الأشد سخونة على الأرض منذ بداية العصر الجليدي

علوم وتكنلوجيا 2024/08/05
...

 ساره كبلان
ترجمة: أنيس الصفار

وفقاً للبيانات الأوليَّة الصادرة عن أهم مرصدٍ للمناخ في أوروبا فإنَّ درجات الحرارة على كوكب الأرض قد حققت أعلى حدٍ مسجلٍ لها تاريخياً في يوم الأحد 21 تموز الماضي، وهي دلالة أخرى مقلقة على الكيفيَّة التي يدفع بها التغير المناخي الناجم عن ممارسات الإنسان كوكبنا الى منطقة جديدة خطيرة.
فقد أظهرت النتائج التي أعلنتها «خدمة كوبرنيكوس للتغير المناخي» أنَّ متوسط درجات الحرارة لعموم الكوكب في يوم 21 تموز قد بلغ 17,09 درجة مئويَّة، وهذا يحطم الرقم القياسي المسجل في العام الماضي. جاء هذا اليوم التاريخي في أعقاب 13 شهراً متتالية من درجات حرارة غير مسبوقة وأشد الأعوام سخونة على الإطلاق برأي العلماء.
صرح «كارلو باونتيمبو» مدير خدمة كوبرنيكوس في بيان نشره: «نحن الآن قد دخلنا بالفعل منطقة مجهولة لم تطأها قدمٌ من قبل، ومع استمرار درجات حرارة المناخ بالتصاعد حقَّ لنا أنْ نتوقع استمرار تحطيم الأرقام القياسيَّة في الأشهر والسنوات المقبلة».
يوم الأحد لم يتخطّ اليوم السابق الذي كان يحمل لقب «أسخن يوم عالمياً» إلا بمقدار طفيف، لكنه رغم هذا كان أسخن بشكل ملحوظ من أشد الأيام سخونة خلال الفترات الزمنيَّة التي سبقت. فقبل تموز 2023 كان متوسط درجات الحرارة اليوميَّة على الأرض - المسجل في آب 2016- هو 16,8 درجة مئويَّة. لكن متوسط درجات الحرارة العالمي في السنة الماضيَّة تخطى الرقم القياسي القديم على مدى 57 يوماً.
لم يبدأ العلماء بتتبع درجات الحرارة على نطاق العالم إلا في القرون القليلة الماضية، لكنَّنا مع ذلك نملك سبباً وجيهاً للاعتقاد بأنَّ يوم الأحد المذكور كان الأشد سخونة على الأرض منذ بدايَّة العصر الجليدي الأخير، أي قبل أكثر من 100 ألف عام مضت. وتشير أبحاث علماء المناخ القديم – الذين يستعينون بحلقات الاشجار وأخذ عينات من المقاطع الجليديَّة ورواسب البحيرات وغير ذلك من المواد الموغلة في القدم لرسم تصورات تساعدهم على فهم البيئات في تلك العصور الغابرة – الى أن درجات الحرارة المسجلة الأخيرة كان من المستحيل تحققها على مدى الحقبة الزمنيَّة الجيولوجيَّة الأخيرة.
الحرارة القياسيَّة التي سجلت يوم الأحد أمكن تحسسها في جميع القارات تقريباً. ففي آسيا تعرضت مساحات شاسعة من الأرض لنهاراتٍ لاهبةٍ وليالٍ شديدة الحرارة الى حدود الخطر. وفي غرب الولايات المتحدة أدت درجات الحرارة المرتفعة الى إشعال حرائق غابات خرجت عن السيطرة، وفي معظم أنحاء القارة القطبيَّة الجنوبيَّة كانت درجات الحرارة أعلى بحدودٍ بلغت 12 درجة مئويَّة فوق المعتاد، حسب بيانات كوبرنيكوس.
فقد شهد 550 موقعاً في مختلف أنحاء الكرة الأرضيَّة درجات حرارة يوميَّة مرتفعة الى حدودٍ قياسيَّة خلال سبعة أيام فقط، ما بين 17 و23 تموز، وفقاً لما أعلنته المراكز الوطنيَّة للمعلومات البيئيَّة.
هذه الحرارة الجامحة زادت العلماء اقتناعاً بأنَّ السنة الحاليَّة ربما ستكون أشد سخونة حتى من السنة التي سبقتها. وفي تحليلٍ نُشِرَ في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر قدَّرَ باحثون من مؤسسة «بيركلي إيرث» لعلوم المناخ غير الربحيَّة أنَّ العام 2024 أمامه فرصة نسبتها 92 % لتسجيل رقمٍ قياسيٍ جديدٍ للحرارة السنويَّة، إذ يكاد يكون من المحقق أنْ يتجاوز متوسط درجات الحرارة لهذه السنة مستويات ما قبل الصناعة بمقدار 1,5 درجة مئويَّة، وهذا يتخطى ما يسميه العلماء عتبة تحمل الاحتباس الحراري.
يقول «أندرو بيرشنغ» نائب رئيس مؤسسة «كلايمت سنترال» غير الربحيَّة للشؤون العلميَّة في رسالة بالبريد الالكتروني: «الأمر المقلق، ولو أنه لن يكون مفاجئاً، بلوغنا هذه الحدود من الحرارة القياسيَّة هذا العام، لأننا لم نتوقف أبداً عن ضخ المزيد والمزيد من التلوث الكاربوني الى الغلاف الجوي، لذا ستستمر درجات حرارة الأرض بالزحف ارتفاعاً».

عن صحيفة «واشنطن بوست»