كاظم الطائي
في وقت تعد الكثير من البلدان رياضييها لحصاد الأوسمة، وتضع لمساتها التخطيطية على مدى دورتين أولمبيتين أو أكثر، بحسابات دقيقة لصناعة الإنجازات، ولا تفترق عن جدول الترتيب التنافسي مع غيرها من الدول، فإنها لا تقتنع بما نالته في نسخ سابقة، وتسعى لحصاد آخر يبقيها في الصدارة أو مركز يشار له بالبنان، من بين مشاركين يزيد عددهم على 200 دولة.
لم تعد الرياضة للهواية فقط وتمضية السنوات الجميلة في رحابها، بل تحولت إلى مصدر مهم للثروة والاستثمار الكبير في بعض الألعاب، وكرة القدم جلبت الشهرة والمال والأضواء والمتابعات الأكثر في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والمنتديات.
رحم الله الرباع عبد الواحد عزيز صاحب نحاسية أولمبياد روما، الذي لم يجن من نيله الوسام اليتيم ما يوازي ذلك الإنجاز، في زمن كانت فيه الهواية هي السائدة، ولا يطمح الرياضي في تحقيق الفوز والأوسمة سوى إلى التقدير والاهتمام والمجد الشخصي، وإعلاء راية البلد في المحافل الدولية .
الأولمبية الدولية لا تمنح مبالغ وتكريمات لأصحاب الأوسمة، وتكتفي بميداليات معدة لهذا الغرض، وباقة زهور، وتميمة كل دورة، وشهادة تقديرية، لكن الحكومات والجهات المعنية بقطاع الرياضة والشباب في مختلف قارات العالم، سنت القوانين والأنظمة لتكريم الأبطال بما يوازي إنجازاتهم، بعد أن كانت تعتمد على مبادرات وهبات آنية.
في العام 1966 فاز منتخبنا الوطني بكأس العرب بكرة القدم، في البطولة التي أقيمت في بغداد واحتضنها ملعب الكشافة، ومنح رئيس الجمهورية آنذاك عبد السلام محمد عارف ساعات يدوية لبعض اللاعبين، وتطور الحال بعد سنوات، وتحديدا في العام 1976، إلى منح دور سكنية في منطقة العامرية ببغداد لأعضاء منتخبنا في خليجي الدوحة الرابع قبل ختام البطولة، ومنحت سيارات نوع لادا لوفد منتخبنا الشبابي بكرة القدم الفائز ببطولة شباب آسيا في طهران في العام 1977.
وحصل منتخبنا الوطني المتأهل لمونديال المكسيك 1986 على مبالغ مالية وتكريمات أخرى، وقدمت لمنتخبنا الأولمبي الفائز بفضية آسياد الدوحة في العام 2006 وأصحاب الأوسمة، مبالغ مالية بلغت نحو 12 مليون دينار لكل شخص، وكذلك الحال لأبطال الأمم الآسيوية في العام 2007، مع قطعة أراض سكنية وجوازات سفر دبلوماسية، وفي مشاركات أخرى وزعت سيارات وأراض ومبالغ مالية، ولكن حينما يصل الأمر إلى حصاد وسام أولمبي، فإن الأمر سيكون مختلفا، وقد أعلن رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية د. عقيل مفتن، أنه خصص مليون دولار لصاحب الحظ السعيد، فضلا عن تكريمات الحكومة.
لو كانت تلك الرعاية حاضرة في عهد كانت فيه الموهبة عامرة بالإبداع والتميز لمختلف الألعاب، لكانت النتائج أفضل والحصاد يزيد على ما جناه رباع واحد قبل أكثر من 6 عقود .
السخاء الحالي للرياضة وأهلها، لو كان متداولا في عقود مضت لكوكبة أبطال الأمس وتسيدهم البطولات العربية والقارية والعالم العسكرية، لكان الحصاد وفيرا يفوق المتوقع، وعندها لن نتداول ذكرى منفردة تكررت كثيرا، ولسان الحال ينشد إطلالة روما، وكانت كل الطرق تؤدي إليها، أليس كذلك؟.