الأمنيات تحف بنا أن تشهد البلاد حالة الاستقرار السياسي بشكل كلي، بعد وضع اللمسات الأخيرة على قانون المحكمة الاتحادية باتجاه عرضه على مجلس النواب في الأيام القليلة المقبلة بحسب “أعضاء في اللجنة القانونية البرلمانية”.
اذ يتفق الجميع على ان غياب هذا القانون كان سببا مباشرا في اتباع منهج التوافقات السياسية غير الدستورية التي جرت على البلاد الكثير من المشاكل وأسهمت في تعطيل دوران عجلة الحياة. ونقول يحفنا الأمل لأن تشريع هذا القانون ووضعه موضع التطبيق سيحول دون استمرار منطق الاستقواء وسياسات الأمر الواقع. فعلى مدار اثني عشر عاما كانت الخلافات السياسية حائلا دون اقراره، حتى وصل الأمر الى الاعتراض على كلمة أو جملة بهدف التعطيل من قبل بعض الكتل السياسية كلما قدمت مسودة القانون. ولم يعد خافيا حتى على العامة من الناس ان تشريع هذا القانون له أهمية كبيرة في تنظيم عمل المحكمة الاتحادية، ودورها في صيانة الدستور والحفاظ على النظام الديمقراطي في البلاد والحد من الفوضى السياسية والتوافقات غير الدستورية وغير القانونية، وسد النقص التشريعي عند إغفال القوانين لمادة تتعلق بالتشريع.
من جانب آخر وكما هو معلوم، فان مبدأ الفصل بين السلطات لايمكن أن يتحقق في ظل مذاهب وعقائد ومصالح تعبر عن فلسفة الكيانات السياسية المهيمنة على السلطتين التشريعية والتنفيذية من دون تشريع قانوني يضمن الاستقلال للقضاء بوصفه صمام الأمان لنزاهة وتطبيق التشريعات في اطار الدستور. من هنا كانت أهمية هذا القانون الذي وجد فيه البعض قصدية في التعطيل مع عدد ليس قليلا من القوانين الأخرى التي تؤسس للعدالة الاجتماعية وتنظم العلاقات بين الأفراد والمؤسسات والكيانات المجتمعية من قبيل قانون جرائم المعلوماتية وقانون النفط والغاز وقانون التأمينات الاجتماعية بهدف ادامة حالة الارباك والقبول بالتوافقات والحلول الجاهزة، علاوة على أن تأثير هذا القانون سينسحب في مساحة التطبيق لعموم القوانين التي تم تشريعها ولم تدخل حيز التطبيق. ما سيضع عجلة العملية السياسية في طريقها الصحيح ويقلم أضافر بعض القوى السياسية التي اعتادت على التوافقات غير الدستورية، فضلا عن تصحيح مسار الكثير من المعطيات ذات الشأن الخلافي والحد من سياسات لي الأذرع التي اعتمدتها بعض القوى في تحقيق أهدافها على حساب المصالح العامة. الأمر الذي يبشر بمرحلة جديدة تكرس مظاهر الاستقرار الأمني وتسهم في خلق بيئات سياسية واقتصادية واجتماعية صحية.
وعلى هذا نبتهل في كشف كربة التوافقات، بعد وضع اللمسات الاخيرة لهذا القانون وعرضه امام التصويت خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصا وان التصريحات تؤكد اتفاق جميع الكتل السياسية على الصيغة النهائية أملا في التصويت عليه. حينها سنكون ازاء ولادة سياسية جديدة سرعان ما ستنعكس على المشهد الكلي..