من مرة على أرض العراق. 

ويتابع: عّمدت في هذه الرواية إلى تسجيل اللحظات المؤسسة للفكر العراقي مثل ظهور الفكر الماركسي للمرة الأولى إلى البلاد، وشيوع الفكر الليبرالي بين رجال الحكم، فضلا عن هيمنة الفكر النازي في الاربعينيات على ضباط الجيش الأمر الذي أدى إلى انقلاب العام 1941 المؤيد لألمانيا النازية وزيارة السياسيين العراقيين لهتلر في مقره في وكر الذئب في شرق بروسيا.  

ويؤكد أن "هذه الرواية ترسم بشكل حي دخول النزعات القومية والأممية في الصراع الذي دام فترات طويلة وعلى خلفيته تأسست حركات الشعر الحر، وولدت الرواية، وظهرت جماعات الفن الحديث في بغداد، وهذا التاريخ ليس معزولا انما هو ممزوج مع الفكر العالمي والموسيقى العالمية والمعمار العالمي وكل ما يخص التاريخ من ثورات وحركات أدبية وفنية وسياسية". بوادر فكرة هذه الرواية لم تكن وليدة اللحظة بحسب علي بدر، فهو يرى أن هناك تناقضا كبيرا فيما يُطرح في تاريخ الكتب المدرسية والذي تروج له "الميديا" الحكومية وبين التاريخ الشفاهي المُشاع بين عامة الناس، الذي ينتقل عبر الاجيال، "منذ طفولتي شعرت بالتناقض بين التاريخ المدرسي أو ما نتعلمه في الدارس أو التاريخ الرسمي المكتوب والمعبر عنه عبر الميديا الحكومية من جهة ومن جهة أخرى التاريخ الشفاهي، أي ما يتناقله الناس ومنهم عائلتي عن الاحداث التاريخية والشخصيات السياسية وأجهزة الحكم بشكل عام. و

شعرت دوما أن الناس لا تقيم وزنا لما موجود في التاريخ الرسمي المكتوب والمعبر عن مصالح النخب السياسية المرتبطة بقوى الاستعمار العالمي أو القوى الفاشية المحلية، وهنالك تأريخ آخر أشبه بالتاريخ السري تتداوله العائلات في المطابخ، وينقل إلى المجتمع عبر صالات الاستقبال مع الضيوف. وقمت مبكرا بالبحث في الصحف القديمة عن الاخبار الهامشية والمهملة من دعايات الموضة إلى دعايات المطاعم، إلى دعايات السينمات والسيارات باعتبارها علامات حقيقية لنشأة المدينة الحديثة في العراق وترتبط بشكل وثيق مع السيرورات السياسية والتاريخية، فعمدت إلى المقابلات الشفهية، إلى الصحف والمجلات، إلى الكتب الإدارية، وإلى كل ما هو ثانوي وهامشي لكتابة تاريخ يتحدى التاريخ الرسمي ويتحدى الرواية الرسمية المعترف بها من قبل قوى السلطة سواء الاستعمارية أو المرتبطة بها من سلطات محلية.  

ويوضح بدر أن "الجزء الثاني من ثلاثية الزعيم سيصدر في نهاية هذا العام، وهو يحمل عنوان (رومانسيون وعسكر) سيغطي حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، الجمهورية الأولى من العام 1958 عام الثورة إلى عام 1963 عام الانقلاب على الثورة ومقتل الزعيم قاسم في مبنى الإذاعة وإلقاء جثته في النهر. وهذا الفصل الأكثر احتداماً ودرامية في الرواية حيث يجسد الصراع بين القوى السياسية في العراق الذي أدى إلى انقلاب دموي رهيب، قتل فيه آلاف اليساريين على يد اليمينيين القوميين والضباط الفاشيين في العام 1963 بمساعدة أجهزة الاستخبارات العالمية". وينهي بدر حديثه "لكن الجزء الثالث وعنوانه (أمم وأقاليم)، تناول الفترة الزمنية من العام 1963 إلى العام 1991، ويصور هذا الجزء الآثار التي انتجتها ثورة تموز أو معارضتها على الأجيال اللاحقة، حيث ينقسم المجتمع كل عام في يوم 14 تموز إلى مؤيد أو معارض للثورة ويحتدم النقاش بين الجماهير الشابة، وتصور الرواية شابين عراقيين يدرسان التاريخ في جامعة كولومبيا يدرسان التاريخ وحين يعودان إلى بغداد يحتدم النقاش بينهما على تعريف البلاد وتعريف الثورة وتعريف الانقلاب، والبحث عن الأسباب التي أدت إلى الانتكاسات والهزائم والانكسارات الوطنية".