المرصود الإعـلامي

آراء 2024/08/07
...

  د. محمد وليد صالح

 اجراءات الفعل الرقابي تقع ضمن استراتيجيات الاتصال لمتابعة الرسائل الإعلامية اليومية والدورية وتوثيقها عبر مصادرها المحلية أو الاجنبية، سواء أكانت مقروءة أم مسموعة أم مرئية، بهدف التعرف على مواقف الوسائل الناقلة للرسائل حول القضايا المثيرة للجدل، ذات العلاقة بمصالح الوطن أو المؤسسة والمستجدات التي تعالجها، فضلاً عن التصورات، التي يملكها صنّاع القرار في مواقع منافسة لتنويرهم بحسب تخصصهم في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، من أجل تقديم التحليل والتفسير مما يتيح لهم القدرة على الاستنتاج والتنبؤ، بوصف الرصد الإعلامي عملية اتصالية تفاعلية منتظمة وفق أسس ولوائح تشريعية محددة.
وتكون عاملة على تقويم أداء وسائل الإعلام وأهدافها وتحليلها ومراعاة عناصر أو معايير المهنة، وتشمل على تكييف المؤسسات الاجتماعية لتشجيع نشر الأفكار والقيم السائدة في النظام الرأسمالي، لتكون قوة ضاغطة ومؤثرة على القرار والرأي العام، وهذا يتطلب وجود قدر كبير من التمحيص والذكاء في التعامل مع الطوفان الإعلامي والمعلوماتي، ليس من أجل تمييز الصواب من الخطأ والكذب من الصدق فيها، ولكن لتجنب حالة تستدرج إليها المجتمعات والحكومات والمؤسسات العاملة في الاصلاح والتنمية.  ليكون هذا الفعل أكثر إقناعا وقدرة في تحقيق التطور للمجتمع الإنساني عن طريق الجهود الاتصالية والإدارية الممنهجة، لبناء التفاهم المتبادل وتدعيمه، فضلاً عن اعتماد التفاعل المشترك بين الأفراد والجماعات والمؤسسات وحتى الدول والشعوب مع نظيراتها.
والتجربة اثبتت إنَّ ما من إعلام حر ومستقل بالمطلق، فكل أجهزة الإعلام تخضع لنظم رقابية تمارس أشكالاً من التدقيق والحجب على محتوى الرسائل، وتعتمد اغلب النظم الرقابية أشكالاً متعددة سياسية كانت أم قانونية أم اقتصادية، وبدأ قسم من الدول بوضع رقابات غير مباشرة تأخذ صيغ مختلفة ومنها عدم تجديد رخص البث أو حجب ترددات لفرض سياسات توجه الإعلام لأغراض تعبئة الجمهور وتنشئته وتعميق الولاء لدى الأفراد ومواجهة تحديات نظمها.
ما جعلها تحتاج إلى ممارسة وظائف الرصد الإعلامي ومنها متابعة التغطية الإعلامية لوجهات النظر المتنوعة، التي تقدم صورة شاملة للمتلقي لإدراك تفضيلات صورة الحدث من زوايا مختلفة أو رؤى متناقضة، مما يتيح له فهم والقضايا الجارية والشخصيات والأحداث المحتملة بشكل يوفر له القدرة على الملاحظة والتحليل والتفسير والاستنتاج والتنبؤ، وهذه لا تتحقق دونما وجود معلومات كافية ومن مصادر عديدة لفهم المرصود، فضلاً عن معرفة اتجاهات الإدارات وسلوكها وقراراتها المؤثرة على مجريات الحياة العامة وجعلها مستعدة لأي مفاجئة، وتقليل عناصر المخاطرة والتشكك في اتخاذ القرارات.