«الفيب» إدمانٌ جديدٌ يُهدد حياة الشباب

بانوراما 2024/07/31
...

 شيلدون ريد

 ترجمة: فجر محمد

يحسب العديد من المراهقين أن التدخين الالكتروني خال من اي مضار صحية. وهناك اعتقاد سائد بينهم بأن بخار النكهات الذي يشتمل على نكهات مختلفة يساعد على الاسترخاء. ولهذا هناك من يظن أن الفيب (التدخين الالكتروني) مناسب وملائم للأعمار الصغيرة وشائع جدا. وهكذا اصبح عادة شائعة وعلى نحو متزايد بين الشباب. ووجد استطلاع اميركي أن العام 2021 شهد استخدام اكثر من مليوني طالب مدرسة السيجارة الالكترونية وما زالوا يستخدمونها. وتعد هذه السيجارة اكثر شيوعا بين الطلاب من نظيرتها التقليدية ومنتجات التبغ الاخرى.

لكن لم يفكر أحد منهم أن استخدام السجائر الالكترونية واجهزة (الفيب) الاخرى يؤدي إلى إدمان النيكوتين وتعريض الجسم لسموم خطيرة.

تتضمن عملية التدخين استنشاق البخار من السيجارة إلى الأنبوب الإلكتروني إلى قلم الفيب وأحيانا من خلال جهاز آخر مشابه للادوات السابقة. هذه الارقام مثيرة للقلق بالنسبة للعاملين في المجال الصحي، لأن مخاطر التدخين الالكتروني حقيقية للغاية. فالغبار الخارج من أجهزة الفيب يحتوي على النيكوتين المادة الكيميائية المسببة للادمان والمؤثرة في تطور عقل المراهق. كما أن البخار المستنشق من السيجارة الالكترونية، ترافقه مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية يتنفسها المدخن، وبعضها سام. 

يجد مستخدمو الفيب صعوبة كبيرة في الاقلاع عن التدخين. ورغم مخاطره الصحية، إلا أن اعراض التراجع عن التدخين يمكن ان تدفع المدخن إلى الاستمرار بهذه العادة.

ولكنَّ هناك طرقا للتأقلم على ترك الدخين والتخلص من عادة الفيب. فمن أجل الحفاظ على الصحة يمكن الرجوع إلى المعلومات وخطوات الدعم والاستراتيجيات الصحيحة لمكافحة التدخين، ولكن للأسف يتم الترويج التجاري للسجائر الالكترونية مقابل نظيرتها الورقية التقليدية ويصفها المروجون بأنها أكثر أمانا من الورقية.


سمومٌ خطرة

نتيجة للترويج للسجائر الالكترونية على انها بديل اكثر أمانا من التقليدية، بدأ البعض باستخدامها ظنا منهم أنها ستقلل المخاطر المرتبطة بالتدخين. وبملاحظة أن رذاذ السجائر الالكترونية يمكن ان يحتوي على مواد كيميائية فيها نسب سُمّية متفاوتة من دخان السجائر التقليدية، لكن هذا لا يعني ان التدخين الالكتروني يخلو من المخاطر الصحية.

وفقًا لدراسة قامت بها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، فإن ما يقرب من 99 بالمئة من السجائر الإلكترونية تحتوي على مستوى معين من النيكوتين، ولا يتم الكشف عنه دائما.  

يعد النيكوتين عاملا خطرا لرفع معدل ضربات القلب ويخيل للمدخن أنه يمنحه نشوة مؤقتة. ولكن سواء كان ذلك بسبب التدخين الإلكتروني إلى الورقي، فإن النيكوتين يسبب الإدمان بدرجة كبيرة ويرفع من خطورة الاصابة بأمراض خطيرة. ورغم لجوء العديد من الأشخاص للتدخين في البداية للتخلص من القلق إلى الاكتئاب، إلا أنهم سرعان ما يكتشفون أن الإدمان يمكن أن يتطور ويتعاظم خطره، ويؤثر سلبًا في مزاجهم وصحتهم.

فعندما يتوقف المدمن على النيكوتين عن تعاطيه لفترة طويلة، قد يبدأ بالشعور بأعراض تراجع نسبته من الجسم. ويمكن أن يشمل ذلك الشعور بالاكتئاب إلى القلق كذلك عدم التركيز إلى الانفعال. ولهذا يلجأ المدخن إلى التدخين الالكتروني لتقليل تلك الاعراض. ثم يتكرر الامر، لأن إدمان النيكوتين لديه سيطرة قوية على صاحبه. اذ يمكن أن يؤثر النيكوتين على الدماغ فيقوم بإضعاف مناطق في الدماغ تكون مسؤولة عن التعلم والتركيز والمزاج والتحكم بالانفعالات. والمعروف عن الدماغ بأنه يستمر في التطور لغاية منتصف العشرينيات من العمر، ثم تهاجمه مؤثرات النيكوتين وتحجم نموه وتؤثر سلبا في انطلاق خلاياه للعمل. وهكذا قد يكون للتدخين عواقب كثيرة على المدخن اذ تؤثر على مستقبله الدراسي فضلا عن حياته الاجتماعية. كما ان التدخين له تأثير على المزاج، وبالتالي ينعكس على علاقة المدخن بأصدقائه والمقربين منه.

بالاضافة إلى النيكوتين، فإن الرذاذ الخفيف الذي يطلق من الفيب يعرض المدخن إلى مواد كيميائية أخرى تضر بالصحة. إذ يمكن أن يتشكل الفورمالديهايد، وهو مادة مهيجة ومسرطنة محتملة، عند تسخين سائل التدخين. ويمكن للمواد الكيميائية مثل الأكرولين، وثنائي الأسيتيل، وثنائي إيثيلين جلايكول أن تلحق الضرر بالرئتين وكفاءتهما. ويمكن أن يؤدي التدخين الإلكتروني أيضا إلى تعريض الجسم لمعادن حارقة، مثل القصدير والرصاص والنيكل والكادميوم.

كما ان التدخين الالكتروني قد يشكل مخاطر لم يكشف الباحثون عنها إلى الان. في العام 2019، تم تحديد الشكل الصناعي لفيتامين (إي (باعتباره السبب المحتمل وراء تفشي إصابات الرئة بين مستخدمي السجائر الإلكترونية. كما وجدت دراسة أجريت في العام 2021 عن رذاذ وسوائل التبخير أنه يوجد نحو 2000 مادة كيميائية سلبية غير معروفة.


امراض خطيرة

من جهة أخرى، تشير العديد من الدراسات إلى ان التدخين الالكتروني يمكن ان يؤثر في صحة الفم. اذ يتداخل النيكوتين مع تدفق الدم في اللثة، ويغير بخار السجائر الإلكترونية من هيئة وشكل بكتيريا الفم؛ ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض اللثة، التي تصاحبها أعراض عدة، منها تورم ونزيف اللثة، وصعوبة المضغ، وصولا إلى قلع الأسنان، فضلا عن رائحة الفم الكريهة.

كما يظهر بحث جديد أن مستخدمي السجائر الإلكترونية يواجهون خطرا متزايدا للإصابة بمقدمات امراض السكري والرئة، مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن. ومع تدخين السيجارة الالكترونية والورقية تزداد المخاطر الصحية. وقد وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يدخنون كلا النوعين من مصادر النيكوتين يزيدون بشكل كبير من احتمالية اصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية. 

هناك عدة اسباب للتوقف عن التدخين الإلكتروني، لكن التخلص من هذه العادة قد يكون امرا متفاوت الصعوبة. فقد يتمكن المدخن من تجنب السجائر الإلكترونية لمدة يوم واحد؛ قبل الاستسلام لرغبة العودة إلى التدخين. ومن ثم، يصاحب ذلك الارتفاع لمستوى النيكوتين شعور بالخجل والندم. وبعد الفشل المتكرر في الإقلاع عن التدخين، وقد يشعر المدخن بالعجز والإحباط والانزعاج. لكن ادمان النيكوتين أمر يعاني منه الكثير من الناس. ومع ذلك، فإن اتباع آلية مدروسة واستراتيجية لمعالجة الإدمان والعادات المرتبطة به يمكن أن يحدث فرقا كبيرا على الحالة الصحية للمدخن.


محفزاتٌ متعددة

يجب ان يضع المدخن اسباب الاقلاع عن التدخين نصب عينيه. إذ أن الإقلاع عن السجائر الإلكترونية له فوائد متعددة. ولذلك من المفيد ان يدون الشخص الدوافع وراء اقلاعه عن التدخين. مثلا يكون الدافع هو الرغبة بتوفير المال عوضا عن انفاقه على شراء مكملات الفيب. إلى ربما الرغبة بتجنب الاصابة بالتأثيرات العقلية والجسدية للادمان. قد يحسن الاقلاع عن التدخين علاقة المدخن بأسرته ووالديه ويؤدي إلى تحسن حياته الاجتماعية بصورة عامة. إن وضع قائمة بالاسباب التي تدفع الشخص لترك التدخين سيساعده للبقاء على ذات المسار وعدم العودة لهذه العادة من جديد. كما إن قوة الإرادة تدفع لتحديد موعد محدد للاقلاع عن التدخين، والتحرر من الفيب، وذلك بتحديد يومين من الاسبوع ليبقى الشخص ملتزما وقويا. وعلى هذا يجب ان لا يختار الشخص يوما مرهقا للغاية، مثل يوم امتحان مهم إلى عمل شديد، ولهذا يمكن ان يبدأ بالاقلاع عن التدخين عندما ينجز عمله ويحقق نهايته. وهناك خطوات توضع للبدء بالامر ومنها تحديد المحفزات اي المواقف التي تزيد من رغبة الفرد في التدخين الالكتروني والاستعداد لتحمل ضغطها. على سبيل المثال قد يؤدي شم رائحة الدخان الالكتروني إلى مشاهدة الاصدقاء وهم يدخنون إلى زيادة الرغبة بالعودة إلى التدخين. كما ان الاعلانات التجارية التي تبث عبر الانترنت إلى التلفاز تدفع الشخص إلى شراء السيجارة الالكترونية. ويمكن ايضا أن يؤدي الضغط الناتج عن الاستعداد لمقابلة عمل إلى زيادة الرغبة بالتدخين. 


خطوات الاقلاع

ينصح الشخص الذي يتعرض لصعوبات معينة في تحديد محفزات الاقلاع عن التدخين، أن يحتفظ بمذكرة يسجل فيها المعلومات الخاصة برغبته في العودة للتدخين، مثلا متى بدأت ومع من كان موجود. وبمجرد معرفة المحفزات، سيتمكن من تجنبها إلى التقليل منها.

كما أن من الخطوات الاولية الواجب اتباعها هي التخلص من اي مكملات الفيب وكذلك ملحقاتها سواء كانت موجودة في حقيبة الظهر، إلى الخزانة، إلى السيارة فضلا عن الغرفة.  

واذا كان أحد أسباب التدخين الالكتروني هو الضغط الاجتماعي، فمبقدور الشخص الابتعاد عن ذلك النوع من الاصدقاء، إلى إفهامهم برغبته في الاقلاع عن هذه العادة. وإذا حاول شخص ما إجباره على العودة إلى التدخين الإلكتروني مرة أخرى، فما عليه سوى الرفض بطريقة مهذبة، علما ان الصديق الجيد سيحترم حدود الآخرين.

اما عندما يتعلق الامر بالمحفزات العاطفية التي تستند على المشاعر، سيحتاج الشخص تعلم طرق جديدة للتعامل معها، فعندما يعاني من الوحدة والملل يمكن ان يستخدم اسلوب التعاطف مع الذات والحديث الايجابي مع النفس لتحدي الخوف والقلق. كما ينصح بالانخراط بنشاطات تلائم اهتماماته وهواياته فضلا عن الاشتراك بنشاطات تطوعية. كما ينصح بممارسة التأمل والتنفس العميق.

وعلى من يرغب بترك التدخين ان يتجنب المسؤوليات الكبيرة والتفكير المفرط، واخذ قسط من النوم والاهتمام بالطعام وتناول الصحي منه تحديدا. ويجب ان يمارس الراغب بالاقلاع عن التدخين، النشاط البدني بانتظام لتحسين حالته المزاجية وكذلك عليه أن يحاط بالاصدقاء وافراد الاسرة ليشعر معهم بالامان، فضلا عن الحصول على المساعدة اذا كان يعاني من الارهاق بسبب الافكار السلبية.

إن أعراض تراجع النيكوتين هي مشاعر غير مريحة قد تظهر بعد وقت قصير من الإقلاع عن التدخين الإلكتروني. ولكنها تستمر لأيام إلى أسابيع وهذا امر طبيعي يجب ان يعرفه من اتخذ هذه الخطوة.

يجب أن يعرف من ترك التدخين أنه من الممكن أن يواجه أعراض تراجع نسبة النيكوتين في الجسم، منها الرغبة الشديدة في تناول الطعام ولكنها من الممكن ان تستمر لبضعة دقائق، كما قد يتعرض الشخص لصعوبة التركيز وزيادة القلق والارق كما يمكن أن يصاب بالصداع،  والجوع. ولهذا ينصح الشخص باللجوء إلى عوامل لتشتيت الانتباه منها الاستماع إلى الموسيقى إلى اللعب مع حيوان أليف إلى لعبة فيديو كلما شعر برغبة في التدخين واستخدام الفيب.

كما يمكنه أن يمارس رياضة الركض ولفترة قصيرة، إلى ركوب الدراجة مع القيام بتمارين الضغط إلى القفز بدلا عن التدخين. من الممكن أن تشغل هذه النشاطات صاحبها عن التدخين وفي الوقت نفسه تحسن من حالته المزاجية وتنشط بدنه. 


عن موقع 

هيلب كايد الالكتروني