«الكاريكاتير الرياضيّ} اختزال الفكرة وعمق المعنى

الرياضة 2024/08/06
...

 رحيم رزاق الجبوري


بالرغم من تعدّد الأحداث والبطولات الرياضيَّة التي يمارسها الرياضيون العراقيون، وتفاعل الأوساط والجماهير الرياضيَّة معها، بالسلب أو الإيجاب، إلّا أنَّ هناك لوناً فنياً غاب عن توثيقها وترجمتها بأسلوبه الفريد وحركاته الرشيقة والجميلة والتي تكاد تختصر مقالات وندوات ومؤتمرات لمناقشة إخفاق معين، أو خلل ما، أو إظهار مكامن التفوّق والتميّز والنجاح، أو الدخول في مناكفات ومشاحنات وسجالات الجمهور الرياضي المتعدِّدة والمختلفة. والحديث هنا يندرج عن «فنِّ الكاريكاتير الرياضي»، إذ يعلم الجميع الدور الكبير الذي يضطلع به هذا الفن في إيصال رسائل وأفكار شديدة الوضوح، وعميقة في النقد والتشريح ويطرحها بشكل ساخر وفكاهي بفضل ما يتمتع به من سحر يشد المتلقي إليه. ولعلنا نشهد غياب هذا اللون في صحفنا المحليَّة، وحتى ذوو الشأن نادراً ما تراهم يتفاعلون مع القضايا والفعاليات الرياضيَّة المحليَّة والدوليَّة بريشتهم المشاغبة والمشاكسة. كما أننا نفتقد الرسامين المتخصّصين بهذا المضمار، والمواظبين بشكل مستمرّ على إيصال أفكارهم ورؤاهم في المجال الرياضي كحال القضايا السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الأخرى. 


الأوائل

ولمعرفة المزيد من التفاصيل توجَّهنا لأحد روّاد وعمالقة فنِّ الكاريكاتير، الأستاذ خضير الحميري، وسألناه عن أوّل من مارس هذا اللون من الفنانين العراقيين، فأجاب، قائلاً: «لا يُعرَف بالضبط من هو أول رسام كاريكاتير عراقي اختصَّ بالرسوم الرياضيَّة، إلّا أنَّ الفنان الراحل عبد الحسن عبد علي رسم الكثير في توثيق الأحداث الرياضيَّة، فقد عمل على مدار أربعة عقود في أكثر من مطبوع رياضي». وعن شحِّ وانعدام الغوص من قبل رسامي الكاريكاتير العراقيين رغم كثرة الأحداث والقضايا الرياضيَّة العراقيَّة التي تحفزهم على ترجمتها كاريكاتيرياً، قال: «أعلّق في بعض الأحيان على الأحداث الرياضيَّة، وقد أحشر الرياضة بالسياسة أو العكس، لكني لست مواظباً، باستثناء فترة (2004 - 2005) حين عملت رساماً لجريدة (سبورت تودي) للصديق الصحفي الرياضي علي رياح». 


عوامل ومقومات

وعن أبرز المقوّمات والعوامل التي يجب أن تتوفر في رسام الكاريكاتير الرياضي لكي يكون مؤهّلاً لخوض غمار هذا المعترك، تابع الحميري، بالقول: «الرسم في أيِّ مجال يقتضي المتابعة ومعرفة متطلبات المجال الذي يرسم فيه، وتبدو الرياضة من أكثر الأحداث التي تستحق المتابعة ومعرفة ما يدور فيها وحولها من أسرار وقوانين وكواليس ومصطلحات. كما أنني أعتقد بأنَّ الصحافة الرياضيَّة يجب أن تستقطب بعض الرسامين ليتناولوا الحدث اليومي عراقياً ودولياً».


معرفة واطلاع 

 بدوره أكد رضا حسن رضا (فنان تشكيلي ورسام كاريكاتير) ما طرحه الحميري، بعدم وجود رسامين عراقيين مختصين في هذا المجال، مضيفاً بالقول: «لا يقتصر ذلك على العراق فقط بل حتى في أوروبا وأميركا وغيرهما، فالعديد من رسامي الكاريكاتير يتناولون مواضيع مختلفة فضلاً عن رسمهم المواضيع الرياضيَّة أيضاً، وأنا واحد منهم». ويضيف: «لا بد على رسام الكاريكاتير الذي يريد أن يتخصَّص بمضمار الرسوم الكاريكاتيريَّة الرياضيَّة، أن يكون لديه معرفة واطلاع على قوانين الألعاب الرياضيَّة المختلفة، ويكون ملماً بتأريخها ونشأتها، فضلاً عن مواكبته المستمرة للأحداث الرياضيَّة الجارية».


بوادر الانطلاق

وفي السياق ذاته، يرى أحمد المالكي (مؤرشف ورسام كاريكاتير) أنَّ «الصحف العراقيَّة الرياضيَّة قد أسهمت في نشر أعمال الكاريكاتير التي تخصّ الجانب الرياضي. ومنها (الزوراء الرياضي)، و(مجلة الرشيد الرياضيَّة) في فترة الثمانينيات. ناهيك عن الملاحق الرياضيَّة التي ترافق الصحف، حيث كانت تحمل بين طياتها رسوماً كاريكاتيريَّة». ويضيف أنَّ «أغلب من اشتغل في الكاريكاتير الرياضي، هم: كفاح محمود، ومؤيد نعمة، وفاضل عباس، وخضير الحميري. أما من الجيل الشباب، فقد تناول بعضهم الأحداث الرياضيَّة لا سيما دورة الخليج الأخيرة التي احتضنتها مدينة البصرة؛ بفضل أهميَّة الحدث الكبير وتفاعله من قبل الجماهير العراقيَّة». 


غياب الدعم والرعاية

هذا ويُبدي المالكي أسفه على عدم وجود جهة راعية تهتمّ وتوظف فنَّ الكاريكاتير في العديد من الفعاليات والأحداث العراقيَّة الكبرى، إذ يقول: «لا توجد جهة رياضيَّة في الوقت الحالي تهتمّ في توظيف فنِّ الكاريكاتير العراقي؛ في أن يكون الواجهة الترويجيَّة لأيِّ لعبة، وكذلك الأمر ينطبق على بقيَّة الوزارات والدوائر والمؤسَّسات الحكوميَّة التي أهملت هذا الفنَّ القريب على جميع شرائح المجتمع. والعتب الأكبر بلا شك يكون على نقابة الصحفيين العراقيين التي تناست وأغفلت وهمَّشت هذا الفنَّ المرتبط بالصحافة، وأطلقت عليه رصاصة اللا مبالاة والإهمال المتعمد».


توثيق تاريخي

وبحسب غزال محمد (رسام كاريكاتير) الذي دخل معترك ممارسة فنِّ الرسوم الكاريكاتيريَّة الرياضيَّة، بصحبة عدد من الزملاء، في منتصف ونهاية التسعينيات من القرن المنصرم، فإنَّ «الفنان الراحل غازي البغدادي هو أول من رسم الكاريكاتير الرياضي، وجاء بعده الراحل عبد الحسن عبد علي، في فترة التسعينيات. وفي منتصف هذا العقد ولغاية 2001؛ برزت عدة أسماء مارست، ونشطت في هذا المجال، ومنهم: مجاهد العمري، وخلف محمد، وطالب جبار، وقاسم حسين».